كأنما كان عبدالله البردوني، شاعر اليمن ورائيها الوحيد، يبصر في سنة 1971 ما ستؤول إليه الوحدة اليمنية في 22 مايو 1990م، وما ستؤدي إليه حرب
7/7 في 1994 بعدها من شرخ في الهوية اليمنية لا يُجبر، وكيف ستخرج مسيرات الحراك
في 2007م، وكيف ستقمع وكيف سيتفشى الفرز المناطقي المقيت مجدداً بين شمالي
وجنوبي، وجبلي وساحلي، و"مَطلعْ ومْنزل" ويجد طريقه إلى كلام الناس
وحياتهم اليومية، ويبدو أنه رأى أيضاً كيف ستتنفس من جديد كل تلك العاهات وتتنكر
في لبوس مزيفة توافرت بشكل أو بآخرفي مؤتمر الحوار بموفمبيك في 2013م.
منتجات موفمبيك في 2013 لا تختلف عن منتجات مؤتمر خمر او مصالحة
70م او وثيقة العهد والاتفاق في 94م، وشعار الدولة المدنية الذي تغنى به شركاء
القسمة والفيد في اليمن، كشعار الفيدرالية اليوم، ومثل شعار "الجمهورية أو
الموت" قبل خمسة عقود، أو شعار "الوحدة أو الموت" قبلل عقدين. إنها
مجرد شعارات تنكرية، لن يرتديها ويتقمصها إلا شركاء الفيد والقسمة شمالا وحنوباً
وقطعا لن يتضرر سوى عامة الناس هنا وهناك وليس الجلادون والخارجون على القانون
والمتحايلون عليه والمستخدمون له.
لقد رأى عبدالله البردوني، ببصيرته الفذة، يمن 2013 وهو بعد
مقيم في يمن 1971م.
هذه إحدى "لوغارتميات" وإشراقات الرائي في البلد
الأعمى عبدالله البردوني. ليست انطباعات شاعر وإنما بصيرة رائي ودفقات رؤيوية
عابرة للأزمان ومقاومة للنسيان.
كأنما لا يكتب البردوني أشعاراً وإنما قوانين فيزيائية دقيقة
وثابتة لدرجة أن اي أحد ليقرأ هذه الأبيات الشعرية من قصيدة الغزو من الداخل، التي
تعود كتابتها إلى مطلع سبعينات القرن
الماضي ليعتقد أنه كتبه لتوه في يومنا هذا!
هذه الأبيات الشعرية، وغيرها الكثير، مثل الألماس، أو المعادن
المقاومة للزمن التي لا تتغير حتى بعد مضي أكثر من أربعة عقود على كتابتها.
ألهذا السبب قاموا بإخفاء مؤلفاتلك غير المطبوعة يا أستاذ
عبدالله؟
يمانيون في المنفى ومنفيـون فـي
اليـمـن
جنوبيون في صنعـاء شماليـون
فـي عـدن
ومـن مستعـمـر غـاز إلى مستعمـر وطـني
يمانـيـون يــا
أروى
ويا سيف بن ذي يزن
ولـكـنـا برغمـكـمـا بـلا يُمـن بــلا يـمـن
الصورة
التقطها الفنان الزميل عبدالرحمن الغابري لنجله مع الراحل في منزله بصنعاء
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق