هذا مقال قديم، لكن حميم، نشر قبل 8 أعوام في الملحق الثقافي لصحيفة الثورة. فاجئني الصديق إسماعيل الذي تعرفت عليه قبل يومين فقط بتعليق له، في صفحة صديق مشترك، حول مقالي الأخير عن ضحايا السيول. قال اسماعيل: "أعرف لهذا الصحفي مقالة قديمة بعنوان خواطر عن المكنة الألمانية.. بجدّ أديب أكثر من كونه صحفي".
خواطر عن المكنة الألمانية
عمال بيتهوفن روشتة
السيمفونية الثالثة للودفيج بيتهوفن سيمفونية نازية هتلرية فعلاً, ليس العنف والضجيج ولا حتى الرغبة في تحطيم كل الصحون في المطبخ, ليس ذلك فحسب, بل الإزعاج الذي لا ريب فيه.
ما بعد الحداثة ألطف, تخلي شعرها عن الشعري, عن حساسية المفردة واللحظة الشعرية وراء ما يظن أنه الهامش والمهمل وليس كذلك, قد يعوض عنه فلاش جملة شعرية أنيقة, الرواية الجديدة بلا حدث أشبه بسيارة بدون هيكلها الخارجي, لكن تقطيع الأسطر إلى ما يشبه شرائح اللحم أو الجبنة يمنحك على الأقل لقمة ممتعة, لكنني غير مقتنع بهذه السمفونية على الإطلاق وليعذرني المقالح عبد الكريم الذي يدافع عنها بقوة, بيتهوفن أراد فيها نسف البناء الكلاسيكي للأوركسترا الأوربية دون تراكم جمالي, ذائقته فيها أقرب إلى ذاقة حداد أو "مصلح تناوير" ومذا جنى من الانتهاك من اجل الانتهاك, لقد رشقه الجمهور حينها - للأسف - بالأحذية!!
السمفيونية الثالثة لبيتهوفن تمثل العهد النازي!!
أعظم اللحظات وأخلدها بالنسبة للشعب الألماني كانت عندي انهيار جدار برلين واتحاد الألمانيتين, وحدهم الحلفاء هزموا النازيين, أما الشعب الألماني فلم يفعل إلا عند انهيار الجدار السوفييتي!!
لو كان بيتهوفن حياً حينها لعاد إليه سمعه, لكنه عاش تلك اللحظة العظيمة, بكل شاعريتها ورومانسيتها, في سمفونيته العذبة, السمفونية الراقصة "السادسة".
هذه اللحظات العظيمة ربما عاد إليها الألمان في أعمال بيتهوفن في سوناتاته "بحيرة البجع" التي لم اسمعها بعد!!
ألمانيا اليوم هي السمفونيات الثلاث الأخيرة "العبقرية, الإبداع, التحدي" والسابعة أقربها إلى نفسي, أعمال بيتهوفن الأخيرة روشتة حقيقة للتحدي, أكان في تأمل وفهم مضمونها أو في التفاعل بالجنون مع مؤلفها الأصم, لقد بدأ بيتهوفن يفقد سمعه مع أواخر القرن السابع عشر, أي في الثلاثينيات من عمره, تلك الأعمال العظيمة من نتاج أسوأ مراحل بيتهوفن, لكن تدهور سمعه لم يؤثر على انتاجه ابداً, والسؤال الذي طالما حير علماء السمعيات هو: كيف بيتهوفن يستمع إلى ما يؤلفه في فتراته الأخيرة؟
باعتماده على السمع بالطريقة العظمى, وذلك بوضع مسطرة بين اسنانه تثبت بطرفها الآخر بالبيانو, ساعده في ذلك أن فقدانه لسمعه لم يكن في حاسة السمع أو العصب السمعي وإنما في العضلة, إلا أن هذه الطريقة كانت تخلف أثراً مزعجاً لديه بسبب الطنين المرافق للسماع المتجه إلى الدماغ مباشرة.
محمد عبده العبسي
صُدمت وشعرت بالغبطة لكون شخص ما لا أعرفه، لا شخصياً ولا إلكترونياً، لما يزل يذكر لي مقالاً مضى علة نشره 8 أعوام يبدو لي اليوم ركيكاً ومراهقاً لكن أثيراً وحميمياً وضاجاً بالحياة سيما وأنني وقتها كنت في مقتبل العشرينات. هل هي قوة ذاكرة الصديق إسماعيل أم أنه المقال ولغته الفرائحية وغير المحتشمة؟ لستُ واثقاً إيهما السبب. الأكيد أن عامي 2004 و2005م كانا من أخصب سنوات حياتي خاصة في الشعر والأدب، لا الصحافة طبعاً، حتى أنني حائر ولا أدري هل أبتهج بما أتوهم أنني كسبته صحفياً! أم يتوجب أن أندب ما خسرته أدبيا؟
الحكم لكم.
على أنني لا أخفي أنني أتمنى لو أن بمقدوري استعادة الحالة الذهنية التي كانت تتقمصني وقتذاك: جرأة اللغة وعدم حشمتها وانضباطها، الجُمل المضغوطة، وشراسة المخيلة. المخيلة البريئة والعفوية التي لا تعرف السياسة وحساباتها، والصحافة وموغدتها.
شكرا لك يا عزيزي Ismail Ismail Aljedadi فقد منحتني أجمل هدية ولحظات جميلة استعدت فيه زمناً جميلاً.
مقال للصحفي المبدع محمد عبده العبسي نشر في صحيفة الثورة بتاريخ 4/4/2005
الجزء الأول
ليست الحبة السوداء ولا الفياجرا, لا علاقة لدعاء الوالدين بالموضوع, فمشوار الألف ميل يبدأ باستقلال سيارة أجرة, ولا ينتهي ببلوغ الألف.
الخطوة تلائم اللحظات المشحونة بالغبطة الفلسفية والتأملية, تلائم محمد العبسي والمفلسون, أما عباقرة التكنولوجيا فالبكاد تفي القطارات.
لا يعرف الألمان حبوب منع الحلم, "هاي هتلر" كانت ستستبدل ب "هاي شروردر", وبلكنة ديمقراطية, لو كانت ألمانيا –لا قدر الله- بلداً عربياً, الثقافة العربية موضوع هذه الطحالب : الحزب الواحد, الحقيقة الواحدة,...الخ.
كانت الإشارة حمراء, حمراء و"نص" بعد الحرب العالمية الثانية, لكن المرسيدس تجاوزتها دون أي مخالفة, تجاوزتها دون أن تبصق المارة والباعة بزعانف الوحل النازي, وفعلتها بصمت وبسرعة قياسية.
وضع ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية محرج للغاية, كسجين "أبو غريب", طائرات الحلفاء لم تقذف رأس برلين بالشامبوهات والقنابل المائية, قذفتها بالدمار, كما حدث لبغداد بالضبط, أراهن أن طفلاً حينها ألتقط كسرة معدنية ظاناً أنها بسكويتة وأن النساء البرلينيات سرقن بيادات الجنود القتلى ليغترفن الماء بها, كل شيء وارد في الحرب, ويكون وارداً وصادراً معاً عندما يحل هتلر محل يبتوهفن وريكله أو ميسولوني محل سالبري ودانتي!!
كيف بالأمر عندما يحل أبو جهل اللهبي محل...!؟؟
لقدر أدرك الألمان سريعاً أن الأنظمة الشمولية الدكتاتورية لا تقود شعوبها إلا إلى نقيل سمارة, لم يدرك العرب بعد فاتورة النازية الباهضة: شيكات دمار دون أي رصيد إنساني, كومة من العقد والأخطاء التاريخية والسياسية, جدار برلين الذي عزل بيت جوته عن ضحكة بيت المقدس ونخيله ...الخ
كل ذلك ماكان لأي مسحوق غسيل أن يزيله هكذا بقرار سياسي أو نقلة شطرنج دون ثورة مجتمعية شاملة, ثورة وليس ثوراً!!
