انفجرت قنبلة وهما في الطابق الأرضي وانهار فوقهما المبنى
لكنهما نجيا بأعجوبة من الموت. بذلا جهداً كبيرا حتى يتمكن كل منهما، من رفع
وازاحة أكوام الحجارة والأنقاض عن جسميهما. بعد مضي دقائق أدركا انهما سيمكثان في
مكانهما حتى تتمكن فرق الإغاثة من تحديد موقعهما أولاً من أجل حفر ممر آمن
لاخراجهما من تحت الأنقاض دون التسبب في انهيار ما تبقى من المبنى وأنقاضه فوقهما.
مرت عليهما الساعة الأولى بمشقة.
كان أحدهما مصاباً بشظية
وكسرت ذراعه.
واضطر رفيقه إلى كي ساقه
من أجل وقف النزيف.
الموت تحت الأنقاض ليست
نهاية تمناها، أو توقعها، اي شرطي
تجادلا قليلا. ثم توقفا عن
الحديث حتى لا يستهلكا الأوكسجين المتبقي.
وصلا إلى ذروة اليأس وبدأت
هواجس الموت تلح على (داني وليامز). طلب من صديقه التوقف عن إزعاجه، وأن يسمح له
في الدقائق أو الساعات القليلة المتبقية من حياته ان يسمح له أن ينعم بالهدوء
قليلاً لكي يغمض عينيه ويستحضر في ذهنه الأشخاص الذين يحبهم (زوجته وبنته) وبات
متيقناً أنه لن يراهم ثانية.
كان صديقه (ستيفن) يضرب
دون توقف بسيخ حديد على جميع الأشياء والقطع حولهما وينتقي أكثرها قدرة على إصدار
ضجيج وجلبة من أجل مساعدة فرق الإنقاذ في تحديد مكانهم، أو بالأحرى إيصال رسالة
بوجود ناجين تحت أنقاض المبنى.
فجأة توقف ستيفن عن الطرق
على الحديد.
ضحك داني الغارق في
جراحاته ضحكة من استسلم للغرق
استلقى بهدوء
وبخلاف ما توقعته كمشاهد
للمسلسل أخذ داني يقول بنطق سريع:
روجر ظهير أيمن
بيل في الجهة اليسرى
ذعر ستيفن وسأل صديقه ما
الذي يهذي به؟
فأجابه بطمأنينة لا تتناسب
مع الوضع الذي هما فيه:
أحاول تذكر تشكيلة فريق
كرة اليد لناديه المفضل (الركبي).
إنها تساعدني على تهدئة
أعصابي وتصفية أفكاري وتشعرني بالتحسن.
أنهى الجملة وانفجر
الاثنان معاً بهستيريا في نوبة ضحك عفوية ما تزال بذهني حتى الآن.
منذ الانفجار
أو منذ ثلاثة أيام
أو منذ سقوط صنعاء
كلما مرت بي لحظة ضحك
أشعر بانقباض وعدم ارتياح
وقلق
وأتذكر على الفور داني
وستيفن يضحكان
بنفس الطريقة في مسلسل
(فايف أوف) الأمريكية
وهما في وضع مشابه للوضع
الذي نحن فيه: تحت الأنقاض!
وكأن كل لحظة مرح وارتياح
إنما هي محاولة إلهاء وخداع يقوم بها الدماغ حتى لا نفكر في المكان الذي نحن
عالقون فيه. جراح عديدة، نفسية وجسدية. انعدام الأوكسجين، ومبنى تكاد بقيته تقع
فوق رؤوسنا في أي لحظة!
________________________________________
مسلسل أمريكي صدرت منه حتى
الآن أربعة مواسم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق