الأحد، 7 أكتوبر 2012

اليمن مقبرة الثورات أيضاً!

طلاب جامعة صنعاءيتظاهرون بانهاء عسكرة الجامعة اثناء مرور احد مجندي الفرقة أولى بالصدفة
اليمن مقبرة الثورات أيضاً!

محمد العبسي
absi456@gmail.com

هاني الجنيد بعد الاعتداء عليه
عمر القاضي
كان هاني الجنيد يهتف للثورة بحماسة الأبطال في الوقت الذي كان اللواء علي محسن وآخرين مجتمعين مع الرئيس السابق في لجنة إدارة الأزمة يعملون على تقطير السم وتدبير المكائد لوأد الاحتجاجات السلمية. اليوم العكس: هاني ورفاقه يهتفون في نفس المكان مطالبين برحيل الفرقة أولى من جامعة صنعاء فتقول عنه قناة سهيل أنه "مندس وبلطجي" ثم يعتدي عليه مجهولون في شارع الرقاص ويتطوع ثوار الدفع المسبق للدفاع عن الرجل الأول في نظام صالح اللواء علي محسن الأحمر.
لم يكن هاني وحده. كنت أرى انتفاخ العروق بالدم في رقبة زميله عمر القاضي وهو يهتف "الشعب يريد إسقاط النظام" في الوقت الذي كان الزميل سيف الحاضري يراجع تهاني التجار والوزراء في صحيفته لباني نهضة اليمن الحديث وربان السفينة علي عبدالله صالح قبل أن يصبح اسمه عفاش.
نادر الصوفي في مظاهرة مطالبة بانهاء عسكرة جامعة صنعاء
كان هناك أيضاً نادر الصوفي وسميح الوجيه وما لا يتعدى ثلاثين ناشطاً وشاباً في الوقت الذي كان نبيل الفقيه وحمود الهتار يستلمون مئة وأربعين ألفا بدل جلسات اجتماع مجلس الوزراء الأسبوعي وينتظرون، مع عدد من الوزراء وأعضاء مجلس الشورى السابقين، اللحظة المناسبة للقفز إلى السفينة الناجية. (هناك نماذج مشرفة من هؤلاء طبعاً)

 وبينما كانت سامية الأغبري يعتدي عليها من أنصار الرئيس السابق في جولة الرويشان بقلب العاصمة كان الشيخين الزاندني وصادق الأحمر يقودان جهود الوساطة بين الرئيس السابق والمشترك. فيما كان رئيس أكبر حزب معارض عبدالوهاب الآنسي يطلب من توكل كرمان التهدئة والتعقل أما نائب رئيس مجلس النواب حمير الأحمر فقد كان وقتها يتناول الغداء مع الرئيس صالح باعتباره الأب الحنون لا عفاش القاتل السفاح.
الشاعر الشعبي احمد المنيعي
جرمة بعد الاعتداء
كان أحمد المنيعي الشاعر الإصلاحي الجميل حاضراً من اللحظات الأولى بصدقه وصوته الجهوري. وفي الوقت الذي كان أنصار الرئيس السابق يضربون بالهراوات الشاعر محي الدين جرمة كان نصف أعضاء المجلس الوطني للثورة ونصف أعضاء لجنة الحوار ووزير الدفاع يحبسون أنفاسهم إذا رن الهاتف وظهر رقم خاص متمنين أن يكون المتصل فخامة الرئيس صالح!
احمد باخريبة
وأقفل أحمد باخريبة ورشته ورمي كل شيء وراء ظهره من أجل الثورة بينما كان حسين الأحمر يفاوض للحصول على مكاسب أكبر من منصب الأمين العام المساعد للمؤتمر الشعبي الذي عرض عليه كثمن لتجديد تحالفه مع الرئيس صالح. لا أذكر ماذا حصل بعدها سوى أن الثورة ذهبت الى حسين الأحمر وطلبت منه تسمية شخص من مجلسه ليكون عضوا في اللجنة التحضيرية للثورة. اللجنة ذاتها التي ستعتدي بالهروات على أحمد باخريبة وتدمي رأسه شأن العشرات من الشباب.
بلقيس اللهبي
كانت النخب السياسية والأحزاب خلال الـ18 يوماً الصعيبة -بين سقوط زين العابدين بن علي وسقوط حسني مبارك- تتلبس ثوب العقلانية واللاموقف حتى أن الدكتور ياسين سعيد نعمان الذي نحبه قال للبيان الإماراتية انه يستبعد حدوث ما حدث في تونس في اليمن بينما قالت قبله بأسبوعين فقط في 15يناير الناشطة بلقيس اللهبي للجزيرة في أول مظاهرة خرجت لإسقاط النظام في اليوم التالي لزين العابدين من أمام السفاة التونسية إذا كان صالح يهددنا بالصوملة فنحن نهدده بالتونسة. لم يمض وقت طويل حتى هتف عضو اللجنة التنظيمية نبيل الجرباني من على منصة ساحة التغير إن بلقيس اللهبي تعمل مندسة وأمن قومي لحساب النظام والقصة ذاتها مع عشرات الناشطين وقدامى المعارضيين!
أجمل أيام الثورة كانت تلك الثلاثة أسابيع بين سقوط بن علي وحسني مبارك. أيام الشدة والخوف. عدد قليل يتجمعون يوميا أمام نصب "الإيمان يمان والحكمة يمانية" وبعد وقت قصير يتجمع أمامنا أنصار الرئيس السابق وينتهي التجمع في كل مرة بالاعتداء! الاعتداء الذي صار فيما بعد يمارس من قبل اللجنة التنظيمية للثورة وجنود الفرقة كورثة شرعيين لبلطجة النظام السابق.
صادق غانم مؤسس مدونة ارحل
النائب حاشد
وقتها لم تكن ساحة التغيير ساحة بعد. ولم يكن المتنطعون ولا الأحزاب ولا اللجنة التنظيمية قد هبطوا بالبرشوت بعد. كان غالبية الحضور من ناشطي المجتمع المدني وطلاب الجامعة وحركة 15 يناير. وإلى جانب أحمد سيف حاشد والخيواني والمقالح ونبيل سبيع ووميض وحزب رأي وقبائل من أحل التغيير وآخرين كان هناك توكل كرمان وخالد قبل أن يتحولا إلى حائط صد للدفاع عن القوى التقليدية بما يكفي لإدانة لزملائهم الذين يحاربون بنفس أدواتهم السلمية لا البندقية ولا القبيلة ولا شراء الولاءات بالمال. وبينما كان الشاعر أحمد الجبلي يصارع السرطان في خيمته وحيدا كان المنشقون عن نظام صالح وأكثر المستفيدين منه يتقاسمون سلطة ما بعد الثورة.
باختصار اليمن ليست مقبرة للغزاة فحسب وإنما مقبرة الثورات أيضاً وخصوصاً.

ليست هناك تعليقات:

Disqus for TH3 PROFessional