الرئيس السلال وعلى يمينه الشيخ الاحمر ويساره الأستاذ النعمان |
حيثما تُولون وجوهكم ثمّ وجه الشيخ!
ما
الذي تبقى من هذه الصورة بعد خمسين عاماً على التقاطها؟
يظهر
في الصورة أول رئيس للجمهورية الكسيحة في 26 سبتمبر 1962 المشير عبدالله السلال، وعلى
يمنيه شيخ جميع الرؤساء الذين حكموا اليمن الشمالي الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر، وعلى
يساره الأستاذ النعمان الحاضر في الذهنية اليمنية كصاحب فكر ومشروع دولة ومواطنة متساوية.
شيخ
وعسكري ومدني يا لها من صورة استثنائية!
وحده
المدني، في الصورة كما في الواقع، الأكثر خسارة منذ نصف قرن!
انتصر
الأول الشيخ وامتد حضوره وتأثيره على السياسة والاقتصاد في اليمن نصف قرن، في حين أقصي
الثاني، فيما نفي الثالث وتوحد خصومه ضده!
بقي
من السلال ذكرى "رئيس" أطاحت به السعودية -لكنه شجع مقولة الإمام "المقدمة
لسنحان"- وأبناء تقلد بعضهم منصب سفير!
وبقي
من النعمان ذكرى معلم "حالم"، وحسرة من يتعرض للغدر منذ نصف قرن، وأبناء
وأحفاد تقلد أوفرهم حظاً منصب سفير أيضاً! (إن أردتم معرفة الفرق بين الشيخ
والأستاذ فانظروا إلى ابتسامة الأول وتعالي الثاني، انظروا إلى أين ينظر الأستاذ
بطيبة ووداعة في حين ربت الشيخ بيديه اليمنى على كتف الرئيس قابضاً على سلاحه
الآلي بشدة وعُجب بنفس الوضعية في صورة أخرى بعد عشر سنوات مع الرئيس الحمدي، وبنفس
وضعية نجليه حميد أثناء حرب الحصبة: إنها علامة جودة.
أو هذه طريقتهم في التوقيع!
أما
شيخ الرؤساء فما يزال حاضراً بيننا حتى الساعة بذات الحضور المتعالي في الصورة إن لم
أكثر:
بيته
في الحصبة أشبه بمحج لقادة اليمن ونخبته السياسية. هل يعرف أحدكم بيت السلال أو النعمان؟
مواكب
سيارات أبنائه حدث ولا حرج
2
مليون يمني يتحدثون يوميا مع أسرهم وأصدقاءهم من هواتفهم النقالة التابعة لشركة شعارها
جنبية الشيخ!
حتى
الكهرباء التي تنير بيوت اليمنيين نفذتها شركة سيمنس ووكيلها أحد أبناء الشيخ حميد!ا
إن
أردت شراء الكتب فتذكر وأنت تدخل قاعة أبولو أنها إحدى صنائع الشيخ!
إن
أردت الطباعة فليس عليك سوى التوجه لمطابع الآفاق.. مطابع الشيخ!
إن
أردت التغيير السلمي فإما أن تنضم إلى اللجنة التحضيرية للحوار لنجل الشيخ، أو
لحزب التضامن لنجل الشيخ الآخر حسين: اللجنة الأولى تدعمها السعودية من أجل السيطرة
على قرار حزب الإصلاح أو ضمان عدم خروجه على النص، وحزب التضامن من أجل احتواء
القبائل والمشايخ ذوي التوجهات غير الإسلامية.
وكله
شغل!
إن
أردت تغيير جو في عدن فعليك بالحجز في شاليهات الشيخ!
إن
أردت إيداع الأموال في بنك إسلامي فعليك ببنك سبأ التابع للشيخ!
إن
كنت يتيماً،
إن
فكرت بالزواج الجماعي،
إن
أردت الحديث عن حفاظ القران
إن
تحدثت عن القدس أو قصدت حركة حماس
الشيخ
الأحمر يوفر كل ذلك من خلال عدة مؤسسات وهيئات.
حتى
زيوت السيارات، حرصاً منه على خدمة اليمنيين، هناك ماركة تجارية هامة تابعة للشيخ!
في
الأرض كما في الجو فهذا طيران الإمارات لسان حاله في اليمن: أنت بصبحة السحاب.. والشيخ!
الثورة
الشبابية ولسانها وأناشيدها ولصوصها بوسعك متابعتهم جميعاً في كل منزل فيه تلفاز: قناة
الشيخ!
إن
أردت الترفيه على أولادك فعليك اصحابهم للعب في حديقة الشيخ بالسبعين!
إن
أردت تناول وجبة دجاج كنتاكي في مطعم على الطريقة الأمريكية فلا أفضل من زيارة مطعم
الشيخ!
وهكذا..
حيثما تولون ثمّ وجه الشيخ!
حتى
جنبية الشيخ الظاهرة في هذه الصورة لم تنته إلى المجهول شأن بدلة العسكرية السلال أو
بدلة الأستاذ النعمان. لقد ورث الجنبية الشيخ صادق الذي ورث مشيخ حاشد في مراسم قبلية:
فهل
ورث النعمان قلمه
هل
ورث السلال رتبه العسكرية؟
هل
ورث القاضي عبدالرحمن الإرياني، الرئيس التالي، عمامته؟
هل
ورث ابراهيم الحمدي، الرئيس الثالث، شيئاً لأبنائه غير محبة كل اليمنيين؟
هل
ورث احمد الغمشي، الرئيس الرابع، شيئاً سوى أمثولة الغدر والخيانة؟
إنه
اقوى من كل الرؤساء.
وحده
علي عبدالله صالح حاول أن ينافس الشيخ في توريث كافة اسباب القوة والسلطة والثروة لأسرته
ومنح الشيخ وأبنائه ما لم يحلموا به في عهود من سبقوه ولا يستحقوه، فكانت نهايته عادلة
من السماء.
بندقية
الشيخ الظاهرة في الصورة ورثها نجله هاشم المعين في سفارة اليمن بالرياض قنصلاً عسكرياً.
مقعده
في رئاسة البرلمان ورثه نجله حمير.
أمواله
من السعودية قسمها بين أبناءه فيما حصل نجله حسين على تمويل شهري من السعودية يفوق
ما كان يتلقاه والده ذاته!!
أما
استثمارته فقد نمها نجله الذكي حميد الذي يدير اليوم امبراطورية اقتصادية عظمى، إلى
جانب تأثيره القوي على الحكومة، من خلال رئيس وزراء ضعيف، وتأثيره بذات القدر أيضاً
على أحزاب المشترك وقادته جميعاً.
باختصار: يمكن قراءة تاريخ اليمن الحديث من خلال
هذه الصورة
هناك 5 تعليقات:
الله يرحم النعمان
الله يرحم أيام زمان
الله يرحم النعمان
رحمة الله عليهم جميعا وكل أقام لبنة في بناء الجمهورية
الله يرحم النعمان والسلال وكذالك ابراهيم محمد الحمدي واخيه
إرسال تعليق