الثلاثاء، 13 مايو 2014

ألا ترون أن المصائب تأتي بالجملة لا فرادى في اليمن!

واجهوا الحقائق بمعزل عن نظريات المؤامرة: أزمة الوقود والكهرباء الحالية أزمة مالية. حقيقية وليست مفتعلة. بتبسيط شديد وبلغة الأرقام: تبلغ موازنة الدولة نحو 13 مليار دولار موزعة على النحو الكارثي التالي:
 ملياري دولار فوائد قروض البنوك المحلية وأذون الخزانة.
و3 مليار دولار ميزانية الدفاع والداخلية والأمنين السياسي والقومي.. والبقية 
هذه خمسة مليار. زائد 5 مليار دولار أخرى مرتبات موظفي الدولة (الحقيقيين والوهمين طبعا.
كم المتبقي؟
ثلاثة مليار دولار فقط؟
على ماذا ستوزع وماذا ستكفي؟
في موازنة العام الماضي كانت ثلاثة مليار دولار ونصف المليار تذهب كدعم المشتقات النفطية غير إن وزير الماليةصخر الوجيه وليس وزير النفط ورغم قيامه برفع موازنات جهات كثيرة، قرر خفض بند الدعم في مشروع الموازنة المقرة في يناير، إلى مليار ونصف دولار (377 مليار ريال).


لهذا السبب، قلت مرارا أن الجرعة مقرة منذ طرح الموازنة الكارثة التي يتحملها إلى جانب الحكومة ووزير المالية البرلمان وأعضاءه الدجالين الذين مرروها بكل ما فيها في جريمة يستحقون عليها المحاكمة.

إذن خفض مخصص شراء الديزل والوقود إلى أكثر من النصف أول الأسباب وليس كلها. كانت حسابات صخر أن تنفذ الجرعة بعد أربعة شهور من السنة المالية فيغطي العجز. غير إن الجرعة لم تنفذ وقوبلت بسخط شعبي وتيقظ.

السبب التالي كان أمني. أو بالأحرى: نتيجة فشل أمني.
كان متوقعا أيضاً وفق حسابات الموازنة أن يباع 42 مليون برميل نفط خام خلال السنة، بمعدل 11 مليون برميل في الشهر، غير إن توقف الشركات في حضرموت وضرب أنبوب صافر أفقدت الحكومة عائدات 4 مليون برميل من توقعات الشهور الأربعة الأولى. وبالتالي زاد عجز الموازنة أكثر وقفز من أربعة مليار دولار إلى خمسة مليار (حتى في 2011م لم يتجاوز العجز 3 مليار دولار).

واجهت الحكومة منذأبريل أزمة سيولة هي الأسوأ منذ تشكيلها.

السبب الثالث يعود للاستهلاك المحلي.
فأنبوب نفط صافر يوفر 40% من الاستهلاك المحلي.
و60% يتم استيرادها عبر مصفاة عدن وشراءها بالأسعار العالمية.

ولأن الأنبوب يضرب باستمرار، وحصة الحكومة وعائداتها تنخفض، يتوجب على المصافي استيراد الاحتياج المحلي كاملا بنسبة 100%. مرت الشهور الاربعة الأولى. وبعدها ظهر السؤال: أين مخصصات الاستيراد المالية؟
الرصيد صفر.

انخفض انتاج النفط المحلي بالتزامن مع زيادة استيراد الديزل.
بعبارة أخرى: نبيع كل نفطنا بثلاثة مليار دولار مثلا، ونستورد ديزل بستة مليار!

ضيفوا إلى ذلك كارثة مرحلة من النظام السابق وتضاعفت بسبب عقود صالح سميع: مديونية وزارة الدفاع لشركة النفط 11 مليار ريال، ومديونية الكهرباء، هي الأعلى طبعا، بسبب عقود شراء الطاقة 91 مليار ريال.
إما تسددوا، تقول الشركة، وإما ستخفض المخصصات للنصف.
وهذا الحاصل فعليا الآن.

ضيفوا إلى كل ذلك بدء العمليات الحربية للجيش ضد القاعدة في أبين وشبوة. ودخول حرب يتطلب ميزانية دولة داخل الدولة.

بالخلاصة، وبعد خصم كل ما سبق يبقى من الموازنة فقط مليار ونصف مليار دولار وهي التي تم توزيعها على كل مؤسسات الدولة وقطاعاتها المختلفة: تعليم وصحة وريف بيئة ومرأة وشباب ومحاربة بطالة وتنمية، ومياه وسياحة وكل شيء... بما فيها طبعا شؤون القبائل والرئاسة...إلخ

الأزمة مالية وسببها سوء السياسة المالية وليست قضاء وقدرا. وعلى المسئول عن رسم مالية الدولة تحمل "كارثته" والاستقالة حالا إن كان لديه ذرة مسئولية!


ألا ترون أن المصائب تأتي بالجملة، لا فرادى، في اليمن

ليست هناك تعليقات:

Disqus for TH3 PROFessional