السبت، 31 أغسطس 2013

عبدالله البردوني.. جوّاب العصور

إنه "زمان بلا نوعية" حسب عنوان أحد أعمال الرائي عبدالله البردوني. 
أي ثورة وأي كرامة واي تغيير هذا الذي نكذب على أنفسنا به إن كان لم يعد الاعتبار لشاعر كعبدالله البردوني وينصفه؟ ألم تكن أعال البردوني ملهمة للثورة وثورة بحد ذاتها؟

بعض شباب الثورة، وبعض أعضاء حكومة باسندوة، وأعضاء مؤتمر الحوارالوطني اقاموا الدنيا وحشدوا وسيّروا المظاهرات مطالبين بالافراج عن سجناء قيل "إنهم من شباب الثورة" وتبين فيما بعد، ان أكثرهم ضباط في الحرس الخاص والحرس الجمهوري ومتهمون بحادث تفجير مسجد الرئاسة! أليست المطالبة بالإفراج عن أعمال البردوني المخفية قسرياً أشرف وأنزه وتستحق الذهاب بها إلى أقصى حد؟ أنا لا اعيّركم ولستُ هنا لأسجل نقاط إدانة ضدكم كوني واثق أن كثيراً من الشباب تفاعلوا ببراءة وعفوية مع القضية دون إلمام بجميع حيثياتها ومن محرّكها الخفي وما سبب استيقاظها المفاجئ؟


أسألوا أنفسكم:
لماذا لا يتحمس الرأي العام اليمني، إن كان هناك فعلاً رأي عام، سوى للقضايا التي ييتنافس بها مراكز القوى الموزعين بين الستين والسبعين والحصبة!
ولماذا لم يتشكل في اليمن تيار ثالث مستقل؟
طرف جديد وليس له أية صلة بالماضي ورجاله ولوثته؟
وحدهم الشباب كانوا المؤهلون ولكنهم أضاعوا الفرصة. ذلك أن المنشقين عن نظام علي عبدالله صالح كانوا جزءا من الحكم أو متضررين منه كذلك أيضاً كانت أحزاب المشترك جزءا من ديكور نظام صالح الديمقراطي والانتخابي. هل أحتاج أن أذكر قادة المشترك أنهم وقعوا اتفاقاً معه قبل 7 أشهر من اندلاع المظاهرات الشبابية في 7/7 عيد الجلوس في الرئاسة.

منذ 1973 وهو يقولها صراحة:
صنعاء يا أخت القبور
ثوري فإنك لم تثوري
ولم يصدقوه إلا بعد أربعة عقود!

إنه جوّاب العصور.
كتب عبدالله البردونيعام 1959 قصيدةً عابرة للعصور بكل معنى الكلمة حتى أنها عُلقت في عدة خيام بساحة التغيير كما لو أنها كتبت في 2011م. أذكر يوماً خرجنا فيه فجرا أنا والصديق نبيل سبيع ومحمد المقبلي وكيف توقفنا أمامها لوقت طويل وأعدنا قراءتها مرات عدة وتراءت لنا معبرة عن لسان الحال بالأمس واليوم وغدا بينما كتبها البردوني لأحد أخوة الإمام بعنوان "رسالة الى الوالي وصارت فيما بعد "عتاب ووعيد" معبرة عن شقاء اليمني ومعاناته من ناهبي التروات والثورات:

لماذا لي الجوع والقصف لكْ؟............يناشدني الجوع أن أسألكْ
وأغرس حقلي فتجنيه أنــت،.............. وتسكر من عرقي منجلك
لماذا؟ وفي قبضتك الكنوز ......................تمد إلى لقمتي أنملك
وتقتات جوعي وتدعى النزيه .............وهل أصبح اللص يوماً مَلَكْ؟
لماذا تسود على شقوتي؟.............أجب عن سؤالي وإن أخجلك
لو لم تجب فسكوت الجواب....................ضجيج يردد : ما أنذلك!
لماذا تدوس حشاي الجريح ...................وفيه الحنان الذي دللك
ودمعي ، ودمعي سقاك الرحيق .........أتذكر : يا نذل : كم أثملك؟!
فما كان أجهلني بالمصير ....................وأنت لك الويل ما أجهلك!
غداً سوف تعرفني من أنا......................ويسلبك النُّبل من نبلك
* * *
ففي أضلعي ، في دمي غضة...........إذا عصفت أطفأت مشعلك
غداً سوف تلعنك الذكريات.....................ويلعن ماضيك مستقبلك
ويرتد آخرك المستكين..............................بآثامه يزدري أولك
ويستفسر الإثم : أين الأثيم؟..........وكيف انتهى؟ أي درب سلك؟
* * *
غداً لا تقل تبتُ : لا تعتذر.................تحسّر وكفن هنا مأملك
ولا "لا تقل" أين مني غد؟...............فلا لم تُسمر يداك الفلك
غداً لن أصفق لركب الظلام.......سأهتف : يا فجر : ما أجملك!



أرجوكم إفعلوا شيئاً أو اذهبوا إلى الجحيم!

ليست هناك تعليقات:

Disqus for TH3 PROFessional