وليد البكس: إنتقام الحوثي من ابناء آنس .. جبل الشرق تحت الرصاص.
بشير عثمان يكتب عن ضجيج عبدالملك الحوثي ومحاولة الظهور كقديس!
بشير عثمان يكتب عن ضجيج عبدالملك الحوثي ومحاولة الظهور كقديس!
هلال الجمرة يكتب كيف تسبب الشعار في تفجر نزاع مسلح في قريته بآنس
سامي غالب :
_ الشعار تحول أداة فرز وتصنيف وتعنيف ضد آخر يمني لا يعادي الحوثيين!
_
أدعو قيادة الجماعة إلى توجيه عناصرها المنفلتة في "جبل الشرق" بلجم
العنف قبل أن تنفتح جبهة جديدة ضد "زيود" لا صلة لهم ب"الأمن
القومي" وال"سي أي إيه"!
_
أسرة زميلي هلال الجمرة لم تتناول الغداء في الجمعة المباركة جراء شعار الحوثيين !
_____________________________________________________________
تعيش قرية "الحضر" في مديرية جبل الشرق
بمحافظة ذمار حالة ترقب منذ أسابيع جراء الحرب على "بيوت الله" التي
امتدت نيرانها إلى تلك القرية النائية التي هنأت على الدوام بعبادة الله بسلام قبل
أن تزعزع "الشعارات" سلامها وتحول احيانا دون أداء أهل القرية شعائر
صلاة الجمعة، كما حدث اليوم، من أجل محض شعار سياسي يتوعد الاميركيين واليهود
بالموت بات أداة فرز وتصنيف وتعنيف في قرية نائية في محافظة ذمار لا يقطنها يهود
ولم يسبق لأي جندي مارينز أن زارها.
***
صعقت وأنا استمع مساء اليوم (الجمعة) لتفاصيل
"الحرب المقدسة" التي يخوضها "زعران" الحوثيين في مديرية جيل
الشرق التي احتضنت على الدوام أبناءها من مختلف المشارب، وأخرجت لليمن كوكبة من
العلماء والقضاة والكتاب والاعلاميين من ذوي الريادة والسمعة الحسنة والسلوك السوي
الذي لا يشوبه تعصب ولا تمسسه مركبات نقص أو هلوسات عظمة.
هلال الجمرة نفسه هو مثال على السوية والشرف
والنزاهة والكرم ونصرة المظلوم وقول كلمة الحق في أقسى الظروف وأحلك اللحظات.
اليوم بالذات تذكرت الدور الرسالي الاستثنائي الذي فام به كصحفي في ظروف الحروب
الرابعة والخامسة والسادسة من أجل فضح الانتهاكات التي مورست ضد الأبرياء من
المحسوبين على "الحوثي" أو المشتبه بانتمائهم إلى جماعته.
في 2008 و 2009 بالذات قام هلال الجمرة في
"النداء" بتغطية معمقة شديدة الحرفية للانتهاكات التي استهدفت
"الجماعة" وأنصارها والمحسوبين بالحق وبالباطل عليها، وبخاصة معاناة اسر
المختفين قسريا من ضحايا "الأمن القومي" و"الأمن السياسي".
الصحفي يقوم بواجبه وبما يمليه عليه ضميره، لا
ينتظر جزاء ولا شكورا. لكن من المفيد التذكير هنا ببعض التفاصيل التي تجنبت على
الدوام الإشارة إليها حتى بالتلميح، خصوصا وأن عناصر حوثية متحمسة لنشر العقيدة
الحوثية في قرية "الحضر" الزيدية _ !_ لا تحسن تقدير الرجال فتتقول على
الشرفاء منهم وتلصق بهم أقذع الصفات، وتسقط عليهم ما في نفوسها من تشوهات. في تلك
الأيام العصيبة من عامي 2008 و2009، تلقيت تحذيرا تلو الآخر من جهات عليا في
الدولة جراء ما ينشره هلال الجمرة من تقارير عن الحرب في صعدة والانتهاكات
الممنهجة ضد المختفين قسريا والمحتجزين. بعض التحذيرات ورد بنبرة الود، وبعضها
بنبرة الوعيد، وبلغ الامر ذروته بتهديدات مباشرة بالعقاب والتنكيل، وأخذت الامور
منحى كارثيا إذ راح البعض يفتش في الاصول والأنساب بحثا عن خيط ما يربط صحفيين
مستقلين (زيود وشوافع) بالحوثيين. لكن هلال الجمرة تابع بكل جسارة وبأكبر قدر من
الحرفية أداء واجبه بينما كان بعض من يتقولون عليه الآن من المؤمنين الجدد بنهج
الحوثي، يحذرونه من مخاطر نشر قصص الانتهاكات، ويترجونه أن يكف عن استفزاز السلطات
وبخاصة جهاز الأمن القومي، جهاز الأمن القومي الذي ورث الحوثيون من رفاقهم إصلاحيي
ساحات الثورة والتغيير، استخدامه كأداة تحريض ضد كل من ينتقدهم.
***
ما يفعله "الحوثيون" في
"الحضر" وفي حواضر أخرى في شمال اليمن وقلبها لا يقل خطورة عن ما تفعله
سلطة الفتنة والتقتيت في العاصمة صنعاء، فالسلطة الباغية والجماعة المتغولة
تتكاملان _ حتى من غير سابق ترتيب_ في تنفيذ مخطط تمزيق اليمن، الأولى متوكلة على
واشنطن والأخرى باسم محاربتها ومواجهة مخططاتها التآمرية.
***
الأرق قلوبا وألين أفئدة لن يصيروا بالتأكيد من
"جماعة الشعار"، ولا من المنخرطين أفواجا في "المسيرة
القرآنية".
"المظلمة"
الحوثية ليست "الخيمة" الخرافية التي تسع اليمنيين جميعا فيدخلوها
آمنين.
الجماعة الحوثية هي جماعة من الزيود وليست الزيود
جميعا بلّك أن تكون اليمنيين بمجملهم. وعليها أن تتفادى في هذا الظرف الاستثنائي
التورط في ممارسات ترويعية قسرية تنكيلية بحق أي يمني من شاكلة الاستعراض البدائي
الذي عاشته قرية "الحضر" هذه الجمعة.
الجماعة التي تعترض على مخطط تمزيق اليمن إلى 6
دويلات، وهو مخطط يتناغم والنظرة الاستشراقية العنصرية لبعض الغربيين التي لا ترى
في اليمن شعبا بل شعوبا وقبائل، عليها ان تكف عن تزويد سلطة "تحريض اليمنيين
على اليمنيين" بأسباب إضافية لتحريض أبناء المحافظات الحنوبية والوسطى على
أبناء المحافظات الشمالية، وإلا فإنها عمليا تضع نفسها ووسائلها وجمهورها _ بمن
فيهم الغلاة في مديرية جبل الشرق_ في خدمة اميركا واسرائيل، اللتين سيسرهما جدا
الاستخدام المجاني للخدمة الحوثية.
اصدقاءنا المدنيين والمتنورين في جماعة الحوثيين
الذين يبزوننا في التغني بالمواطنة وسيادة القانون ومدنية الدولة وتحييد
"بيوت الله" عن الاستخدام السياسي، ماذا اضفتم للجماعة من قيمكم وخبرتكم
الحقوقية والمدنية، ماذا أضفتم للجماعة التي لا نرى في الواقع من برامجها ورؤاها
وسلوكها إلا الشعار؟
الجماعة هي أحوج ما تكون لنزاهتكم وإلا فإن
مصداقيتكم ستتردى إلى الحضيض. دعاة الدولة المدنية يستحيل أن يكونوا دعاة فتنة
ترتكز على شعار مستحدث وجد في سياق سياسي وثقافي واجتماعي وصراعي ليس لليمنيين
عموما أية صلة به إلا من حيث كونه رجع صدى غاضب من بعض اليمنيين حيال الحرب
الاميركية على افغانستان والعراق.
***
في العامين الأخيرين صار شعار الثورة والغضب
والاحتجاج ضد "الشيطان الأكبر" أداة فرز وتحشيد داخلي في مواجهة
"آخر محلي"، والآخر المحلي ليس سلفيا أو اصلاحيا بالضرورة، بل كل من لا
يقبل بترديد الشعار بمن في ذلك اليمنيون الزيدية.
الحركات الدينية العقائدية (وبخاصة المحكومة
بمحددات طائفية أو عرفية) يمكن أن تتحامق حتى وهي تدعي الحكمة والحساسية بالواقع
وتعقيداته والاتعاظ من تجارب أسلافها وسابقاتها. ومن الواجب تنبيه الحوثيين بما هم
جماعة من اليمنيين بينهم أصدقاء وزملاء وشركاء "الوجع اليماني" إلى
خطورة الانغماس في سلوك ترويعي تجاه أي يمني أيا يكن مذهبه أو أصله أو انتماؤه
ومهما يكن موقفه من الجماعة وسلاحها وشعارها.
للقوة غوايتها التي أودت بجماعات وأحزاب وتيارات
قبل الحوثيين، وغرور القوة هو ما أودى بالرئس السابق وأنجاله إذ ظنوا ان اليمن
صلصال يشكلونه على ما يشتهون فثار الشعب عليهم. لكنه كان محض دكتاتور على راس نظام
تسبب بالعديد من التشوهات والصدوع حافرا اخاديد في وجه اليمن الذي تعايش أهله رغم
كل العذابات والمحن في سلام إلا في ما ندر من عوارض كانت بفعل الطغيان. ومن المفيد
ان تتأمل قيادة الجماعة في مفاعيل حماقات أعضائها وأنصارها على الأرض البعيدة عن
صعدة، وأن تلتزم ما تقوله في المؤتمرات والمنابر الاعلامية بشأن احترام التنوع
والتعدد في المجتمع اليمني. والكف عن تحفيز عناصر الكراهية والعنف في أية بقعة
يمنية بخاصة في المناطق التي صارت تحت رحمة مقاتلي الجماعة في صعدة وعمران وصنعاء
وحجة.
وفي الأثناء انتظر اشارة ما من قيادات الجماعة تؤكد
لي أن أسرة زميلي العزيز هلال الجمرة لن تتعرض للأذى جراء ترديد شعار في قرية
يمنية نائية يستحيل أن تتناهي أصداؤه إلى سمع أي أميركي أو صهيوني أو يهودي.
__
___ _
*
الصورة للزميل هلال الجمرة وهو يتحدث السبت الماضي في فعالية بالعاصمة صنعاء عن
تجربة "النداء" في فتح ملف المختفين قسريا في اليمن. (تصوير: أسعد
العماد)
■ ■ ■
وليد البكس: إنتقام الحوثي من ابناء آنس .. جبل الشرق تحت
الرصاص.
في جبل الشرق ، محافظة ذمار ، بات الحديث عن
الإستقرار هراء ، أمس الجمعة - إخترقت رصاصة أنصار الحوثي قدر السلتة « الحرضة »
قبل أن تجتمع الاسرة لتناول وجبة الغداء ، فساد الرعب و ضجت القرية فزعآ ، متعهدوا
فرض شعار الجماعة يمارسون إفتتانهم بالشعار و على طريقتهم الجالبة للموت.
انصار ينتمون لجماعة السيد ، أمطروا القرية بوابل
الرصاص ، بعد ان حالوا و ابناء القرية للذهاب لتأدية شعيرة الجمعة.
قبل عدة اسابيع كتب الزميل هلال الجمرة مايشبة نداء
القلق ، محذرآ من طيور الخراب المسافرة في رحلة توزيع الموت الطويل ، « إغلقوا
المساجد » كان هذا هو عنوان المقال التحذيري الذي تناول به الصديق هلال ، حال
منطقتة وكيف يراد لها ان تدفع للإحتراب الطائفي و المذهبي تحت شعارات تمزيقية
للجماعة.
تحدث عن بوادر صدامات تسعى جماعة أتباع السيد عبد
الملك ؛ فاتح قسطنطينية العصر الحديث هناك الي إفتعالها ، و ليس في منطقة « الحضر
» وحدها ؛ على ما يبدوا في جبل الشرق و محافظة ذمار ؛ هذه إحدى الحلقات في طريق
شهية الجماعة ، و الواضح ان اليمن برمته الهدف ؛ ضمن برنامج جماعات زرع الخوف ؛
بقصد الإنتقام.
يعرف اليمنيون أن اغلب ابناء آنس يعملون في السلك
العسكري ، و قاتلوا بأوامر الرئيس السابق و قادة الألوية في صعدة و قتل العشرات
منهم خلال الحروب الستة الفائتة هناك ، واليوم يشعر الحوثي بالزهو للإنتصارات التي
حققها في شمال الشمال ، و يقطع مسافة الإنتقام الي جبل الشرق ، و هذه احد اهم
المحاولات لزرع التمزيق في نسيج المجتمع اليمني ؛ بغرض الإنتقام و الثأر ، بوادر
ملامح دورة جديدة للعنف ليس إلإ ؛ يدفع بها « قائد المسيرة القرآنية » المنطقة للقتولات.
على كل بالعودة الي تناولت الصديق هلال ، الذي لم
يلتفت أحدآ الي نداء مدير تحرير صحيفة النداء ، حيث عمل على نقل معاناة ضحايا صعدة
، بمهنية وحيادية إلإ من الإنحياز للضحايا و الابرياء بقصص صحافية إنسانية مختلفة
لكن ألمها واحد ثابت خلفتة الحروب التي طالت ابنائها حينئذ.
و ظهر الجمعة الفائتة فقط ، كانت اسرتة في مرمى
رصاص حراس شعار الموت الأغبياء ، فالرصاصة التي تحاوزت نافذة مطبخ المنزل ، خابت ،
لم تصيب أحدآ بمكرة ( حمدلله على سلامتك عزيزنا واسرتكم الكريمة ).
لقد دشنت الجماعة مهرجانها القتالي الإحتفائي من
على جبل المنطقة ؛ حيث تمركز نسورها هناك وبدؤو ممارسة هوايتهم المفضلة ؛ اطلقوا
الرصاص ضد القرية على من فيها ، دروس جديدة في فن الإنتقام ، و النيل من ابناء هذه
القرى المناهضة للفكر الفئوي الطائفي الجهوية.
في العام 2005 زرت المنطقة برفقة الصديق امين
الصفاء ، كنا وفد صحافي إطلعنا على واقع الحياة هناك ، نقلنا ما شاهدناه ، لم تصل
الدولة بعد ، مشروعها الوحيد الذي سيغذي العديد من القرى ، إن تحقق ، التهمه احد
المقاولين ، المحسوبين على الرئيس السابق ، فالرجل الذي تقدم لتحمل مسؤولية يتنفيذ
مشروع رصف وسفلتت الطريق ؛ لم يقطع الطريق الذي كان من المقرر تنفيذة ، حيث نفذ
منها اقل من ثمانين متر على ما اتذكر ؛ و لكن فصل الأمل نهائيآ بينه و بين الالاف
من ابناء هذه القرى ، نهب ميزانية المشروع وتخلى عن استكماله.
اتذكر واقع الحال الذي عشناه خلال يومآ وليلة هناك
، وهو في اقسى صوره على ابناء هذه القرى الضاربة في كهوف التخلف والفاقة ، الي اين
سيوؤل الحال بهذه القرية النائية وما جاورها في ظل محاولات اتباع السيد فرض الشعار
في المساجد بالقوة ، او الموت لأبناء قربة الحضر في جبل الشرق ، المناوئين لذلك.
■ ■ ■
بشير عثمان يكتب حول ضجيج الحوثي
----------------
في كلمتين متلفزتين – على الأقل- بثتهما قناته،
تكلم عبد الملك الحوثي عن " ضجيج"، في الأولى قال أنه " لا يهتم
للضجيج الإعلامي"، وفي الثانية قال " هناك إفتعال لمشاكل في الميدان،
لغرض الضجيج" .
وحقيقة الكلمة الملتفزة فيها بعض الأشياء
الإيجابية، وبعض الأشياء العدمية، وبعض الأشياء السطحية.
يحاول عبد الملك الظهور كقديس وطني لا يشق له غبار،
ويبذل جهود كبيرة لتأكيد نفسه على هذا الإتجاه، تقريبا خطابه يشكك بكل المنظومة
السياسية في البلد، ويصورها على أنها تفرط بالسيادة، وفي الجانب الآخر يصور أمريكا
العدوة المطلقة - رغم أنها لم تتعرضه الى اليوم بأي شيء بل قللت منه- ، ولكي يكتمل
المشهد التراجوكميدي، يصور نفسه الوحيد الذي يدافع على اليمن من أميركا.
أميركا تسيطر على التعليم، أمريكا تقيم قواعد في
اليمن، أمريكا معها أسطول في البحر، أمريكا تغزونا فكريا، الاخوان يتعاملون مع
أمريكا، أمريكا تهدد الهوية والدين...الخ.
دراما عبثية، وصراع دنكوشي، يشبه صراع طواحين
الهواء. متضامن مع عبد الملك ضد أميركا الأمبريالية، ولا اقلل من خطرها على العالم
الثالث برمته.
تقريبا منذ قرون حذر الكثير من المفكرين العرب
واللاتينيين، والأفارقة، والأسيويين ومفكرين غربين من خطر الإمبريالية الأمريكية،
لكن هذه أول مرة نشهد طريقة الحوثي في التعامل مع أمريكا بهذه الطريقة المثيرة
للضحك.
ليس جديدا، ولا مهما الحديث عن أميركا، حديث قديم
وكلاسيكي جدا خطر الأمبريالية، والجديد هو تلبس الحالة بطريقة الحوثي يحول الأمور
إلى فوبيا، أكثر منه خطاب موضوعي ومواجهة حقيقة مع الأمبريالية العالمية
وتحدياتها، يكاد يصبح الأمر غوغائية مفرطة تثير الضحك والإستياء من الطريقة
والسلوك.
يخصص الحوثي في كلمته للمنظمات جزء مهما من
الإتهام، يقول السيد: "على مستوى الخطاب الديني هناك برامج دينية مع خطباء
المساجد ترعاها السفارة الامريكية بالاشتراك مع منظمات تمولها امريكا ، لتبني خطاب
معين و توجهات معينة يتم عبرها التأثير في المتلقين وفق ما يريده
الامريكيون".
ولنفترض هذا صحيح، الخطاب الديني، وخطابه من بين ما
يجب مراجعته وتطعيمه بأفكار عصرية، مثل تطعيم الأطفال من أمراض الشلل والحصبة، لقد
أكد مفكرين عظام، ومراجعات المرحلة السابقة كلها تقريبا تذهب إلى أن هناك إشكالية
فعلا في الخطاب الديني الإسلامي.
يشتكي عبد الملك الحوثي من خطاب التكفير، ويتهم
خصومه الإخوان بما لذ وطاب من التهم، وعندما يصل الأمر إلى مراجعة إشكالية الخطاب
الديني، ودور المنظمات المدنية في تهذيب وعصرنة خطاب الجامع، يتهمهم بأنهم أصحاب
توجهات أمريكية معينة ( مش عارف أيش معينة بس معينة)، يبدو انه يريد من المنظمات
أن تفجر الجوامع والمدارس بطريقته، فهي العلاج المنطقي من وجهة نظره كما يبدو.
يعمل المجتمع المدني، أو منظمات حقوق الإنسان، ضمن
فلسفة عالمية، لا تقتصر على اليمن، بل كل العالم، وتعمل على تقليل الفجوة بين
البشر على كافة المستويات الفكرية والمعرفية والغذائية، وتساهم في نشر ثقافة السلم
والأمن الدولي...، وتجتهد منظمات عظيمة في صعدة لتقديم أكبر قدر من المساعدات
للحوثيين، قامت بعلاج الكثير من المصابين والجرحى بإصابات بالغة، وتخصص للعمل
والجهود الإنسانية الكثير.
وفي ذات الوقت يعمل كثير من مناصري جماعة الحوثي،
مع المنظمات الإنسانية، المحلية والدولية، ويسافر كثير من أعوانه الإعلاميين
المقربين في رحلات شبه اسبوعية وشبه شهرية، بفلوس ودعم تلك المنظمات، ويقيمون معها
علاقات مالية، ويتلقون منحها، وفي فترة حروب صعدة ساهمت تلك المنظمات والمانحين
بالضغط على نظام صالح، لوقف الحروب ضد جماعته.
استطيع أن اسرد لعبد الملك الحوثي، العديد من
الأشخاص الموالين لجماعته - بل ربما من كتبوا له خطابه الأخير- أنهم تلقوا دعم
ومنح وسفريات من منظمات يشكك بها .
ترتبط المنظمات والمجتمع المدني عموما، بفلسفة حقوق
الإنسان العالمية، واثبت التجربة أنها تملك تاثير إيجابي على حقوق الإنسان، وقدرة
إيجابية على المساعدة في ظروف الحروب والمجاعات والأزمات المختلفة...الخ. وفي
الظروف الطبيعية اثبت التجربة ايضا أن المنظمات لديها الكفائة والقدرة على القيام
بأعمال مختلفة أفضل من المؤسسات الحكومية، وهي إحدى ميزات التطور الإنساني
والتعاون الدولي.. ولفهم هذه الأمور على سعتها وطول شرحها كل ما يحتاجه عبد الملك
الحوثي دورات في حقوق الإنسان، ودورات معرفة في طبيعة العمل الإنساني والحقوقي عبر
العالم، فالرجل يبدو أنه يتحدث عن شيء يجهله تماما.
إن الكثير من الحقوق الأساسية التي تنتهكها جماعة
الحوثي، والكثير من الحقوق الخاصة والحقوق العامة، التي لا تراعيها جماعة عبد
الملك، ليست ثمرة مؤامرة أمريكية، بل هي حقوق طبيعية لكل إنسان، ومهمة المدافعين
عن حقوق الإنسان الدفاع عن هذه الحقوق، والنضال المستمر من أجل تعزيزها ووقف
الإنتهاكات التي تطال الناس، سواء من الحكومات أو الجماعات المسلحة.
هناك مطلبين ملحين أمام جماعة الحوثي، أولا
الإندماج الكامل في العملية السياسية اليمنية، وفق شروط العملية السياسية
الديمقراطية، لا وفق شروطه وشروط جماعته. والثاني الإندماج – وفي نفس وقت الأولى-
مع المجتمع الدولي، وإحترام كافة الحقوق والقوانين الدولية التي إنبثقت عن الأمم
المتحدة، وهيئاتها المختلفة، وعلى رأس أن تتوقف جماعته مثلا عن تجنيد الأطفال في
النزاعات المسلحة التي تخوضها الجماعة، ناهيك عن وضع السلاح والتحول نحو العمل
السلمي والسياسي الديمقراطي.
صحيح لنا خصوصية يمنية وقومية، ولكن زمن العزلة، أو
منطق الائمة في إعتزال العالم والعيش جوار "الكتن" والحشرات فقط، زمنها
ولى إلى غير رجعة، عزلة إيران ايضا ليست سببا وجيها لإعتزال العالم.
إن واحدة من معايير التحضر في عصرنا، تقاس بقدر
الإبتعاد عن التعصب والتطرف والديني، وتقاس إيجابا بقدر الإندماج مع العالم من
حولنا، منذ القرن العشرين لم تعد مفاهيم إعتزال العالم تلقى أهمية أو تحظى بتقدير،
الديمومة للشعوب التي تنفتح بثقافتها على العالم، لا العكس، علينا ان نندمج وننفتح
ثقافيا ونقدم كل شيء جيد للعالم، وعلى عكس ما يذهب له عبد الملك الحوثي.
■ ■ ■
هلال الجمرة يكتب: أغلقوا الجوامع ذلكم خير لكم
نحن سكان "الحضر"، القرية النابضة في قلب جبل الشرق، آنس، عرفنا كيف نقيم في ظل التسامح ورحابة الصدر حتى يناير الماضي. عشنا خارج متاهة مئات السنين، بعيدا عن الصراعات المذهبية والعنصرية.
الجمعة الماضية، عطّل عقلاء قريتي قنبلة التعصّب، وحقنوا دماء الشباب المنقسمين بين جماعة الحوثي المتحمسين لفكرة "الصرخة"، وآخرين معترضين على إطلاقها داخل جامع القرية الأكبر، إذ قرروا إغلاقه.
مذ عامين، تأطّر مجموعة من فتيان القرية في تنظيم الحوثيين، وبدأوا يتجمعون في جلسات منعزلة ويمارسون أنشطة، يتمايزون فيها عن باقي السكان. واستبعدوا إمام أحد مساجد القرية الثلاثة وعينوا أحدهم قيّماً عليه، وأصبح لهم مقيل خاص يرددون فيه صرختهم.
وقبل شهرين، اتخذ هؤلاء مجيء احدهم من صعدة، مناسبةً لإطلاق شعار الحوثي، عقب صلاة الجمعة في الجامع الكبير، الذي يتجمع اليه كل الأهالي للصلاة، فاعترضهم الناس وطلبوا منهم عدم تكرار الصرخة داخل الجامع.
التزموا بالاتفاق لمدة شهر وقليل، وفي الجمعة قبل الماضية، استقبل هؤلاء نداء الجمعة، كما لو كان دعوة إلى العنف. فتركوا السِلْم و حملوا بنادقهم إلى الجامع، وإذ قضيت الصلاة صرخوا ثم اشتبكوا مع المصلين ولولا ان بقية المصلين بلا سلاح لحدثت كارثة.
لم ينته الخلاف عند هذا، وبدا الإنقسام واضحا والوعيد متبادل، بين سكان قرية باتوا أسرة واحدة، متجانسة على مذهب ديني واحد هو المذهب الزيدي. ما الذي حدث لنختلف في تفاصيل، ليست من الدين بقدر ماهي مجرد شعارات سياسية بحته.
هل يستدعي القتل أو الموت من أجل شعار بين أخوة؟
"وإذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خيرٌ لكم.."، كان هذه نداءاً لإقامة شعائر هذا اليوم المقدس.إذا لم يكن هذا هو شعارنا لأداء الصلاة، فأغلقوا الجوامع واحفظوا الدماء هو أصلح عند الله..
الله لم يقل لنا: ... فاسعوا إلى حمل ينادقكم وذروا السلم ذلكم خيرٌ لكم، ولا قال وإذا قضيت فاصرخوا وانتشروا للتمترس وقتل بعضكم البعض...
.....
الجامع ليس - ساحة لمعركة إثبات وإلغاء وجود بنفس الوقت.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق