دعا عبدالملك الحوثي في كلمته مسا اليوم (23
سبتمبر) حزب الإصلاح الإسلامي إلى الشراكة ونبذ الفرقة. كلام جميل ومعسّل. لكنه
مجرد كلام وزُخرف قول. فلو فتحت قناة المسيرة، وسمعت مذيعيها ومتحديها، أو سمعت
وقرأت ما يصدر عن مكتبه السياسي، أو دخلت صفحة انصار الله على "فيسبوك"،
فإن حزب الإصلاح الذي دعا زعيم الحوثيين إلى مؤاخاته، باعتباره حزباً يمنياً، هو
نفسه الحزب الذي لا يتورع إعلامه وأنصاره ومؤيده عن نعته بالداعشي والإرهابي!
عبدالملك الحوثي يمدّ في كلمته اليوم يد الإخاء
والمحبة إلى حزب الإصلاح الإسلامي. كلام جميل ومعسّل ولا يصدر إلا عن داعية سلام
ورجل متأثر بفكر "غاندي"! لكنه مجرد كلام وزُخرف قول. ففي الوقت نفسه
الذي مد فيه زعيم الحوثيين يد الإخاء والمحبة إلى خصومه مدت مليشياته -المنتشرة في
شوارع صنعاء وحول وأمام مؤسسات الدولة- يداً أخرى غير يد المحبة والإخاء
الرومانسية التي في الخطاب.
إنها يد الانتهاك والإمعان في إذلال الخصم السياسي عن
طريق اقتحام منازل قيادات وناشطي حزب الإصلاح، وحتى غرف نومهم!
شتان اذن بين يد الخطاب ويد (اللجان الشعبية)
عبدالملك الحوثي يتحدث في كلمته اليوم عن استهداف
القوات المسلحة. كلام جميل ومعسّل. لكنه مجرد كلام وزُخرف قول. فأي استهداف أبشع
وأشنع من قيام مليشياته بنهب وإفراغ مخازن السلاح الثقيل وسرقة عشرات الدبابات
والمدرعات والمصفحات من مقر القيادة العليا للقوات المسلحة في عز النهار!
عبدالملك الحوثي يتحدث عن تشكيل حكومة كفاءات
وطنية. أيضاً كلام جميل ومعسّل. لكنه مجرد كلام وزُخرف قول. بالمناسبة حميد الأحمر
قال، قبل سنوات، نفس الجملة وبشكل حرفي.
عبدالملك الحوثي يطالب بتنفيذ مخرجات الحوار. كلام
جميل ومعسّل. المبعوث الأممي بن عمر والرئيس هادي والحكومة ورؤساء الأحزاب
السياسية والسفراء وكل من بأيديهم السلطة او خارجها، يطالبون أيضاً بتنفيذها وكأن
كائنات فضائية هي التي تعرقلها! حتى الجنرال علي محسن الأحمر قال مراراً أنه يؤيد
مخرجات الحوار ويؤيد قرارات الرئيس بما فيها قرار الحديقة. بل إن علي محسن قدم
اعتذاراً على حروب صعدة على ما أذكر. ومالو؟ هو مجرد كلام. (صدقتوه!)
إذن أين المشكلة؟
المشكلة ليست خطابية.
وليست مسابقة في التعبير الوطني.
المشكلة أن السياسي اليمني يفعل عكس ما يقوله.
ولا يُقيّم الحوثي من خلال كلامه أو رؤاه الجميلة
المقدمة لمؤتمر الحوار.
من حيث المبدأ المهم سماع، وقراءة، ما يقوله
عبدالملك الحوثي، ولكن الأهم ما تفعله على الأرض مليشياته المتعطشة للانتقام
والتنكيل بالخصوم، وصولاً الى الاعتداء على حريات وممتلكات الناس.
حتى لو تجاوز عبدالملك الحوثي في فصاحته خطب الإمام
علي ونهج البلاغة فإن تقييم جماعة الحوثيين، وأي حزب أو سياسي يمني، لا يكون بناء
على كلامه فحسب، وإنما على سلوكه وما يفعله.
كلام السياسي اليمني مجرد مزحة.
الجد أفعاله وليس أي شيء آخر.
لهذا السبب اطفأتُ التلفاز.
لم استطع إكمال سماع الخطاب.
إله حرب يُلقي خطبةً عن السلام والحوار.
وعلى هذا النحو كل ما ورد في خطاب الحوثي : إنه
كلام "ما في عليه جمارك عليه"، حسب تعبير المعارض السوري هيثم المانع.
مجرد كلام يقال للاستهلاك الإعلامي لا الالتزام العملي والسلوكي. إنه ضرب من
الاتيكيت والمناورة السياسية لا أقل ولا أكثر.
هذه هي سياسة عبدالملك الحوثي وجماعته.
بل هكذا هي السياسة في اليمن: قل كلاماً وافعل
نقيضه.
شن حرباً تلو أخرى بصنعاء وعمران والجوف ثم ترحّم
على أطفال وشهداء غزّة، واهتف بالموت لأمريكا واسرائيل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق