النهايات الهزلية لمآسينا نهلة محمود
جبير 7
أبريل، 2014
تباً لهم، وتباً لنا نحن الصامتين، وتباً لها من
دولة وألف تب..
حتى الكلمات توارت في خجل مما يمكن أن يقال! جرائم
اغتصاب ترتكب، وتمر الواحدة تلو الأخرى، طفل وطفل آخر، وهلم جرا، قتل بطيء للإنسان
يُمارس بمنتهى الوحشية، ما عدت أفهم حقا هل نحن بشر؟
أي وحش كاسر هذا المغتصب؟
يقوّض كل القيم في لحظة بغيضة، ويدوس عليها بقدمه،
في انتهاكه للحرمات، وفي احتقاره للروح التي كرمها الله بنفحة من روحه! أية آدمية فيه؟ حاشا وكلا أن يكون آدمياً، بل مسخٌ
قميء تجمعت كل قذارات البشر لتصنعه..
والأكثر قبحا أن يحدث هذا في مجتمع مسلم!
المفجع في الأمر أن الصهاينة لم يمارسوا هذا القبح
ضد الفلسطينيين!
ومن الشطط كذلك محاولة توصيف المغتصب بالحيوان،
فالحيوانات لا تغتصب، تقتل لتأكل، وتطلب الإذن في المشاركة الجنسية في ما بينها.
لا يضاهي قباحة هذا الفعل إلا تركه بلا عقاب،
ليستمر في نشر شذوذه وممارسة طقوسه الوحشية.
قلوب احترقت على أطفالها، وقلوبنا نحن واجفة من
الهول والترقب. خوفٌ أخرس على فلذات أكبادنا، وقهر مخنوق من تنصل الأجهزة الأمنية
وتقصيرها في حفظ الأمن، وتقصيرها المتعمد في تحقيق العدالة.
قليلة تلك القضايا التي انتهت بالقصاص من مرتكبيها،
وكثيرة أخرى مُيعت لصالح طرف له نفوذ!
انزلاق تام للمجتمع نحو القاع من يومٍ إلى آخر،
أخلاقيات وانعدمت، قانون ولا فعل له، والضمائر نائمة، أما المنظمات المدنية (...)!
على من نعول إذن؟
أولاً: لماذا هذا التفشي المسفر لها؟
أصبح الاغتصاب ظاهرة اجتماعية، ولم يعد فقط مشكلة
بسيطة عارضة ستنتهي باستتباب الأمن.
وكونه ظاهرة يجب البحث فيها بالمعايير المهنية
لمعالجتها، فهي لم تأتِ من فراغ، بل عبر سلسلة من الانفلاتات المجتمعية، لا نستطيع
حصرها هنا، فالحديث هنا لم يخرج من دراسة بحثية.
فقط ما أستطيع تتبعه هنا هو بعض أسباب ذلك التفشي
لظاهرة الاغتصاب، وظواهر اجتماعية أخرى بدأت تطفو على السطح؛ كالتحرش الجنسي في
المدارس، وفي وسائل المواصلات، والمغازلات الوقحة للنساء في الشوارع، والتي تصل
إلى حد التحرش، والاختطافات للأطفال والنساء، والمتاجرة بالأعضاء البشرية، وتزايد
العنف الأسري المفرط ضد الأطفال، وعمالة الأطفال، وتجنيدهم في القتال المسلح،
وزواج القاصرات، وغيرها وغيرها...
وأعتقد أن أهم الأسباب التي يمكن البدء في تتبعها،
تتمثل في:
1.
انحلال وتفسخ للأخلاق في المجتمع، وهذا الجانب له أبعاد كثيرة وتعقيدات أكبر من
حصرها في بند، على أن ما يعنينا هنا هو تأثيره المباشر في تفشي ظاهرة الاغتصاب.
2.
انتشار الحبوب المهلوسة وما تقوم به من تحولات عقلية ونفسية تبيح كل محظور، وتنزع
الخوف من العقاب.
3.
الانفلات الأمني الواسع للأجهزة الأمنية المعنية، وتأخر التحقيقات الجنائية، وفي
أحيان أخرى تعمد تمييعها لصالح قذارات بعضهم!
ففي غياب القانون تنتهك كل التجاوزات الممكنة وغير
الممكنة، خاصة إذا وجدنا من يحمي المغتصب، ويدفع عنه أية عقوبة!
بالتأكيد هناك عوامل كثيرة تحتاج هي الأخرى
للمعالجة والبحث، وتتعلق بظاهرة الاغتصاب؛ كتفشي العزوبية، وتأخر سن الزواج،
والانحرافات الدينية التي قضت على الوازع الديني المفترض اكتسابه كمسلمين!
وهذا الوجه الأخير بالذات شتت كل الأوجه الأخلاقية
في المجتمعات الإسلامية.
كنت أتمنى إيراد نسب وإحصائيات تبين حجم هذه
المأساة، للأسف تواصلت مع بعض المنظمات المعنية والمواقع الإخبارية، إلا أنني لم
أصل إلى نتيجة موفقة تفيد الموضوع، إلا أن آخر إحصائية حصلت عليها كانت للعامين
2011 و2012، وحصيلتها هي 288 حالة، وهذه الحصيلة من سجلات وزارة الداخلية، بمعنى
المسجلة فقط، ونعلم جميعاً أن تكتم الأهالي يحول دون الوصول إلى الحصيلة الحقيقية.
لكن أهم ما لفت انتباهي وأثار حنقي أن من شروط
استكمال التحقيق وإصدار حكم قضائي بالعقوبة، هو وجود 4 شهود على جريمة الاغتصاب!
ربي، وربكم الله، أي حُمق وعته هذا...؟!
لذلك لا يتقدم المتضرر إلى القضاء، ويكتفي بالسكوت.
ثانياً: ماذا بعد؟
بعد تفشي هذه الظاهرة وغيرها من الاختلالات التي
نعيشها، ماذا نفعل نحن المغلوبين على أمرهم؟
لا أمان على أولادنا، ولا راحة ولا عيشة نهنأ بها،
ولا وطن نركن إليه...
الكثير منا بدأ باختيار الهجرة كحل أنسب، نهرب من
وطنٍ الخوف هو كل ما نعرفه فيه.
أيدينا مغلولة، كنا في وضع سيئ، وأصبحنا في وضع
أكثر سوءاً، احتملنا الكثير، لكن ما عاد بالإمكان أن نغمض أعيننا على ما يدور من
حولنا. كلٌّ ينتظر دوره في مصيبة ما أو كارثة لا قدر الله..
ليس تهويلا ما قلته، الكثيرون منا وصلوا إلى مرحلة
هستيرية من الخوف والاستلاب. وبعد حادثة العرضي تحديداً، وما آلت إليه من نهاية
هزلية، أصبح الخوف هو الشبح الذي يلاحقنا، ونحاول الهروب منه ما استطعنا!
النهايات الهزلية لقضايا الوجع، هزمتنا شر هزيمة..
فبعدها لم نعد نعرف من هو عدونا!
هناك تعليقان (2):
يشرفني جداً ، ان يشارك الصحفي محمد العبسي ، مقالي هذا
لك الخير والجمال دوماً دوماً
حفظك الله وسلمك.. بل لي الشرف بنشره في مدونتي
إرسال تعليق