الثلاثاء، 8 أبريل 2014

قراءة لـ"أ.د. حامد السعيد": حتى بمعايير صندوق النقد لا تصلح الجرعة في اليمن

لدى صندوق النقد الدولي وصفة للإصلاحات السعرية في البلدان النامية توصي بإجراءات إصلاحية مصاحبة ولاحقة للقرار برفع الدعم؛ غير أن حكومة الوفاق، التي تتذرع للشارع بضغوط البنك الدولي وصندوق النقد الدولي لم تلتزم ولا بواحدة من الإصلاحات المصاحبة لا عند تطبيق جرعة 2012 ولا بعدها، مما ترتب عليه زيادة نسبة العجز إلى حدود غير مأمونة التمويل، والأزمة المالية الحالية.
ومن الإجراءات الإصلاحية المصاحبة حسب وصفة صندوق النقد:
1- زيادة الضرائب؛
2- خفض ميزانية الجيش.
3- تقليل وتقنين التوظيف الحكومي.
4-تقليل سعر صرف العملة لزيادة الصادرات وتقليل الواردات مما يساعد في تقليل الميزان التجاري.
5 -تقليل أو وقف الاعتماد في توليد الطاقة بالوقود الثقيل.

لا تصدقوا ذرائع الفاسدين والفشلةواقرؤوا هذه الدراسة الاقتصادية جيدا فهي تعبر عن وجهة نظر أحد أهم خبراء الصندوق نفسه.

عندما يتم تخفيض نسبة الإنفاق و العجز، فان أول ما يتأثر بهذه السياسة هو الدعم العام للمواد الأساسية: كزيادة سعر البنزين, الغاز, الخبز, الكهرباء, والمياه. والسبب هو أن الحكومات لا تلجأ إلى تخفيض الإنفاق الحكومي عن طريق خفض ميزانية الجيش وقوى الأمن العام لأسباب سياسية و أمنية بالدرجة الأولى, بل تتجه إلى تخفيض الدعم عن المواد الأساسية والتي هي الخيار الأسهل في نظر الحكومات.

فزيادة الأسعار التي تؤدي إلى زيادة المعاناة الاجتماعية تولد تعاطف للدول الكبرى مع الدول الفقيرة وبالتالي تكثيف المساعدات.

لكن رفع الدعم وحده لا يكفي لتخفيض العجز الحكومي. لذلك تأتي ثاني وصفة للصندوق وهي رفع أو توسيع دائرة الضرائب لكي تخفض الإنفاق، و تزيد الدخل الحكومي في وقت واحد. مما يتيح لها تخفيض العجز في الميزانية بأسرع وقت ممكن.

وأحيانا يلجأ صندوق النقد إلى تخفيض سعر صرف العملة من أجل زيادة الصادرات وتقليص الواردات, الأمر الذي يساعد في تقليل العجز التجاري, ولكن الدول التي تعتمد على المساعدات والواردات بشكل أساسي مثل الأردن , تواجه مشكلة أخرى ناتجة عن تخفيض سعر صرف العملة: وهي «التضخم المستورد»: أي ارتفاع أسعار المواد المستوردة بالنسبة للمستهلك المحلي, وارتفاع تكلفة الإنتاج بالنسبة للمصنع.

في الواقع, فان خفض الإنفاق الحكومي عن طريق رفع الدعم عن المواد الأساسية يؤدي أيضا إلى رفع الدعم الحكومي عن قطاعي الصحة والتعليم. والذي بدوره يؤدي إلى ارتفاع تكاليف العلاج والتعليم على المواطن.
كما ويطلب صندوق النقد الدولي من الحكومات التي تلجأ إلى مساعدتها بالتوقف عن التوظيف في القطاع العام، وتجميد العلاوات والزيادات, والحد من تقديم الامتيازات للقطاع العام كشرط أساسي لقبوله تقديم المساعدة لهذه الحكومات. لذلك نرى أن صندوق النقد الدولي يفرض الكثير من الشروط التي تؤدي إلى إلحاق الضرر بالشرائح المحدودة الدخل، وأصحاب الرواتب الثابتة.

هذا كله يقود إلى اضطرابات اجتماعية وسياسية كبيرة تدفع بالمتضررين من هذه السياسات، اللجوء إلى التظاهر والاحتجاج في الشارع , كما حصل في الأردن مؤخرا ً.

بغض النظر عما إذا كانت شروط صندوق النقد والبنك الدولي هي فعلا الحل الأمثل لوضع حلول اقتصادية للدول الناشئة ، إلا أن اللوم في حصول هذه الإضرابات وارتفاع نسبة الفقر لا يقع كليا عليهما. وحتى وان كانت هذه السياسات لا تؤدي في معظمها إلى نمو وتنمية مستدامة، فان هذه المؤسسات الدولية تؤمن بأنها تقوم بالدور الصحيح، وأنها فعلا تساعد الدول التي تلجأ إليها, حتى وإن كانت هذه النتائج غير فورية. فالصندوق والبنك لا يعتبران أنفسهما مؤسسات خيرية أو مؤسسات مسؤولة عن معالجة المشاكل الاجتماعية في الدول , بما في ذلك مشاكل الفقر والبطالة وعدم المساواة. بل هما بالدرجة الأولى مؤسسات معنية بالأمور الاقتصادية بغض النظر عن النتائج الاجتماعية. اللوم كله يقع على الدول التي تلجأ للصندوق والبنك الدولي بالأصل. فهذه الدول أساءت إدارة شؤونها الاقتصادية والاجتماعية بالأساس, ثم لجأت إلى صندوق النقد الدولي والبنك الدولي للإعانة المادية والفنية.
في الحقيقة، هذه المشاكل موجودة في هذه الدول من قبل مجيء الصندوق والبنك واللذين دعيا من أجل المساعدة في حل هذه المشاكل بالدرجة الأولى.

أ.د. حامد كامل السعيد
بروفيسور محاضر ورئيس قسم السياسة والاقتصاد في جامعة مانشستر مترو بوليتان,مانشستر,المملكة المتحدة.


عن بلوجر صندوق النقد الدولي

ليست هناك تعليقات:

Disqus for TH3 PROFessional