لا أحد يحبُّ اليمن مثل يهود اليمن.
يتغنون باليمن كما لو أنهم يحملون على أكف الراحة والدعة، وهم المضطهدون تاريخياً
والمحرومون حتى اليوم من أبسط حقوق المواطنة المتساوية. إن وضع الأقليات في اليمن آخذ بالتدهور رغم تعاقب أنظمة الحكم منذ خمسين عاماً، ورغم شيوع التكنولوجيا وتطور المدن، ونشوء منظمات المجتمع المدني، وترسخ التعددية السياسية والإعلامية، وكأن قدر هذه الأقليات أن تتوارث جيلاً بعد جيل قمعاً تاريخياً مُصمتاً وظلماً اجتماعياً يجعلانها دون المواطنة الكاملة.
حتى خاخام اليهود لا يكاد يذكر أو يظهر في الإعلام اليمني إلا في حالة واحدة عند قتل أحد أبناء طائفته أو حضر جلسات محاكمة قاتل لا ينتهي به الأمر عادة إلى حبل المشنقة، كما لم تسجل له أية مشاركة علنية في أي حدث يمني عام، ولم يحضر، أو بالأحرى لم يدع من قبل الرئاسة ولا مرة واحدة لحضور أي من الاحتفالات الوطنية، وما أكثرها، لا بصفة شخصية كمواطن يمني ولا بصفة شرفية كممثل لأقلية أصيلة في المجتمع اليمني.
هل أحصي لكم عدد الأعياد الوطنية في اليمن؟ هذه بعضها
26 سبتمبر
14 أكتوبر
30 نوفمبر
22 مايو
11 فبراير
هل شارك حاخام اليهود في واحدة منها منذ خمسين عاماً على ما في الأمر من رمزية مضللة ودعاية جيدة لنظام سيء السمعة؟ لا. إن مجتمعاً لا ينصف مجموعة من أبناءه ويحرمهم من حقوق المواطنة الكاملة، لا يستحق إنصاف أصدقاءه أو أعداءه.
إن المجتمع اليمني بطبعه وطبيعته ممجّد للقوي وإن أبدى تعاطفه الخجول مع الضعيف والمنتهك. وهذا ليس حكماً بقدر ما هو انطباع لم يأت من فراغ بالطبع. وهو مجتمع مشجّع لثقافة حمل السلاح واستخدامه ومقاومة الدولة حتى أنه لا يفوت فرصة للتقليل من هيبتها.
اليمن التي ينظر إليها العالم اليوم بوصفها حزام ناسف، أو خزان الجهاديين في
جزيرة العرب! اليمن بوصفها ستة حروب في الشمال ومطالب بالانفصال جنوباً، وقبائل تعتدي
على خطوط وأبراج الكهرباء في الوسط وقراصنة وعصابات تهريب في البحر وبلداً لم يعرف
دولة مركزية قوية تبسط نفوذها على كامل أراضيها.
وحدهم يهود اليمن يقدمون صورة مغايرة عن بلدهم. صورة شهمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق