الخميس، 7 أغسطس 2014

الزميل لطفي نعمان يكتب في النهار اللبنانية: في يوم "الجرعة" اليمنية

لم يغب عن ذهن رئيس الجمهورية اليمنية المشير عبدربه منصور هادي ضرورة كسب "الدعم السياسي والاجتماعي للإصلاح المالي والاقتصادي" باعتباره "عملية لازمة ومستحقة بصورة عاجلة"، حسب بيانه عشية عيد الفطر المبارك في 28 تموز 2014. سبق للرئيس التنبيه لذلك خلال بيانه عشية الذكرى الرابعة والعشرين لميلاد الجمهورية اليمنية في 22 ايار، طالباً "التفهم" الشعبي لما سيضطر إلى اتخاذه من "إجراءات قاسية وصعبة" تحول دون تدهور الاقتصاد الوطني.


ثم اجتمع بالحكومة والكتل البرلمانية في 25 ايار وأعلن عدم الذهاب إلى تلك الإجراءات "الاقتصادية" دونما توافق بين كل القوى السياسية -رغم مزايدة بعض القوى الآن وعدم تقديم بديل موضوعي للإجراءات- إلا أن التوافق حول ذلك قد حصل.


كان من الضرورة التهيئة المسبقة لما يتقرر ويتخذ من اجراءات، تلافياً للمواجهات غير المحمودة، أقلها تقديم البيان الحقيقي لوضع الاقتصاد وتوصيات معالجته باتخاذ قرار "رفع الدعم عن المشتقات النفطية" المعروفة لدى العوام والخواص بـ"الجرعة". استناداً الى المطالبات الدولية بذلك كوزير الدولة للتنمية الدولية البريطاني السابق السير آلن دنكن (عُين في الرابع من أغسطس مبعوثاً خاصاً للحكومة البريطانية لدى عمان واليمن، ولتنفيذ استراتيجية الحكومة البريطانية تجاه اليمن بما تشتمله من أهداف أمنية وتنموية). كان دنكن قد طرح ذلك خلال زيارته صنعاء في 9 كانون الأول 2013، مشترطاً أن يصاحب "الجرعة" أو رفع الدعم عن المشتقات النفطية، إجراءات اقتصادية ناجعة. هذا اضافة الى نداء وائل زقوت المدير القطري للبنك الدولي في العام الجاري.
وكما أُعلِن قرار "الجرعة" ونُفِّذ في الثلاثين من تموز الماضي "بصورة عاجلة" - بدت للبعض متأخرة - كان الرفض لا بد وأن يُعلَن "بصورة عاجلة".
ذهب الناس في يوم "الجرعة" إلى اتخاذ موقف معارض، بالرغم من علمهم المسبق، من خلال الشائعات والتلميحات، بأنها "آتيةٌ لا ريب فيها". وكثيرٌ منهم، بفعل "الضغط النفسي" استسلم لإقرارها. خاصة أولئك الذين بتأثير "طوابير المستفيدين" عاشوا دهراً طويلاً في "الطوابير" لملء خزانات سياراتهم ومولداتهم الكهربائية بالوقود.
في يوم "الجرعة" أيضاً، عبر المواقع و"المتنفسات" الاجتماعية، تجلت لغة "الشِتَّام" -أي الشتائم - ولم تَطلّ لغة "الأرقام" المرجوة، التي لا ترى وجوباً لقرار "الجرعة"، إلا من صفحة ومدونة المحقق الصحافي محمد عبده العبسي الذي استند الى تقارير رسمية حول وضع المشتقات النفطية وكلفة دعمها، والمستوى البياني التصاعدي والتنازلي لصادرات النفط اليمني على مدى الأعوام العشر الماضية.
لا يرمي المرء هنا إلى إعلان معارضة. لكن هل يمكن مواجهة الأرقام الواردة في تلك التقارير والتحقيقات بما يدحضها أو يؤكد صحتها؟
في مقابل من لم يصوّبوا تلك الأرقام أو يدحضوها، وجعلوها عرضةً للتشكيك لا التدقيق، فإن أبسط ما قد يمكن فعله أن تقوى الجهات المعنية بقطاعات النقل والتجارة والصناعة على ضبط حركة الأسعار، كمسارعتها إلى الإعلان بأن الأسعار لن تتأثر أو تخرج عن المحدد رسمياً. هذا بينما تأثرت بعض الأسعار فعلاً، حتى شهد الناس بعضاً منهم "قاتلاً وقتيلاً"!
مسؤليةُ أي سلطة لا تقف عند إعلان قراراتها فقط، والمبالغة بأرقام مهولة و"اقتراح" حلول خجولة، بل تتعداها إلى تشبعها بـ"جرعة قدرة" على تنفيذ ما تعلن عنه في كل المستويات، إحساساً بدورها وواجبها. وإلا فـ"الصوم" عن الإعلان والقرار أولى من تغطية الشمس بجناح ذبابة!

عن النهار اللبنانية

ليست هناك تعليقات:

Disqus for TH3 PROFessional