ليس غش بائع لمشتر بثمن قطعة حلوى. إنه فساد 400 مليون ريال
في مشروع طريق طوله 13 كيلو فقط
-
قدرت وزارة الأشغال تكلفة الكيلومتر بـ35 مليوناً و900 ألف
ريال، ثم تجاوزت تكلفة الكيلو 63 مليوناً و600 ريال.
-
مقاول وحيد يتنافس مع نفسه في مناقصة قيمتها مليار ريال
وانتهت بضمان بنكي مزور!
-
ميزانية برنامج الطرق الريفية تتخطى سنوياً نصف مليار
دولار معظمها بتمويل من البنك الدولي،
وطريق الصفا/ العلي الغربي محافظة ذمار عيّنة!
محمد عبده العبسي
مجدداً نحن أمام جريمة فساد
في وضح النهار بطلها، للمرة الثانية، وزارة الأشغال والطرق: طريق ريفي نُفذ بزيادة
104% عن تكلفته التقديرية! التكلفة التي لم تحتسب من قبل رواد فضاء هبطوا فجأة على
كوكب الأرض وخدعوا في الأسعار وإنما قُدّرت من قبل وزارة الأشغال ذاتها. بجُملة واحدة
مجففة: وزارة الأشغال تدين وزارة الأشغال.

قدرت وزارة الأشغال، في
محضر التمويل، تكلفة الكيلومتر بـ35 مليوناً و900 ألف ريال، بينما تجاوزت تكلفته
63 مليوناً و600 ريال. لا تحدث هذه الأمور من تلقاء نفسها بسبب البركة أو دعاء
الوالدين. ولست هنا في وارد الحديث عن غش بائع لمشتر بثمن قطعة حلوى. نحن نتحدث عن
أكثر من 400 مليون ريال كان من الممكن بها بناء مدرسة أو شق طريق ريفي آخر. عيّنة
صغيرة. مثال واحد ضمن عشرات، وربما مئات، مشاريع الطرق المشابهة أنتظر أن تصلني
وثائقها إلى بريدي الإلكتروني بنفس الطريقة التي أوصلها مهندس يقظ الضمير قرر ألا
يكون، بالصمت والتستر على جرائم غيره، شريكاً للفساد.
لدى برنامج الطرق الريفية،
على أية حال، ميزانية سنوية مبحبحة تتخطى النصف مليار دولار. ويتبع البرنامج وزارة
الأشغال إلى جانب المؤسسة العامة للطرق والجسور وصندوق صيانة الطرق الذين لديهما مثله
ميزانية مالية مستقلة عن الوزارة غير إن لدى البرنامج ميزة إضافية. إن معظم
مشاريعه ممولة من المؤسسة النقدية الأولى في العالم: البنك الدولي.



مدة تقديم العطاء، حسب
المادة 116 من قانون المناقصات، يجب أن تكون 45 يوماً غير إن إدارة برنامج الطرق
الريفية حددت بمزاجها مدة التقديم بـ35 يوما. ولهذا السبب، يرجح تقرير الجهاز، لم
تتقدم للمناقصة التي لم يسمع بها أحد سوى مؤسسة المقاول خاصة وأنها "اشترت
وثائق المناقصة قبل يومين من انتهاء المدة (وتلك مخالفة لائحية أخرى) وقدمت عرضها
بعد 3 أيام فقط".
والمقاول رقيب على المقاول نفسه!
مخالفات وزارة الأشغال،
ممثلة ببرنامج الطرق الريفية، ليست من ذلك النوع من الأخطاء الصغيرة التي تحدث
بسبب بيروقراطية العمل الحكومي وضعف البنية المؤسسية في اليمن. إنها أخطاء من لا
يخشى المساءلة. ومنها حسب تقرير جهاز الرقابة والمحاسبة "عدم قيام الوزارة
والبرنامج بإعداد دراسة جدوى اقتصادية" إضافة إلى "إعداد التكلفة
التقديرية الدراسات والتصاميم مكتبياً" دون حتى النزول الميداني للموقع
والإشراف على المقاول أثناء التنفيذ. أما الفضيحة الكبرى الكافية للإطاحة برؤوس
كثيرة قيام إدارة برنامج الطرق الريفية بـ"إسناد مهمة فحص الأعمال المساحية
والتصاميم الخاصة بالمشروع للتأكد من صحتها للمقاول نفسه عند تسليم الموقع في
14/2/2010 وفقا لمحضر التسليم رغم أن ذلك من المهام الأساسية للجان المناقصات".
بعبارة أخرى: على المقاول، وليس على مهندسي الأشغال أو البرنامج، التحقق
من التزام المقاول نفسه بمواصفات ومعايير المناقصة وجودة الطريق. هو المنفذ
والرقيب على نفسه في الوقت نفسه. ما هذا الكرم؟ إلى جانب ذلك، يضيف تقرير الجهاز،
قامت إدارة البرنامج بتعديل معظم كميات وبنود جداول الكميات التعاقدية وإعادة
تقديرها عند بدء التنفيذ ما نتج عنه زيادة كبيرة في بند القطع وإلغاء بنود أخرى. حيث
زادت القطيعات بنسبة 29% لتصبح القطيعات وحدها بنسبة 47% من قيمة العقد (467 مليون
و582 ألف ريال).
ويبدو أنه ليس من شيء
سليم في المناقصة. إنها كومة مخالفات وحسب. فالمقاول، بحسب تقرير الجهاز، لم يكن مستوفياً
لمعايير التأهيل المحددة في وثائق المناقصة وفي طليعتها معيار "السيولة
النقدية المطلوبة كحد أدنى 50 مليون ريال"، إن الوثيقة المقدمة منه مجرد "تسهيل
بنكي منحت بناء على طلبه من البنك الإسلامي اليمني بتاريخ 7/8/2008 (أي قبل ستة
أشهر) دون قيام إدارة البرنامج، عبر مخاطبة البنك، بالتحقق من استمرار التسهيل
المحدد".
ويضيف تقرير الجهاز: "لم
يكن المقاول مستوفياً لمعايير أخرى مثل: "متوسط حجم الأعمال الإنشائية، والحد
الأدنى من المعدات الأساسية، والحد الأدنى من الكادر الفني، وثبوتية الممتلكات،
والخبرة السابقة، وشرط التأهيل السنوي الخاص، فضلا عن أن بياناته لا تمثل 47% من متطلبات
المعيار كون المقاول صنف في الدرجة الخامسة/ مجال الطرق قبل 5 أشهر فقط من
المناقصة بما يعني عدم صحة بياناته عن الأعوام السابقة 2006-2008م".

هناك تعليقان (2):
استمر وربنا يوفقك... عمل جميل و يمس قضية مهمة جدا تشغل بال الكثير من الشعب المطحون
عامر علي
آمين يا رب.. شكرا اخي الكريم
إرسال تعليق