عانت ألمانيا طيلة العقود السابقة لإنهيار جدار برلين من ضيق تنفس في طموحها, الكرسي الألماني في قاعة مجلس الأمن الدولي كان مهترئاً وحديدياً, كانا كرسيين بالأصح, دخان النازية – رغم إنخماد نارها – ظل يضايق اللوفتهانزا, وهذا طبيعي, فالإطاحة بالنظام النازي لا ترادفها إطاحة أتوماتيكية بالأفكار والمخلفات النازهتلرية, لا بد من فترة إنتقالية أو لنقل "فلتر" تكتيكي تعقبه سباحة ضدية واقتحام لمنطقة ال(18) ياردة, وهذا ما نجح به الألمان, ثم اليابانيون بمسافة لا بأس بها, مائة بالمائة.
يا حسرة على الشعوب العربية التي قضت عمرها في المراحل الإنتقالية والترانزيتات, وهكذا, من فلتر ملكي إلا فلتر جمهوملكي, و"ارحبوا على الحاصل".!!
أين بيادات الرايخ الثالث!؟
أين ألمانيا اليوم؟
إنها دولة عظمى وثالث اقوى اقتصاد في العالم, هتلر كان يحلم في الواقع – لا على السرير – باحتلال العالم واستعماره عسكرياً تفكير سادي وسطحي, ألمانيا اليوم تحتل العالم تكنولوجياً وتقنياً, تماماً كما تحتل السيدة فيروز شرايين وقتي.
أتسائل: لماذا ذلك!؟ ألأن ألمانيا بلد حضاري, الشعوب العربية أقوى من حيث الترسانة التاريخية والحضارية وكان وأخواتها, العلة ربما في أننا فقدنا المفتاح الكهربائي الذي أضاء الأولون منه العالم, "عادي نشتري واحد جديد".
عندما كانت بيادات الرايخ الثالث "تتبلطج" في شوارع باريس, أثناء إحتلال النازيين لفرنسا, في ذلك الوقت ما كان أسمن المتفائلين يتوقع أو يترقص اللوفر على الأولكسترا الألمانية ويتعانقا بهذه الحميمية!!
حمامات السلام التي ضختها ناطحات فرانكفورت هي ذاتها القادمة من برج ايفل.
الحرب على العراق كونت فعلياً التحالف الفرنسوألماني, الأكثر حيادية وعقلانية, شوكة هذه التحالف الخضراء تقوي كل يوم وسياسته الذكية تحظي باحترام وارتياح الشارع العربي, وإن كان بلا تأثير!!
ألمانيا بلد العباقرة في شتى المجالات الإنسانية, التنافضات الوجودية فيه خلّاقة, وهكذا أي بلد يربي الناس على إحترام الحقوق والقوانين ويطبقها على الجميع, بلد يتجه نحو صناعة الإنسان لا إلى الأورام
ألمانيا موطن الموسيقى, النمسا كذلك, علماء الموسيقى يلزمون دارسي الموسيقولوجيا بتعلم اللغة الألمانية, باعتبارها أهم المؤلفات المتعلقة بتاريخ الموسيقى ونظرياتها وكذا المؤلفات الموسيقية العالمية كتبت باللغة الألمانية.
عاطفتي تجاه هذا البلد تعود إلى عام 1992م كنت في التاسعة من العمر, أتذكر الدموع التي ركضت في زاوية من "الحوش" إثر خسارة المنتخب الألماني في نهائي أمم أوروبا أمام الدنمارك(2/0), أيضاً الزملاء هنا في صحيفة "الثورة" يذكرون نهائي كأس العالم 2002م, كنت الوحيد الذي شجع أوليفر كان, وخسرت كعادتي!!
كانت الإشارة حمراء, حمراء و"نص" بعد الحرب العالمية الثانية, لكن المرسيدس تجاوزتها دون أي مخالفة, تجاوزتها دون أن تبصق المارة والباعة بزعانف الوحل النازي, وفعلتها بصمت وبسرعة قياسية.
وضع ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية محرج للغاية, كسجين "أبو غريب", طائرات الحلفاء لم تقذف رأس برلين بالشامبوهات والقنابل المائية, قذفتها بالدمار, كما حدث لبغداد بالضبط, أراهن أن طفلاً حينها ألتقط كسرة معدنية ظاناً أنها بسكويتة وأن النساء البرلينيات سرقن بيادات الجنود القتلى ليغترفن الماء بها, كل شيء وارد في الحرب, ويكون وارداً وصادراً معاً عندما يحل هتلر محل يبتوهفن وريكله أو ميسولوني محل سالبري ودانتي!!
كيف بالأمر عندما يحل أبو جهل اللهبي محل...!؟؟
لقدر أدرك الألمان سريعاً أن الأنظمة الشمولية الدكتاتورية لا تقود شعوبها إلا إلى نقيل سمارة, لم يدرك العرب بعد فاتورة النازية الباهضة: شيكات دمار دون أي رصيد إنساني, كومة من العقد والأخطاء التاريخية والسياسية, جدار برلين الذي عزل بيت جوته عن ضحكة بيت المقدس ونخيله ...الخ
كل ذلك ماكان لأي مسحوق غسيل أن يزيله هكذا بقرار سياسي أو نقلة شطرنج دون ثورة مجتمعية شاملة, ثورة وليس ثوراً!!
عانت ألمانيا طيلة العقود السابقة لإنهيار جدار برلين من ضيق تنفس في طموحها, الكرسي الألماني في قاعة مجلس الأمن الدولي كان مهترئاً وحديدياً, كانا كرسيين بالأصح, دخان النازية – رغم إنخماد نارها – ظل يضايق اللوفتهانزا, وهذا طبيعي, فالإطاحة بالنظام النازي لا ترادفها إطاحة أتوماتيكية بالأفكار والمخلفات النازهتلرية, لا بد من فترة إنتقالية أو لنقل "فلتر" تكتيكي تعقبه سباحة ضدية واقتحام لمنطقة ال(18) ياردة, وهذا ما نجح به الألمان, ثم اليابانيون بمسافة لا بأس بها, مائة بالمائة.
يا حسرة على الشعوب العربية التي قضت عمرها في المراحل الإنتقالية والترانزيتات, وهكذا, من فلتر ملكي إلا فلتر جمهوملكي, و"ارحبوا على الحاصل".!!
أين بيادات الرايخ الثالث!؟
أين ألمانيا اليوم؟
إنها دولة عظمى وثالث اقوى اقتصاد في العالم, هتلر كان يحلم في الواقع – لا على السرير – باحتلال العالم واستعماره عسكرياً تفكير سادي وسطحي, ألمانيا اليوم تحتل العالم تكنولوجياً وتقنياً, تماماً كما تحتل السيدة فيروز شرايين وقتي.
أتسائل: لماذا ذلك!؟ ألأن ألمانيا بلد حضاري, الشعوب العربية أقوى من حيث الترسانة التاريخية والحضارية وكان وأخواتها, العلة ربما في أننا فقدنا المفتاح الكهربائي الذي أضاء الأولون منه العالم, "عادي نشتري واحد جديد".
عندما كانت بيادات الرايخ الثالث "تتبلطج" في شوارع باريس, أثناء إحتلال النازيين لفرنسا, في ذلك الوقت ما كان أسمن المتفائلين يتوقع أو يترقص اللوفر على الأولكسترا الألمانية ويتعانقا بهذه الحميمية!!
حمامات السلام التي ضختها ناطحات فرانكفورت هي ذاتها القادمة من برج ايفل.
الحرب على العراق كونت فعلياً التحالف الفرنسوألماني, الأكثر حيادية وعقلانية, شوكة هذه التحالف الخضراء تقوي كل يوم وسياسته الذكية تحظي باحترام وارتياح الشارع العربي, وإن كان بلا تأثير!!
ألمانيا بلد العباقرة في شتى المجالات الإنسانية, التنافضات الوجودية فيه خلّاقة, وهكذا أي بلد يربي الناس على إحترام الحقوق والقوانين ويطبقها على الجميع, بلد يتجه نحو صناعة الإنسان لا إلى الأورام
ألمانيا موطن الموسيقى, النمسا كذلك, علماء الموسيقى يلزمون دارسي الموسيقولوجيا بتعلم اللغة الألمانية, باعتبارها أهم المؤلفات المتعلقة بتاريخ الموسيقى ونظرياتها وكذا المؤلفات الموسيقية العالمية كتبت باللغة الألمانية.
عاطفتي تجاه هذا البلد تعود إلى عام 1992م كنت في التاسعة من العمر, أتذكر الدموع التي ركضت في زاوية من "الحوش" إثر خسارة المنتخب الألماني في نهائي أمم أوروبا أمام الدنمارك(2/0), أيضاً الزملاء هنا في صحيفة "الثورة" يذكرون نهائي كأس العالم 2002م, كنت الوحيد الذي شجع أوليفر كان, وخسرت كعادتي!!
عمال بيتهوفن روشتة
السيمفونية الثالثة للودفيج بيتهوفن سيمفونية نازية هتلرية فعلاً, ليس العنف والضجيج ولا حتى الرغبة في تحطيم كل الصحون في المطبخ, ليس ذلك فحسب, بل الإزعاج الذي لا ريب فيه.
ما بعد الحداثة ألطف, تخلي شعرها عن الشعري, عن حساسية المفردة واللحظة الشعرية وراء ما يظن أنه الهامش والمهمل وليس كذلك, قد يعوض عنه فلاش جملة شعرية أنيقة, الرواية الجديدة بلا حدث أشبه بسيارة بدون هيكلها الخارجي, لكن تقطيع الأسطر إلى ما يشبه شرائح اللحم أو الجبنة يمنحك على الأقل لقمة ممتعة, لكنني غير مقتنع بهذه السمفونية على الإطلاق وليعذرني المقالح عبد الكريم الذي يدافع عنها بقوة, بيتهوفن أراد فيها نسف البناء الكلاسيكي للأوركسترا الأوربية دون تراكم جمالي, ذائقته فيها أقرب إلى ذاقة حداد أو "مصلح تناوير" ومذا جنى من الانتهاك من اجل الانتهاك, لقد رشقه الجمهور حينها - للأسف - بالأحذية!!
السمفيونية الثالثة لبيتهوفن تمثل العهد النازي!!
أعظم اللحظات وأخلدها بالنسبة للشعب الألماني كانت عندي انهيار جدار برلين واتحاد الألمانيتين, وحدهم الحلفاء هزموا النازيين, أما الشعب الألماني فلم يفعل إلا عند انهيار الجدار السوفييتي!!
لو كان بيتهوفن حياً حينها لعاد إليه سمعه, لكنه عاش تلك اللحظة العظيمة, بكل شاعريتها ورومانسيتها, في سمفونيته العذبة, السمفونية الراقصة "السادسة".
هذه اللحظات العظيمة ربما عاد إليها الألمان في أعمال بيتهوفن في سوناتاته "بحيرة البجع" التي لم اسمعها بعد!!
ألمانيا اليوم هي السمفونيات الثلاث الأخيرة "العبقرية, الإبداع, التحدي" والسابعة أقربها إلى نفسي, أعمال بيتهوفن الأخيرة روشتة حقيقة للتحدي, أكان في تأمل وفهم مضمونها أو في التفاعل بالجنون مع مؤلفها الأصم, لقد بدأ بيتهوفن يفقد سمعه مع أواخر القرن السابع عشر, أي في الثلاثينيات من عمره, تلك الأعمال العظيمة من نتاج أسوأ مراحل بيتهوفن, لكن تدهور سمعه لم يؤثر على انتاجه ابداً, والسؤال الذي طالما حير علماء السمعيات هو: كيف بيتهوفن يستمع إلى ما يؤلفه في فتراته الأخيرة؟
باعتماده على السمع بالطريقة العظمى, وذلك بوضع مسطرة بين اسنانه تثبت بطرفها الآخر بالبيانو, ساعده في ذلك أن فقدانه لسمعه لم يكن في حاسة السمع أو العصب السمعي وإنما في العضلة, إلا أن هذه الطريقة كانت تخلف أثراً مزعجاً لديه بسبب الطنين المرافق للسماع المتجه إلى الدماغ مباشرة.
محمد عبده العبسي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق