الأحد، 15 سبتمبر 2013

اليمني بالنسبة للعالم مجرد خبر عن جثة

 اليمني بالنسبة للعالم مجرد خبر عن جثة. قد تقتله طائرة أمريكية من دون طيار ، أو صاعقة رعدية، أو بسقوط عسكرية محلية على الأحياء السكنية، أو ربما مولد كهربائي قتل 14 شخصا في ريمة الشهر الفائت. 

قد يقتل برصاصة طائشة في عرس أو سوق قات، وقد يقتل برصاص شيخ ومرافقيه، كما خالد الخطيب وحسن أمان. 
وبعض الموت له بصمات القتل. 
لقد لقي خمسون شخصا مصرعهم دفعة واحدة بسبب سيول الأمطار في الأسابيع الماضية ولم يكترث أحد وكأن كارثة وطنية لم تقع! ضحايا الحوادت المرورية أيضاً ضرب من القتل حسب تعبير المتنبي. إنها تقتل كل يوم بمعدل 8 إلى 10 أشخاص. حتى أن عملية حسابية سريعة تجعلنا متيقنين من حقيقة أن ضحايا حوادث السير وحدها يفوقون عدد ضحايا كل الحروب والنزاعات الأهلية في اليمن!



قد يقتل ثأراً على جريمة لم يقترفها كمحمد ذلك الطفل البريء.. ذي الثلاثة عشر ربيعا الذي قتل أثناء ذهابه للمدرسة في يريم ثأرا لجريمة قتل اقترفها اخوه!

قد يقتل مصادفة أثناء مروره باشتباك مسلح بين أولئك المشبعين بثقافة الموت، أو حول نزاع على أرضية.
كيف يمكن العيش بسلام في مجتمع يمجد حمل السلاح؟

وقد يقتل اليمني إن كان جنديا في نقطة عسكرية في منطقة نائية برصاص تنظيم القاعدة. وبالعكس ربما يقتل هذا الجندي بائع قات، أو صاحب عربة رفض دفع إتاوة كما حدث ويحدث للعشرات في اليمن!

وقد يقتل برصاص مجهول على درجة نارية مثل ضباط القوات الجوية، أو ضباط الأمن السياسي الذين حصدت الدراجات النارية أكثر من 80 ضباطا خلال سنتين وحتى اللحظة لم تعتقل الأجهزة الأمنية مجرما ولا مشتبها واحدا، أو توصلت التحقيقات الجنائية إن كان لدينا تحقيقات جنائية أصلا، إلى أي نتيجة.

قد يقتل لسبب هين ووغرائبي مثل جريمة بشعة وقعت في منطقتنا الأعبوس الشهر الفائت. المنطقة التي عرفت لعقود طويلة بالمدنية والمثقفين والشعراء ونبذ السلاح، وأنشأت فيها أول مدرسة في اليمن عام 1951م.

مسكين هو اليمني يتربص به الموت من كل مكان.. في السلم كما في الحرب.. لا فرق!

وقد يقتل اليمني برصاص الأمن، أو برصاص مسلحي الشيخ الأحمر كالأسرة التي أبيدت في حوث ولم تحرك الدولة ساكنا.

وقد يقتل بالمقابل في مواجهات جماعة الحوثي التي كثرت مؤخرا. ففي محافظة حجة مثلا، قيل إن سبب اندلاع القتال "عودة المعتقلين إلى مناطقهم". وفي دماج يتجدد القتال باستمرار ولا ينقل الإعلام اليمني صورة أمينة ومحايدة بحقيقة ما يجري. هذه المرة كانت الذريعة "الزحف السلفي وقدوم مسلحين أجانب"! وفي العاصمة تقاتل الحوثيون مع السلفيين والإصلاحيين أيضا في شهر رمضان الفائت، داخل المساجد من أجل، وبسبب، ماذا؟ تصوروا؟ صلاة التراويح!!! وكانت اللافتة: "مواجهة المد الوهابي والقادمين من حارات أخرى مثل مُسيك". المعادل النطقي السجعي لحارة حريك! والآن ومنذ أسبوع وحتى هذه اللحظة تجري مواجهات عنيفة في منطقة العصيمات وحرف سفيان بمحافظة عمران لا أحد يدري كيف نشبت ولأي سبب؟ فإن سألت فإن الجواب جاهز بالطبع: انتقاماً لجريمة قتل الأسرة الحوثية في حوث قبل أسابيع.
وهكذا تنفلت الأمور وتغرق البلدان في الاقتتال الأهالي عادة الذي يبدأ لأسباب تافهة كناقة البسوس!

منذ نصف قرن واليمني إما قاتل وإما مقتول.
يا إلهي متى سوف تقبل الناس في بلدي على الحياة؟



الصورة للفنان الشاب أمين الغابري

ليست هناك تعليقات:

Disqus for TH3 PROFessional