الجمعة، 7 أغسطس 2015

ملاحظات على ما يسمى قرار تعويم المشتقات النفطية (2)

يعاني السوق الاستهلاكي المحلي شحّة شديدة في المواد الغذائية والتموينية، ليس بسبب ما يقال عن "الحصار السعودي" فحسب وإنما لأربعة أسباب فنية مركبة:
السبب الأول: انعدام العملة الصعبة (الدولار) لدى البنوك اليمنية واضطراب سعره في السوق المصرفي، خلال الأسابيع الأولى للحرب، بالتزامن مع قرار البنك المركزي بايقاف وضبط التعامل بالعملة الصعبة من أجل الحفاظ على سعر الصرف.

الأمر الذي دفع العديد من شركات القطاع الخاص إلى إلغاء شحنات تابعة لها مضطرة. (والمقصود طبعا شحنات القطاع الخاص وليس المواد الإغاثية والمساعدات).
السبب الثاني:
رفض شركات الشحن العالمية نقل البضائع وشحنها إلى اليمن بسبب الحرب ومخاطرها وارتفاع التأمين
على الشحنات إلى 0.05 على كل شحنة، بما يعادل خمسة اضعاف ما كان عليه في الأوضاع الاعتيادية. أما من حيث الإمكانية من عدمها تستطيع اي شركة يمنية استيراد ما تشاء من شحنات غذاء ووقود.

لا وجود لحصار بالمعنى المروج له في الذهن العام، رغم تاثير الحرب على سهولة وصول احتياجات السوق المحلي بشكل مروع. ورغم تاثير إجراءات التفتيش المفروضة على الشحنات البحرية المتجهة لليمن من قوات التحالف، إلا أن التفتيش ليس حصاراً على أية حال.
السبب الثالث وهو الأهم والأكثر تأثيراً:
رفض جميع الشركات حول العالم بيع السلع الغذائية والتموينية المتجهة إلى اليمن، إلا بدفعات مالية نقدية مُقدمة (وبالعملة الصعبة المنعدمة أصلاً) وليس عبر ضمان واعتماد بنكي حسب الآليات المتعارف عليها عادةً في التعاملات التجارية في الأوضاع الطبيعية. حتى أن جميع البنوك اليمنية (باستثناء بنك واحد) لم تعد تقبل ضماناتها البنكية بسبب الحرب لدى الشركات والمصانع العالمية. الأمر الذي كان يتطلب أن تقوم حكومة بحاح أن تقوم بإعداد قائمة بـ100 شركة يمنية ذات ثقة وسجل مهني حافل، والاولوية لشركات الغذاء والدواء، بالتزامن مع تشكل تحالف من البنوك السعودية واليمنية لاستيراد الغذاء والأدوية بضمانات بنكية يمنية معززة سعودياً حتى تقبل الشركات شحن بضائعها إلى اليمن، بسبب أن ضمانات البنوك اليمنية لم تعد مقبولة في السوق العالمي في ظل الظروف الراهنة، وكون الريال السعودي متوفر ونستطيع التحويل إلى البنوك السعودية فهي الوحيدة التي تقبل التحويل بالدولار، بحيث تقوم بإجراء استثنائي بقبول التحويلات اليمنية بالريال السعودي ومن ثم تقوم هي بتحويلها إلى دولار، ومن ثم تحولها هي من حساباتها المصرفية إلى الشركات الغذائية.
كان هذا ليكون حلاً مثالياً ولكن الحكومة اللاجئة في الرياض بلا كفاءة وفاشلة وما كانت لتوصل الأوضاع الى ما هي عليه لو كانت تتحلى بالمسئولية. وبالمقابل ما الذي فعلته سلطة ال"صميل" والأمر الواقع؟ لا شيء. فضلا عن انه ليس ممكناً ان تقوم لجنة محمد الحوثي وما يسمى اللجنة الثورية بعمل تحالف بين البنوك اليمنية مع بنوك إيرانية لكونها اصلا مفروض عليها عقوبات ومحاصرة.
انقطاع الكهرباء يعود أيضاً لذات الاسباب، وليس بسبب خروج محطة مأرب التي لا يزيد انتاجها عن 30% من الاستهلاك المحلي 340 ميجا. مضافاً إليها أن الحوثيين يواجهون أزمة مالية حادة وليس لديهم سيولة كافية تغطي استيراد سحنات وقود وديزل كافية للسوق المحلي ولتشغيل محاطت الديزل والمازوت (24 محطة) وثلاث محطات بخارية، وماذا يهمهم في أن يعيش الشعب من دون كهرباء:
"مش وقت احنا في حالة حرب وعدوان!"
يقول قائلهم.
السبب الرابع:
وجود سوق سوداء شبه رسمية، إضافة إلى جشع وانتهازية وحقارة بعض التجار. ورغم تاثيره الكبير إلا أن تاثير العوامل الثلاثة السابقة أكثر تأثيراً حسبما أظن وقد أكون مخطئاً.
**
والآن،
طبقوا كل ما سبق من عوائق على مسألة استيراد القطاع الخاص للوقود والمشتقات النفطية.
إذا كانت كل هذه العوائق أثرت على وصول شحنات الغذاء والدواء إلى اليمن وتسببت في مجاعة وأزمات لا تنتهي.. بالله عليكم هل تعتقدون أن هناك إمكانية ولو ضئيلة جدا لتنفيذ شحطات قرار اللحنة الثورية المتعلق بتعويم اسعار المشتقات النفطية المتمثلة في إنشاء ميناء نفطي ومحطة كهربائية جديدة
الضمانات البنكية، المخاطر، السيولة من العملة الصعبة، الاعتماد البنكي....إلخ
ممكن في حالة واحدة: إذا كانت المحطة الكهربائية الجديدة
Made in ضُلاع.
مع تقديرنا لقاتها الفاخر ‏kiki‏ رمز تعبيري
ملحوظة جانبية: الحديث هنا ليس عن من المتسبب، والحصار أم ليس بسبب الحصار بقدر ما هو مثال سقته للتأكيد وإيصال الفكرة باستحالة تطبيق ونجاج قرار أو "تشعوبة" اللجنة الثورية وفق كل هذه المعطيات والعوائق.

يتبع

ليست هناك تعليقات:

Disqus for TH3 PROFessional