خالد سلمان |
مبادرة حسنة النية تلك التي
أطلقها أمس ناشطون وزملاء ممثلة بقلب صورهم الشخصية في الفيسبوك، كاعتذار رمزي
للجنوبيين أو إدانة متأخرة ليوم 7/7، إلا أنها على قيمتها المعنوية ستدوم أياماً
وتنسى. فلن تضمد جرحاً ولن ترد أرضاً نهبت. إنها انفعالة عاطفية شهمة قام بها شبان
كانوا سنة 94 أطفالاً معظمهم على الأقل- أو طالباً في رابع ابتدائي كحالتي- فلا شاركنا
فيها ولا أيدناها ولا كنا وقت الحرب ندرك كنهها حتى وبالتالي فهي مجرد تشنيجة ثورية
من قبيل شيء أحسن من لا شيء.
كان للفكرة أن تحظى بقبول وصدقية
لدى الشارع الجنوبي المعني بها، والموجهة إليه أصلاً، لو أن أحد قادة حرب94 أو المستفيدين
منها -على هيئة أراض واستثمارات وبلوكات نفط مشروعة فكيف بغير المشروعة؟ تبناها
بصدق وحماسة. كأن يقلب صورته مثلاً اللواء علي محسن أو أحد أبناء الشيخ عبدالله الأحمر
-ولديهم حسابات نشطة في الفيسبوك- إسوة بالشباب الذين خجلوا من مآسٍ تسبب بها غيرهم
فكان قدر جيل الوحدة أن يستيقظ على بلد كان يدعى أرض الجنتين فيما هو اليوم مشطط
إلى أكثر من شطرين إنما دون أن يلحظ أحد، فليس هناك علم حتى الآن أو برميل حدودي.
ليس على هائل
سلام أن يقلب بنبل صورته فالمعنيين بذلك، إن كان لديهم دم، المذكورون بتقرير باصرة
وعبدالقادر هلال بوصفهم ناهبي أراضي الجنوب وخاصة المنضمين للثورة باعتبارهم أشخاصاً
ساندوا التغيير الشخصي والعام كمحمد علي محسن أو الظنين بوصفه انحيازاً عظيماً (لم
أذكر صالح وأبناءه ومقولة فهم أشرار لا يتحرجون من كونهم أشراراً بخلاف الأشرار المتنكرين
في ملابس الثوار). إذن كانت الفكرة لتبدو مقنعة أكثر لو أن حميد الأحمر تجاوباً مع
الحملة قلب شعار قناة سهيل ليوم واحد مثلاً كونه مستفيد من الجنوب -بالحق أو بالباطل-
ويكفي أن لديه شاليهات ومدينة سكنية في عدن وشريكاً في قطاع أوكسيتندتال قبل توريط
مجموعة الرويشان به. كل رجال الأعمال الجيدين والسيئين، الطفيليين أو الذين عرقوا
بتجارتهم، كلهم مطالبون بعمل إنساني نبيل كونهم استفادوا بشكل مشروع أو ملتوي. ثم
إننا لسنا في هولندا نحن في اليمن حيث القانون ذاته أداة احتيال.
استأجرت مجموعة هائل سعيد، ولو
بشكل مشروع، رصيف المعلا 90 سنة ولديها في كرتير وحدها 2 كيلو تعادل غنيمة الشيخ عبد
الله. محطة حجيف تم تأجيرها لتوفيق عبد الرحيم، ومطاحن الغلال للرويشان، خرطوم
الفيل لشاهر عبد الحق، فندق عدن لصديق قائد الحرس أحمد علي، رصيف الميناء القديم
للعيسي: سيقول حمقى الحراك هذا جنوبي! لا فرق بين جنوبي وشمالي. الحق العام واحد. بل
إن القادة العسكريين الذين شاركوا في حرب 94 –ومعظمهم من الجنوب وعلى رأسهم هادي- هم المطالبون
بالاعتذار وليس أنا أو محمد المقالح ومحمود ياسين وأبناء تعز ووصاب وريمة الذين
يتعرضون لابتزاز نفسي ويعاملون كعرب 48 في الجنوب مؤخراً. المطالبون بالاعتذار هم
أصحاب البلوكات النفطية وشركات كـذكوان والماز وأركاديا وسبأ والحثيلي والحاشدي بتروليم
وصاحب أرضية "البرتقالة" بالمكلا نجل عبد الوهاب الآنسي والثائر
عبدالولي الشميري صاحب أطول سور أرضية بالبريقة.. والبقية.
الامام يحي |
طلب محمد قحطان مؤخراً من الرئيسين
هادي وصالح الاعتذار عن حرب 7/7. هذا أجرأ تصريح حتى الآن من أحزاب المشترك ومن
قيادي إصلاحي وهو كلام طيب لكنه، كالعادة، دون المستوى سيما وأنه خصخص شركاء الحرب
فذكر هادي وصالح ولم يطلب من حزبه الإصلاح ولا الشيخ عبدالمجيد الزاندني ولا كبار مشايخ
حاشد وبكيل كأطراف رئيسية في الحرب، الاعتذار. إن كان الإصلاح يتحرج من ماضيه
وتحالفاته السابقة فليقل إنها حرب مثلها مثل أي حرب أهلية بالعالم تقع مظالم
وجرائم فيها ثم ليعمل بكل صدق على إعادة ممتلكات الجنونيين من ناهبيها. هذا أشرف
له.
محمد قحطان القيادي الاصلاحي |
الرئيس علي سالم البيض |
بحسب علم النفس السلوكي فإن أكثر
الأشخاص عدوانية ليسوا عدوانيين مسبقاً بل إنهم أشخاص مسالمون يدفعهم محيطهم الاجتماعي
نحو العدوانية دفعاً. إن المظالم القائمة في الجنوب هي التي رفعت مطالب فك
الارتباط قبل شباب المنصورة وقبل أكبر دعاة فك الارتباط ومنظريه. وما لم ترفع
ونسعى جميعاً لإصلاح الشرخ الذي أحدثه في النفوس قبل الممتلكات، وفي كرامة الإنسان
وانتماءه قبل كل شيء فالمستقبل، تيقنوا من ذلك، لدعاة التشطير وأمراء الطوائف والبارود
شمالا وجنوبا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق