الأحد، 1 يونيو 2014

ما كتبوه عن جريح الثورة الشهيد تامر الرداعي


وميض شاكر:  علقوا صوره على جدران مكاتبهم وأسوار بيوتهم المتسخة
أيمن نبيل يكتب: اللحظة والسياق عن وفاة/استشهاد ثامر الرداعي
هلال الجمرة : الكهربائي الذي اتخذوا مهنته أداة لتعذيبه
عفراء الحبوري: "تامر" الوحيد الذي عندما يضحك يبكيني
مصطفى راجح:   وحدهم يحق لهم الكلام ومع ذلك يسكتون.. ويموتون
وليد البكس:   أرسلو مبعوث تقصي حقائق إلى جريح الثورة ثم تركوه يموت
أمل باوزير  : هؤلاء قتلتهم حكومة الوفاق وبالأخص صخر الوجيه

Wameedh Shakir وميض شاكر تكتب: ثامر وجهه ثورة
الله ليس موجودا. ليس هناك رسل أو كتب. والأهم من ذلك أنه لا يوجد يوم آخر أو حساب أو جنة أو نار. ذلك ما يؤمن به قطعا- على الأقل- كل من: صخر الوجيه، باسندوة وحميد الأحمر.

لم أعرفك يا ثامر، ولكني رأيت صورك اليوم والبارحة على صفحات الفيسبوك. رأيت في كل صورة لك وجه سعيد ومشرق. رأيت فيهن وجهك الفخور. في الصور، كنت فخورا. لقد كنت فخورا بما قدمت من تضحيات وبما تلقيت من تعذيب وبما عانيت من أﻵم جراحك. كنت فتا يفخر بكونه أحد جرحى الثورة. كنت فتا مؤمنا بالثورة وباليمن وبالله. لكن أولئك الجاحدين أعلاه قد أزعجهم ذلك كثيرا وارسلوك الى حيث يكرهون: الى أيادي الله.

وإن لم يكن في اليد حيلة يا ثامر، فأرجوك ألا تقلق يا عزيزي. وحدها ملامح وجهك الرضية الهانئة رغم الألم قادرة على تحويل حياة الجاحدين الى جحيم دنيوي وأبدي بإذن الله.

انشروا صور ثامر او ارسلوها لبريد الجاحدين او علقوها على جدران مكاتبهم واسوار بيوتهم المتسخة بأرواحهم.
**
مصطفى راجح: وحدهم من يحق لهم الكلام ومع ذلك يسكتون.. ويموتون
الشباب العاديون
الشباب اليمنييون
ثامر الرداعي ورفقته الثائرون
الناس الذين بدون أسماء رنانة ومجلجلة .. الناس غير المعروفين ..
هم من ضحوا آنذاك بأرواحهم ،
هم من حوصروا ..
هم من مزق الرصاص أجسادهم ..
هم من يموتون الآن دونما علاج
هم الأكثر نبلاً وسخاء،
وهم الأقل حضوراً .. وضجيجاً .. وادعاء
الشباب العاديين ..
هم وحدهم من واجهوا ذئاب السفاح
وهم ؛ في طليعة من غرس " المشترك " خناجره في صدورهم
هم وحدهم من تطابقوا مع ذواتهم الخالية من المخاتلة.. هم وحدهم من يحق لهم الكلام.. ومع ذلك يسكتون ...
هم من يستحقون الحياة غير إنهم يموتون !!
بينما يتصدر المشهد " جوف " المرحلة
وبائعوا اليمن وخونة ثورتها.
**
Aiman Nabil
أيمن نبيل يكتب: اللحظة والسياق - عن وفاة/استشهاد ثامر الرداعي
إذا أردنا نَمذَجة الثائر بما هو كائن تاريخي, فإننا لن نجد أفضل من ثامر الرداعي ممثلاً للمتتالية الإنسانية التي تتكرر بعض أجزائها ولكنها لا تجتمع دوماً في فرد واحد: مشاركة في ثورة, اعتقال وإخفاء, تعذيب, عاهة, إطلاق من المعتقل, وفاة(استشهاد) بتأثير إهمال "رفاق الثورة" الانتهازيين واللاأخلاقيين تاريخياً.
ولكن الامر لا ينتهي هنا, فلحظة الوفاة تكثّف المستوى اللاأخلاقي في الفضاء العام اليمني: وفاة ثامر - رئيس الوزراء يعلن عن جامعة للقرآن الكريم بما يقارب سبعة مليون دولار - أزمة مشتقات نفطيّة وشروع حكومي في رفع الدعم عنها - قياديّة في الثورة الشعبية تعيش بانشغال شعاراتي محموم في وضع بلد عربي آخر بصورة مُخجلة, مخجلة في تجاهلها شبه التام لما يحدث للبلاد من كوارث وليس في اهتمامها ببلد عربي - مسؤولة صندوق الجرحى ( التي استبشر كثير من الاصدقاء بتوليها للمنصب قبل فترة ولم نعرف آنذاك ولا نعرف الآن بالتأكيد سر هذا الاستبشار) - لا تزال في منصبها ولم تستقِل حتى اللحظة.
ينبغي علينا ان ننظر لوفاة ثامر ضمن هذا السياق المهم: يموت الانسان من إهمال "أصدقاء فكرته عن الثورة", وأصدقائه هؤلاء هم ذاتهم من يعلنون عن مؤسسة اكاديمية لم نسلم بعد من كوارث مثيلاتها وهم - بالتوازي مع هذا - ينتوون تبني اقذر سياسات الافقار والتجويع, وهم ايضاً من يتشبثون بالوظيفة العامة ويعللون موت انسان ويعلقونه على غيرهم من "الاصدقاء" (وهذا "الآخر الصديق" وضيع ايضاً بالمناسبة, ننصح بقراءة تحقيقات صديقنا محمد العبسي حول جمعيّات رعاية الجرحى ), بحيث ان موته لن يجعل صاحب المنصب يستقيل اعترافاً منه بفشله -وهنا لن نقول "خيانته" - في صون حياة شاب عُذّب لانحيازه لقيمة اخلاقية تتجاوزه لتشملنا جميعاً حتى اصيب بعاهة, مع العلم بأنه/ها اعتلى/ت هذا المنصب بالذات حتى ي/تقوم بمعالجته.
أكمل ثامر بوفاته/استشهاده حلقة النموذج المثالي الذي كنا نقرأ عنه في كتب التاريخ.. هذه اهميّة وفاة/استشهاد ثامر في ذاتها .. ولها اهميّتها الكاشفة حين توضع في السياق العام, حيث نجد بوضوح ان المسألة هي تواجد فرد/شعب في سياق عام لاأخلاقي.
يقول ابن حزم "على من يعمل في العموم ان يتصدّق بنِصْف عرضه!"... لقد حاولنا مراراً ان لا ننشر هذه المقولة في منشور لنا, واجتهدنا في ذلك, ولكن يبدو ان السياق العام ورموزه وخصوصاً "الوضعاء الجدد" .. الوضعاء القادمون بإسم الثورة.. لا يجعلون لنا مندوحة عن ذكرها واعلان موافقتنا لها والتأكيد على سلامتها في الحالة اليمنيّة ... الحالة التي يموت فيها ثامر بينما الوضعاء القدماء والجدد مستمرون في صوغ الفضاء العام بلاأخلاقية تستمد زخمها واصرارها من نفوسهم القذرة.

**

هؤلاء قتلتهم حكومه الوفاق وبالاخص صخر الوجيه



**
هلال الجمرة يكتب: الكهربائي الذي اتخذوا مهنته أداة لتعذيبه
صعقت وأنا أقرأ نبأ وفاة الثائر الجميل تامر الذماري، الذي لا يكف عن ابتسامته حتى وهو في أشد الأوضاع بؤساً ومرارةً وألماً...
تامر محمد رسّام الذماري، لم يمت، بل أستشهد دفاعاً عن الثورة الشبابية السلمية، التي تفجرت في 17 فبراير 2011 ضد نظام علي صالح. لكنه استشهد بعد سنتين ونصف من إزاحة صالح من الحكم، وصعود "حكومة الثورة".
عصر أمس، قضى أجله في مستشفى الكويت، بعد ثلاث سنوات من العذاب، الذي نجا منه بأعجوبة. حينذاك، فشلت عصابة علي صالح في القضاء على واحد من أهم الشهود على جرائمها. لكن اللجنة الطبية في ساحة التغيير، وبعدها حكومة الثورة، أنهتا المهمة: قتلت تامر بشكل مؤلم وبطيء، جراء أهملها لوضعه الصحي.
التقيت بهذا الشاب الخجول، ذو الثامنة عشر، في فبراير 2013، داخل ساحة التغيير، محمولاً على عربة جديدة، قدمها له النائب الكريم والثائر أحمد سيف حاشد، وهو طائراً من الفرحة في أول ساعة له على هذه الدراجة، الذي خففت عنه عناء عامين من سحب جسده على الأرض، منبوذاً من اللجنة الطبية للثورة، مشكوكاً في ثوريته، وقصة اختطافه وتعذيبه بالكهرباء في ملعب الثورة، التي يرويها بألم.
كان عبد الوكيل السامعي يسوق دراجة تامر إلى مكان اعتصام جرحى الثورة، أمام رئاسة الوزراء. بينما تامر يروي لي حادثة الاختطاف المرعبة التي تعرض لها في 24 ديسمبر 2011، خلال مشاركته في مسيرة الحياة القادمة من تعز. وكيف تسببت جلسات التعذيب الكهربائية، التي أخضع لها في تعطل نصفه الأسفل، ولم يتم إطلاقه إلا عندما أيقن الجلادون أنه ميت...
عملية القتل التي فشل الخاطفون في تنفيذها، تبنتها اللجنة الطبية لساحة التغيير، وشركاء التغيير عموماً. فقد استقبل تامر بنبذ، وتشكيك وإهمال، وعندما أوصل إلى المستشفى الميداني لم يحظ بأي عناية صحية، باستثناء "مغذية وقسطرة"، أعطيت له عقب إطلاقه..
كتبت مأساة الكهربائي، وهي المهنة التي كان يكسب منها رزقه ورزق أسرته الفقيرة التي تنحدر من مدينة رداع، إذ اتخذ الخاطفون، التابعون لنظام علي عبدالله صالح، مهنته أداة لتعذيبه.
انشغلت بعد نشر القصة بهموم خاصة، بينما رابط تامر في الاعتصام، وعرفت لاحقا أنه حظي بمنحة طبية، بعد جهد جهيد، ومماطلة وتعسف من قبل حكومة الثورة، لكن لم اعرف إلى أين وما الذي حدث له بعدها...!
لم أكن أعرف أنني سأكتب في نعي هذا الشاب الذي لن استطع نسيان ابتسامته الخجولة وبراءته العظيمة، بعد سنة ونصف من اللقاء الأليم، الذي أنهيته باكياً...

______________
في الأسفل قصة تامر التي نشرتها قبل عام ونصف:

الكهربائي الذي اتخذوا مهنته أداة لتعذيبه
هلال الجمرة

قبيل تسعة أشهر، فوجئ تامر الذماري أن رجلاه قد أصيبتا بالعطل، وأنهما لم تعودا قادرتين على حمله حتى إلى حمّام المعتقل. وحتى الآن، بعد إطلاقه بسبعة أشهر، مازالتا كما هما، بل أسوء.
ليس غريباً أن تتدهور حالته وتصل إلى هذه النتيجة السيئة؛ فتامر لم يحظ بأي عناية صحية، باستثناء "مغذية وقسطرة"، عملت له في المستشفى الميداني، عقب إطلاقه. وقرر له المستشفى الخروج، وتُرك على تلك الحالة حتى الآن.
في 24 ديسمبر 2011، وقع تامر في فخّ نصبته قوات الأمن ومجموعات مدنية مسلحة مساندة لها، للشباب المشاركين في مسيرة الحياة القادمة من تعز، على مدخل العاصمة صنعاء، وتحديداً في "جولة دار سلم".
شكّلت القوات الأمنية، سياجاً على الجانب الأيسر للمسيرة لفرض خط سيرها بما يمنع الشباب من التوجه صوب دار الرئاسة يساراً. وقبل أن تشارف المسيرة على الانتهاء بدأت القوات والمجاميع المساندة لها اعتراض نهاية المسيرة، والاعتداء على المشاركين بالرصاص والقنابل المسيلة للدموع والضرب بالحديد واعتقال من أمكن.
كان تامر محمد رسام الذماري، 18 عاماً، أحد الضحايا. في أحد الشوارع المتفرعة من شارع تعز، كان الشاب يسير بخطوات مثقلة من عناء مسافة 200 km قطعها مشياً على الأقدام. عندما توقفت إلى جواره سيارة سوداء (صالون) "لاندكروزر" تقلّ 3 أفراد، سألوه: "تشتي تشتغل؟". كان منهكاً ومرعوباً، فأجابهم: نعم. فأفسحوا له ودعوه للركوب. حاول استفسارهم عن مكان العمل وهو يصعد السيارة، فأخبروه: "في ملعب الثورة". وفي طريقهم إلى الملعب، قال لنفسه: الحمدلله لقد نجوت. لكنه في الحقيقة كان وسط الشبكة، بل ودخلها برجله.
وصل تامر إلى موقع العمل (الملعب)، الذي يبعد نحو 11 ميلاً من "دار سلم". وبمجرد دخلولهم إلى الملعب، لفت انتباهه الصمت المطبق في المكان، وقبل أن يكمل سؤاله عن العمل، ضربه أحدهم بحديدة من خلفه حتى أغمي عليه، وتم تغطية وجهه وعينيه، ولم يفق من الغيبوبه إلّا في المعتقل.
قبل أن يباشر هؤلاء عملهم، كانوا محتارين في طريقة التعذيب المناسبة لهذا الشاب، فسألوه عن شغله. فرد عليهم: أنا كهربائي. ومن خلال الرد قرروا أداة التعذيب.
دقّوا مسمار في قدمه اليسرى، وشبكوا الكهرباء إلى رجليه. يقول تامر: "كانوا يعذبوني بالكهرباء دقيقة كل يوم". ويصف صورة التعذيب: "لمّا يلصوها اتكهرب حتى أفقد الوعي، ولما يطفوها ترجم بي مسافة متر".
ويضيف موضحاً أنواع الاعتداءات الأخرى التي تعرض لها: " كانوا يضربونني وأنا مقيد".
لم يكن تامر وحيداً، إذ كان نحو 19 شاباً آخرين يشاطرونه السجن والعذاب، لكنهم كانوا "يعذبوني أكثر واحد لأني قلت لهم إني كهربائي"، حد تعبيره.
استمرت جلسات التعذيب والتنكيل، بنفس الوتيرة، نحو 6 أشهر. وفي آخر يوم لتامر في المعتقل، لم يكن لدى معتقليه أدنى شك في أنه ميت. كانت رجلاه قد تعطلتا بفعل التعذيب، وكان رأسه ولسانه ثقيلين حدّ الشلل. ويصف لحظاته الأخيرة في المعتقل بفخر رجل تمكّن من النجاة بأعجوبة: "سمعوني وانا اقول: اثهد ألا إله إلا الله واثهد أن محمد رثول الله، وخافوا، وقال واحد منهم: خلاص هذا قد بايموت، خرجوه". كان لسانه ثقيلاً ويشعر أنه يلفظ أنفاسه الأخيرة.
وفي المكان الذي أستدرج إليه قبل سته اشهر، تم التخلص منه، في ملعب الثورة. يقول: "وصلوا بي إلى داخل الملعب ومسكني واحد من يدي وواحد من رجلي ورموا بي". لقد تعاملوا معه وكأنهم يتخلصون من نفايات إلى صندوق القمامة.
وتركوه داخل الملعب بعدما أغلقوا عليه الباب. وعقب رحيلهم سحب جسده إلى جوار الباب واستمر في الدق عليه حتى فتح له حارس هناك. وسأله من انت؟ وكيف جئت الى هنا؟فلوح له بيديه بأنه لايستطيع الكلام. فقال له الحارس، وهو رجل كبير في العمر: أشر لي كالأعجم، إلى أين تريد أن تذهب؟. فحرك فمه: "المنثة" (المنصة).
وهكذا عاد إلى الساحة بعد غياب؛ لكنه لم يجد من يهتم لأمره ولا لحجم التضحية التي قدمها. ويشكو من تجاهل وتهميش اللجنة التنظيمية له، وكذلك الناس، حتى أسرته: "ولا أحد بيدورني، كنت أجلس أفكر وأقلق، كنت أشعر بالإحباط واليأس من حالتي، وفكرت اقتل نفسي... أخلص".
لم يلتفت أحد لمعاناته وإصابته. هو الآن غير قادر على الحركة؛ فرجلاه شبه ميتتين، ويحتاج إلى إنقاذ سريع وعاجل. يقول تامر: "قدمت ملفا إلى مؤسسة وفاء قبل فترة، قال واحد إنهم بايعالجوني؛ لكنهم لم يفعلوا شيئاً". وانضم تامر منذ نحو ثلاثة أسابيع إلى عشرات الجرحى الذين قدموا وكالات للنائب أحمد سيف حاشد لرفع دعوى قضائية ضد الحكومة لمعالجتهم.
وعندما كنت أدردش معه في بوفيه داخل ساحة التغيير، تقدم أحد المباشرين لإلقاء التحية على تامر ونقل موقف شهده قبل سنة وآلمه كثيراً. يقول ماهر الشويب: شفته كان مستنداً للحائط وهو مكتئب، وجلس نحو ساعة كاملة يطلب من الشباب مساعدته على الوصول إلى جوار المنصة؛ لكنهم لم يلتفتوا لنداءاته، فتركت المحل وجئت لمساعدته وكان يشكو لي من خذلان المجتمع له رغم تضحيته".
في أعماق هذا المخلوق الضاحك، يبرق حلم عظيم يكشف في طياته أسرار بقاء تامر حياً، حتى اليوم. فقد واجه هذا الشاب أسلحة اليأس والبؤس والألم الفتاكة بضحكة ضاجّة، وأمل بتحقيق التغيير.
التقيت تامر الذماري قبل أيام، في ساحة التغيير، في اليوم الأول له على الدراجة، كان سعيداً جداً ويشعر بفارق كبير، وكان يدعوا بالتوفيق للنائب أحمد سيف حاشد الذي اشترى له الدراجة، وخلصه من معاناة عمرها سنة، هي: العكاز. يقول: اتبهذلت قوي بالعكاز.. متعبات جداً". ويضيف: "الله يحفظ القاضي أحمد سيف حاشد، قده أبي وأسرتي".
تامر الذماري، هو الإبن الأكبر في أسرة مكونة من أب مسحور وأم ترعى أربعة أبناء مايزالون أطفالاً. اتصل بهم عند خروجه من المعتقل يعتذر لهم عن انقطاعه عنهم ويبلغهم باعتقاله وتعذيبه حد إبطال رجليه. فكان الرد من أسرته المطحونة: "مثلما طلعت برجلك لاترجع الا برجلك". والحاصل ان تامر كان عائلهم الوحيد.
لعل الكثير منا سبق له أن سمع عن خطر الكهرباء ولدغاتها القاتلة كذلك؛ لكن معظمنا لم يتعرّض لهذه الصعقات، لهذا لا يمكننا الشعور بمرارة ما ذاقه تامر زهاء 6 أشهر.
**
عفراء الحبوري: "تامر" الوحيد الذي عندما يضحك يبكيني
مفردة غاية في البساطة سهلة النطق والكتابة لكن شرحها يطول ويحتاج لفلاسفة ومفكرين وساسة ، فبالرغم من بساطتها إلا أنها معقدة في الواقع ، وبعيدا عن التعقيدات بالنسبة لي وطني وجدتُ معناه في (تامر) .

" تامر " يجسد لي وطني الذي قرر يوما ما رفض حياة المقابر والمجنات ، وطنٌ قرر الحياة .
يومها وطني ما إن بدأ بنفض أولى ذرات الغبار المكدس منذ عقود على جسده الهزيل وخطى أولى خطواته ليشارك في مسيرة الحياة ، حتى ظهر ذات الحانوتي القديم بحلتة الجديدة ليعيد هذا الجسد الذي بدأ بالتماسك واستشعار النور الى المجنة مجدداً ، " تامر " كوطني المُتآمَر عليه . نشد الحياة فعذبوه حتى اقترب من الموت ، قال لهم انه كهربائي فدقوا مسماراً في رجله اليسرى وكهربوه لدرجة الإغماء ، حاول الصراخ فمنعوه حتى من هذه المحاولة الفاشلة لافراغ شحنة القهر والوجع اسكتوه بضربة في الرأس فقد من خلالها القدرة على النطق والحديث بطلاقة ... كل هذا لأنه هتف مدنية مدنية نشتي دولة مدنية ؟؟ .
" تامر" ظل ستة اشهر تحت التعذيب المتوحش ، تحت صموَل رجال الكهف الذين لم يخرجوه من السجن الذي كان يعتقد أنه قبره الجديد الا عندما سمعوه ينطق بالشهادتين ، ليس رحمةً أو شفقة أوصحوة ضمير متأخرة جدا وإنما ليكن عبرة ، وطني الأن عاجز عن الكلام والمشي وطني الأن عبرة باردة مرمية على الرصيف ، وطني حين عاد لأهله قوبِلَ بالرفض وبعبارة حادة كحدة خناجر تقطع حنجرة : " مثلما خرجت من عندنا بأرجلك لا ترجع الا وانت تمشي بأرجلك " ، يا اللـــــه يا وطني كم أوجعوك حتى أهلك يرفضوك و يستعرون من ضعفك وعجزك ، ما أقساهم كيف يرفضوك بوقت ضعفك ؟ ألا يعلمون أن ضعفك سيضعفهم وأن قوتهم من قوتك ؟! .

وطني " تامر " هو الوحيد الذي يحدثني وهو يضحك طوال الوقت ، "تامر" الوحيد الذي عندما يضحك يبكيني .
**
وليد البكس: أرسلو مبعوث تقصي حقائق إلى جريح الثورة ثم تركوه يموت
أرسلو مبعوث تقصي حقائق إلى جريح الثورة ، ثم تركوه يموت : هل إحتاجة رئيس صندوق جرحى الثورة ، سارة اليافعي ، عزرائيل ليكشف إنتقائيتها المميتة !؟
صبيحة اليوم ، كانت الدنيا مقفرة من دونه ، وجهه البائس لا زال مشرق بنكد الثورة فآثر إخفاءه نهائيآ ، و ظهره متعب ، بحمولتها ؛ شاقة هالكة هي الخيبات من هذا النوع المنهك حد الموت ، بإمكان « تامر » الآن أن يرتاح من التعب ، و الي الأبد ، نم قرير العين ايها الشاب بارق الجراح ، كاشفآ ضئالتهم جميعآ و انت وحدك.

يمكن ايضآ أن يكن لمن في سنك 22 سنة سئمه الخاص الفاضح.
لقد تأكدت سارة اليافعي ، رئيس صندوق جرحى الثورة ، أنك من الثوار ، بعد ان ارسلت مبعوث تقصي حقائق بلا خجل ، عنك ، انت الشاب قعيد الثورة و الجراح ، كنت انصع منها في ثورتك ؛ لكنك زدت عن الجميع بعذاباتك ؛ ثلاث سنوات عذاب لازمك لأ صابتك ؛ حيث أقعدتك كرسي متحرك ، حتى فارقت الحياة في عمرك الغض ، صارخا في المدى بكامل جسدك المثخن ؛ بالأماني و الموجعات.

البارحة رحلت مع الله ، ربما طلبت الإنسحاب هازئ ، بهدوء من ساره عبدالله حسن ، و توكل كرمان منشغلة بثورات مصر المتلاحقة ، سئم اشق الأعمال ، إذ تصبح مسلية لمثلكن ؛ عندما تجلب الثراء ، و ان كانت من إمتصاص دم الشباب و جرحى الثورة.

يثبت صندق جرحى الثورة أنه مندرج في إطار مختلف تمامآ ، عن مهمته ، متجر صغير حديث في واجهت الثورة ؛ لإنتهازيين مبتدأين مثابرين ؛ لكنه ايضآ شديد الواقعية و الملائمة من حيث التسمية لكم انتم فقط ، لقد بات جالب للموت-بالنسبة لجرحى الثورة-أكثر من الحياة.

**

ليست هناك تعليقات:

Disqus for TH3 PROFessional