محمد عبده العبسي
Absi456@gmail.com
مساء
أمس استيقظت منصة ساحة التغيير بصنعاء من نومها الذي استمر شهوراً وأخذت فجأة تزعق
وتضع الشروط وتتوعد وتهدد بالتصعيد الثوري داعية شباب الساحات إلى رفض الحوار
باعتباره تفريطاً بدماء الشهداء. يأتي هذا التصعيد الأخرق كرد فعل ابتزازي لقرار
الرئيس تشكيل لجنة للتواصل والحوار من أسماء مدنية وسياسية تحظى بالقبول كالدكتور
ياسين نعمان وعبدالكريم الإرياني وعبدالوهاب الآنسي وعبدالقادر هلال. طبعاً لم يكن
هذا موقف المنصة عند تشكيل حكومة باسندوة رئيس تحضيرية الحوار. أما اليوم ولأن
لجنة الحوار شكلت من الأصل: الأحزاب السياسية وهي أهم حامل مدني (أكان اللقاء
المشترك أو المؤتمر) ولم تشكل من الفرع الطارئ والدخيل (اللجنة التحضيرية للحوار)
فقد قامت القيامة وتذكرت منصة الساحة فجأة دماء الشهداء كورقة مزايدة وارتزاق.
البارحة
أيضاً قلل الصديق محمد الصبري الناطق باسم اللجنة التحضيرية للحوار من فرص نجاح
لجنة التواصل معللاً ذلك لكونها تضم عدداً من أنصار الرئيس السابق صالح! تبدو مزحة
ثقيلة دم وحجة واهية فلو كان مع ناطق تحضيرية الحوار حساسية من العمل السياسي مع
أعوان صالح فالأولى أن تكون حساسيته تلك من الجلوس أسبوعياً على طاولة واحدة مع حمود
عباد وأعضاء الحكومة التي يرأسها رفيقه في تحضيرية الحوار محمد باسندوة وفي الحكومة
طبعاً من أنصار الرئيس صالح أكثر مما في لجنة الحوار والتواصل وأسوأ. حتى تصريح
رئيس الحكومة لجريدة عكاظ حول إن الضربات الأمريكية، التي لطالما عارضتها وأدنتها
شخصياً، تتم دون موافقته وإذنه إنما هو نوع من الضرب تحت الحزام لابتزاز الرئيس
هادي وليّ ذراعه. الهدف إلقاء اللوم كله بانتهاك السيادة اليمنية فوق الرئيس هادي
وإحراجه أمام الرأي العام والجنوبيين وبشكل خاص أبناء محافظته هو أبين. أما
باسندوة فحسبه معرفة من يضربون أبراج الكهرباء وخطوط النقل إن استطاع.
باختصار
الملياردير حميد الأحمر ينظر للحوار الوطني باعتباره ملكية خاصة كقاعة أبولو أو
سبأفون ولديه بصيرة بذلك: اللجنة التحضيرية للحوار التي ربما تكون أول لجنة في
التاريخ تريد البقاء مدى الحياة. كان من الممكن تقبل أداء ونشاط اللجنة قبل وأثناء
الثورة. كان البلد معطلاً: تأجلت الانتخابات وجرى التمديد للبرلمان ووصلت العملية
السياسية إلى حائط مسدود واندلعت ثورة. أما اليوم فلا يمكن فهم أي إحياء للجنة
حميد إلا باعتباره محاولة بائسة لتكون اللجنة بديلاً لأحزاب عريقة ناضلت منذ سنوات
كالإصلاح والاشتراكي ولديها قواعد ومؤسسات وتخضع لنظم وأطر قانونية وليس لتقلبات
مزاج الشيخ وصرفته. لقد نجحت مع الأسف اللجنة التحضيرية في أن تكون بديلاً لأحزاب
اللقاء المشترك في رئاسة الحكومة ولا ينبغي أبداً أن تكون بديلة لها في العملية
السياسية.
استطاع
الرئيس عبدربه هادي خلال فترة وجيزة اتخاذ قرارات مصيرية شجاعة وجبارة في المؤسسة
العسكرية. كان الكثيرون يسخرون من الرئيس باعتباره سيكون أداة ولعبة في يد صالح
وأبناءه إلا أن الرجل فاجئ الجميع وسارع في إزاحة وتنحية مراكز قوة ونفوذ عائلة
صالح أو يكاد (من كان يظن قبل سنتين أن مقولة وطارق ومحمد صالح الأحمر من الممكن
إزاحتهم من مناصبهم؟). إلا الرئيس هادي كلما سعى إلى إضعاف مراكز قوة الطرف الآخر
(علي محسن الأحمر وآل الأحمر والجناح القبلي) تم التلويح باستخدام الفيتو: الثورة ودماء
الشهداء والزحف الثوري....إلخ
عند
الانتخابات الرئاسية المبكرة رفع الإصلاحيون صور الرئيس هادي في الساحة بمبالغة وتقديس
(بل وقادوا مظاهرات في الساحة لإغاظة الحوثيين مرددين وعلى عينك يا حوثي رافعين
صور هادي). وصدرت فتاوى شرعية بالتصويت لهادي. ما الذي جرى بعد أقل من شهر من رفع
صوره؟ ما إن مارس الرئيس ضغوطاً دبلوماسية وسياسية على اللواء علي محسن حتى أعلنت
منصة الساحة التصعيد الثوري وإحياء جمعة الكرامة وتنكيس صور هادي في الساحات
والفيس بوك. كانت رسالة واضحة (كما رفعنا صورك في الساحات نستطيع أن ننكسها. وكما
صرت محل أكبر إجماع وطني نستطيع إخراج المتظاهرين عليك في شارع القاع ومن يدري
ربما اشتبكوا مع قوات الأمن فيتحول هادي من مخلص اليمنيين إلى قاتل وسفاح ومجرم.
أعرف أن
في الساحة شباباً مستقلين وحزبيين محترمين ونزيهين ورجال قبائل صادقين وثوار بمعنى
الكلمة. أعرف أن تأثير منصة الفرقة وسبأفون التي دفعت بإلغائيتها ورخصها شابين إلى
إحراق نفسيهما علناً لم يعد بذلك القدر الكبير. المنصة يوم أمس كانت تبتز الرئيس
هادي وتضغط عليه لحساب حميد وعلي محسن. لم تكن المنصة في معظم أداءها، ولا اللجنة
التنظيمية، نزيهة وصادقة. كان أداءها موجهاً في الغالب ومبتذلاً. أدل مثال على ذلك
عندما توجه قادة أحزاب اللقاء المشترك إلى المباحثات الخليجية في الرياض. كانت
الكرة في ملعب النخبة السياسية ممثلة بقادة أحزاب المشترك ولم تكن القوى القبلية
والعسكرية المنضمة للثورة ممثلة في الرياض لذا دعت اللجنة التنظيمية إلى الزحف الثوري
إلى شارع الجزائر ووقعت مجزرة وسالت دماء طاهرة فقط من أجل تحسين شروط التفاوض.
وحسمت النتيجة لصالح التقليديين ولسان حالهم: "الشباب يقتلون والمشترك يفاوض
على دمائهم".
أنا على
ثقة كبيرة أن الرئيس هادي بقوته ورباطة جأشه وكما لم يرضخ لأسرة صالح لن يكون أبداً
أداة بيد آل الأحمر وعلي محسن وبقية من ركبوا شاص الثورة. وعلى الشباب وقوى اليسار
والحوثيون والحراك والأحزاب وخاصة المؤتمر الشعبي دعمه في المرحلة القادمة من أجل
توحيد الجيش وإضعاف القبيلة وتقوية المؤسسات وصولا إلى تنحية أحمد علي وعلي محسن
في قرار جمهوري واحد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق