محمد العبسي نشرت في 2008
يستيقظ
سكان لندن، عادة، على لوحات جدارية ورسومات ساخرة على جدران مدينتهم. غير إنهم
يعرفون مصدرها: إنه "بانكسي". ذلك الفنان الذكي واللماح والذي يدعى
أيضاً "الفنان المراوغ" لما له من موهبة على التخفي عن أعين الناس
والرسم دون أن يراه أحد. سُمّي أيضاً "فنان حرب العصابات". انه بارع في
الرسم كما في التسلل إلى أي مكان والبقاء متخفياً قبل وأثناء الرسم على الجدران.
وربما لهذا السبب لم اجد له صورة شخصية على محرك الgoogle
أواخر 2007م أقام "بانكسي" مع عدد من الفنانين البريطانيين والأمريكيين والعرب معرضاً جدارياً في مدينة بيت لحم بالتزامن مع احتفالات الكريسماس. شارك في ال"غيتو سانتا" الفنان الفلسطيني "سليمان منصور "صاحب اللوحة الشهيرة التي تصور رجلاً مقدسياً يحمل على كتفه مدينة القدس. هذه اللوحة التي رسمت في العام 1973م لقيت حتفها بعد سنوات. ذلك أن الحكومة الليبية قامت بشرائها فدمرت عند قصف العاصمة الليبية طرابلس من الطيران الأمريكي في العام عام 1986م. وقد قال بانكسي للتايمز البريطانية حينها: "سيكون من الأفضل أن يأتي الناس إلى بيت لحم. فان كان الوضع آمناً بالنسبة للفنانين فانه سيكون آمناً لجميع السياح". يبلغ ارتفاع جدار الفصل الإسرائيلي 8 أمتار. وبحسب فنانين فان "هذه الجدران هي أفضل المواقع لفن الشوارع".
أواخر 2007م أقام "بانكسي" مع عدد من الفنانين البريطانيين والأمريكيين والعرب معرضاً جدارياً في مدينة بيت لحم بالتزامن مع احتفالات الكريسماس. شارك في ال"غيتو سانتا" الفنان الفلسطيني "سليمان منصور "صاحب اللوحة الشهيرة التي تصور رجلاً مقدسياً يحمل على كتفه مدينة القدس. هذه اللوحة التي رسمت في العام 1973م لقيت حتفها بعد سنوات. ذلك أن الحكومة الليبية قامت بشرائها فدمرت عند قصف العاصمة الليبية طرابلس من الطيران الأمريكي في العام عام 1986م. وقد قال بانكسي للتايمز البريطانية حينها: "سيكون من الأفضل أن يأتي الناس إلى بيت لحم. فان كان الوضع آمناً بالنسبة للفنانين فانه سيكون آمناً لجميع السياح". يبلغ ارتفاع جدار الفصل الإسرائيلي 8 أمتار. وبحسب فنانين فان "هذه الجدران هي أفضل المواقع لفن الشوارع".
هنا
عرض وقراءة انطباعية في 5 لوحات جدارية للفنان "بانكسي".
1-
احتجاجاً على جدار الفصل الإسرائيلي

ماذا
تنتظرون؟
2-
"اغمض عينيك ترى بوضوح أكثر"
المُبهر
في هذه اللوحة هو إعادة الاعتبار للخيال البشري كسلاح عقلي مذهل يتيح لكل فرد
فلسطيني الذهاب، بمخيلته، إلى أماكن بعيدة جداً. فبالخيال بإمكانك أن ترى حبة ذرة
في حجم جبل. وبالحس التخيلي استطاع صبيان صغيران، ظاهران في اللوحة، أن يفتحا في
جدار الفصل الإسرائيلي كوة تطل على شاطئ بحري مسيج بالنخيل.
وفي
موضوع ذي صلة فقد أثبتت العلوم العقلية والتجارب والأبحاث الفيزيائية، خلال العقود
القليلة، القدرات الهائلة للمخيلة في تكوين حالة ذهنية ونفسية خلاقة. وقد كان ألبرت
اينشتاين خير مثال على الأشخاص الذين كانوا يفكرون على هيئة صور ذهنية. حتى انه
كان يقول: "اغمض عينيك وتخيل ترى بوضوح أكثر".
لقد
تخطى هذان الصبيان الجدار الإسرائيلي بالمخيلة ليس إلا. لا يوجد في حياتنا نحن
جدار مثل الفلسطينيين غير إن روتين الحياة اليومية حوّل هذه الملكة العجيبة
"الخيال" إلى جدار حقيقي: جدار غير مرئي ممثل بالعادات والأعراف
والأفكار المسبقة عن كل شيء!
تباً ل"مقاولي" هذا الجدار!
3- انه
"جيري" حاملاً نبالة حجارة!
الفأر
الأسود، الطاهر في اللوحة، هو شخصية كاريكاتورية اشتهر "بانكسي" برسمها
باستمرار. هذا هو بطل الكثير من جداريات "بانكسي" في جدران لندن. شأنه
شأن البطل الشهير للوحات الفنان الفلسطيني "ناجي العلي". ذلك المدير
ظهره للمشاهد دائماً في تعبير احتجاجي ساخر على الواقع الفلسطيني.
والفأر،
بالمناسبة، ليس انتقاصاً من الفلسطينيين وتقليلاً منهم كما يخيل للوهلة الأولى.
ذلك أن للفأر ذاكرة بصرية لدى المتلقي الأوروبي: انه "جيري". ذلك الفأر
الصغير الفطن الذي يتغلب، باستمرار، على القط الكبير الغبي "توم" بذكائه
وحيله المحكمة. انظروا إليه. انه يحدق، في هذه الجدارية، إلى جدار الفصل
الإسرائيلي ويحمل في يدي أحد أشهر رموز المقاومة الفلسطينية: نبالة الحجر
"القوس".
هل
أدّعي أن المعنى واضح: فأر "بانكسي" الفلسطيني قادر على التغلب على
الجدار الإسرائيلي. تماماً كما يتغلب "جيري" الفأر الذكي، باستمرار، على
من هو أكبر منه حجماً وقوة: القط "توم". فالمقاومة الفلسطينية، إذن،
"جيري" وإسرائيل "توم". والفنان البريطاني "بانكسي"
هنا في صف من هو أصغر وأضعف.
4-
"الحمامة" رمز السلام ترتدي سترة ضد الرصاص
في
اعتقادي أنها اللوحة رقم واحد من حيث السخرية السوداء. السخرية المراوحة في
المنطقة الحرجة بين الضحك والبكاء. ذلك أنها تبعث على الضحك. وبذات القدر تبعث على
البكاء. وكأنها تسير على قدمين: قدم في اتجاه والأخرى في الاتجاه المعاكس. وإذا
كان التهكم في اللغة يعني "نقل الكلام في غير مقتضاه". فان التهكم في
هذه اللوحة الجدارية له نفس المعنى أيضاً: "نقل الرمز في غير مقتضاه".
الحمامة،
عبر التاريخ البشري، رمز السلام. رسول محبة وسلام في التراث العالمي أجمع. إنها
حاملة غصن الزيتون في مقابل الغراب نذير الشؤم والقتل. وهنا المفارقة التي وظفها
"بانكسي" بذكاء. فالحمامة الظاهرة في اللوحة تحمل غصن زيتون كعادة
الحمام في تبليغ رسالة السلام. غير إنها ترتدي، على غير عادة الحمام، سترةً واقية
ضد الرصاص لا يرتديها إلا الجنود ومن كان في مرمى تهديد النيران. وهنا التهكم بحق.
إذ كيف يتحقق السلام إن كان رسول السلام بذاته في وضع غير آمن. وفي مرمى النيران.
ويرتدي سترة ضد الرصاص!
وزيادةً
في السخرية وإمعاناً في التهكم يضيف "بانكسي" تفصيلاً آخر. يوجد قناص
إسرائيلي، غير ظاهر في اللوحة، يوجّه بندقيته باتجاه صدر الحمامة التي تبدو في
مرمى بندقيته تماماً، وقد ظهرت دائرة تحديد الهدف الحمراء على صدرها استعداداً
للقنص.
ترى هل تجسّد هذه اللوحة، بسخرية، عملية السلام الفلسطيني الإسرائيلي؟ ربما. هذا فن
قابل لأكثر من تأويل وقراءة.
5- الجميع
متسلّقون!
الجميع
متسلقون.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق