التمديد، الفيدرالية، حق تقرير المصير، مؤتمر الحوار، مشاكل
اليمنيين اليومية كل هذه القضايا يناقشها الروائي اليمني البروفيسور Habib Habib Abdulrab
المقيم في فرنسا، في مقال سلس وصريح، يفطن إلى حقيقة ما يجري في اليمن وهو المقيم في قارة أخرى ويحلله بتبّصر ونزاهة أكثر من النخب اليمنية المقيمة هنا بين ظهرانينا التي لا ترى أبعد
من أقدامها كما لو صح عليها القول الصوفي القديم: "شدّة القرب حجاب"!
ترسيمات حواريّة لمزيد من الابتزاز والنهب
حبيب عبد الرب سروري
بعد مقتل حسن وخالد كان بإمكانهم التوقف عن حضور مؤتمر الحوار
حتى يتم القبض على القتلة. لم يكلفوا أنفسهم ثمن تلك الورقة الضاغطة. ضاعت هكذا
لحظة حاسمة، لأن جريمة مقتل ذلكما الشابين المدنيين على أيدي مجرمين قراصنة تكثف
كل تراجيديا اليمن اليوم.
كان اليمن الجديد سيبدأ من هذه اللحظة الجوهرية بالغة الرمزية،
التي مدتها لهم "يد القدر" ليعملوا شيئا يجعلنا نحترمهم: توقيف أعمال
المؤتمر حتى يتم القبض على القتلة!...فضلوا بدل ذلك أخذ صور تذكارية (بنفس
الابتسامة الأوتوماتيكية) لوقفة احتجاجية على مقتل حسن وخالد، ثم مواصلة يوميات
مسرحية الحوار..
صار يزعج بعضهم مجرد التذكير بهذين الاسمين: حسن وخالد.بعضهم
نساهما تماماً، لولا ألبوم الوقفات الاحتجاجية التي أخذوها في مؤتمر الحوار...
زادت لعب ومسرحيات الوقفات الاحتجاجية اليوم مع قرب إنتهاء المؤتمر، وكبر ألبوم
صورها...آخرها اليوم: عملوا وقفة احتجاجية
لإلغاء الحصانة على صالح وعصابته، ولمنعهم من تحمل المسئوليات... لسوء الحظ: مجرد
هدرة!...
الشيء الوحيد الذي كان بمقدورهم عمله ولم يعملوه: توقيف الحوار
حتى القبض على قتلة حسن وخالد!...
=======
كتب محمد العبسي: في اليمن هناك سرير واحد لكل ١٣ مريض.
أضيف (حسب إحصائية جادة): وهناك قبر واحد لكل ١٣ ميت...ذكرتني
هذه الإحصائيات المريعة بزميل فرنسي عاش ٣ عقود في كندا، أبدع فيها في ادارات
العمل الجامعي، وكان فيها سعيدا جداً، وبجنسية كندية منذ البداية. عاد مؤخراً
لفرنسا.
سألته: لماذا عدت، فيما كنت سعيدا جداً هناك؟
أثارني رده: _ قبورهم متباعدة جداً... صحيح كلامه: بين القبر
والقبر عدة أمتار في كندا (ذات المساحة الجغرافية الهائلة، والعدد الضئيل من
السكان). لكني لم أفهم. ثمّ أضاف: _ لا أريد أن أعيش طوال الأبدية بدون إنسان
يوانسني عن قرب...
قلت (بيني وبيني): _ عليك وعلى الجنسية اليمنية إذا أردت ١٢
موانس، فوقكن تحتك، جنبك في نفس القبر!...
=======
من ضمن حملة التعتيم التي تمارسها الأحزاب السياسية اليمنية:
التهويل والتخويف من عبارة "حق تقرير المصير".
أكرر هنا شيئين:
١) هو حق طبيعي جداً، مثل حق التنفس وشرب الماء، لا يرفضه إلا
الطغاة. تمارسه الشعوب الديمقراطية بشكل اعتيادي جداً.
في أبريل القادم مثلا سيصوت الإسكتلنديون على تقرير مصيرهم،
والانفصال عن بريطانيا ربما.
سيلحقهم كما يبدو أهل منطقة كاتالونيا في أسبانيا الذين بدأوا
بقوة بالمطالبة به، لمجرد شعورهم أن منطقتهم (الأغنى في أسبانيا) تدفع ثمن الأزمة
الاقتصادية أكثر من غيرها!...
خرجوا، رجالاً ونساءً، يوم ١١ سبتمبر في "سلسلة
بشرية" متعاضدة كسلسلة، طولها أكثر من ٤٠٠ كيلومترا، تتخلل شوارع برشلونة،
شواطئها... بطول يقترب من طول المسافة بين عدن وتخوم حضرموت. أو ربما في سلسلة بشرية
تبدأ من عمران وتنتهي بجولد مور، مروراً بكل شوارع عدن، شارعاً شارعاً...
٢) تقرير المصير لا يعني الانفصال بالضرورة.
في ما يتعلق بجنوب اليمن، يعني:
١) بقاء الوحدة الحالية بصيغة لا تختلف عنها في الجوهر.
٢) الانفصال.
٣) وحدة يمنية على أسس جديدة.
الخيار الأول يحتقره ويرفضه الأغلبية العظمى في الجنوب.
الخياران الثاني، والثالث (الذي تحدثت عنه في مقالي في القدس في
٢٠٠٩: الانفصال الحميد وحدة يمنية جديدة)، ترفضه قوى الفساد لأنه سينتزع منها
مكاسب النهب والغنيمة.
الاختيار الرابع الذي يحبكه مؤتمر الحوار: الفيدرالية، اُقترح
ليناسب تماماً قوى النهب والفساد، لأنه سيحافظ عليها وعلى مصالحها، في خلطة منافقة
فاسدة تشبه مؤتمر الحوار نفسه!...
=======
الناس في اليمن تبحث عن حلول لمشاكلها اليومية: نهب ثروات،
تعليم فاشل، تنمية معدومة، كهرباء غائبة، قتلة يترندعون بدون قانون، فقر، جوع،
وفساد كليّ يجتاح كل السلطة والقيادات السياسية...
وجنوب اليمن يريد أن يقرر مصيره لوحده، في عالَم صار فيه
الاستفتاء على تقرير المصير من أبسط الحقوق التي لا يرفضها إلا الطغاة.
اخترعوا لهذا الشعب الممحون حلولاً فارغة لم تكن يوما في جدول رغباته:
فيدرالية، أقاليم... وترسيمات لمزيد من الابتزاز والنهب.
في رأيي، لا توجد كلمة سامجة لم تهم أحداً في اليمن تقريباً،
ولم تكن يوما في جدول أعمال أحد، أكثر من: الفيدرالية.
ومع ذلك هي التي يُلوِّح بها مؤتمر الحوار الوطني اليوم!…
*****
شكله مثل طالب لم يعرف كيف يرد على سؤال في امتحان الرياضيات،
فقام يكتب بدلاً منه ردّاً على سؤال في الجغرافيا جاء قبل سنوات في إمتحان
الثانوية العامة لدولة صديقة!…
قال لي صديق في اليمن (حيث لكلمة "تمديد" شجون وأوجاع
كثيرة هذه الأيام: البرلمان في تمديد أبدي، كلما تعفّن الرئيس والقائد السياسي
أراد التمديد…):
"الشيء الوحيد الذي كنت أريد تمديده هو حلم ليلة البارحة،
لكنه لم يتمدّد!"…
ملاحظة هامّة:
عندما تضع كلمة "تمديد" لباحث إنترنت: جوجول
(بالعربي)، وقبل مواصلة ما تريد معرفته، يقترح جوجول لك (في ضوء الطلبات
والاستخدامات الأكثر رواجاً بالعربية):
"تمديد حافز"، "تمديد الفترة التصحيحية"،
"تمديد الفترة الانتقالية"، "تمديد الرئاسة"…
وعندما تضعها "extension"
لباحث إنترنت: جوجول (بالفرنسي أو الإنجليزي)، وقبل مواصلة ما تريد معرفته يقترح
جوجول لك (في ضوء الطلبات والاستخدامات الأكثر رواجاً) بالفرنسية:
"تمديد آيفون"، "تمديد برمجيات كروم"،
"تمديد الشَّعر"، "تمديد الجفون"…
هموم
"التمديد" حقنا وحقهم مختلفة كثيرا كما يبدو هنا بشكل مثير ودقيق!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق