السبت، 25 فبراير 2012

معاذ الأشهبي في حضرة الإمام علي بن أبي طالب

قال الشاك للإمام: (إنِّي وجدتُ كتاب الله يُكَذِّبُ بعضه بعضاً، ويَنْقُضُ بعضه بعضاً، ولا يُصَدِّقُ بعضُهُ بعضاً) فماذا كان رد باب مدينة علم رسول الله:
معاذ الأشهبي في حضرة الإمام علي بن أبي طالب

محمد عبده العبسي
Absi83@maktoob.com

قبِل النبي (ص) توبة عبد الله بن أبي السرح ثم أصبح والياً على مصر ولم يقبل القاضي الموقر توبة  معاذ الاشهبي وكأنه يعرف الشريعة أكثر من رسول الله!


1
ما الفرق بين معاذ الأشهبي وبين عبد الله بن أبي السرح، وما الذي يجمع بينهما؟

الفرق أن الأول دخل السجن ولم يسجن الثاني، وألا أقارب أقوياء للأول بخلاف الثاني المنتسب إلى عبد شمس "بني أمية". الأول عاثر الحظ ومن حسن حظ الآخر أن ابن خالته واحد من خيرة صحابة رسول الله وأكثرهم صلةً لرحمه وإحساناً على أهله وأقاربه. انه عثمان بن عفان مجهّز جيش العسرة والخليفة الإسلامي الثالث.

بالمقابل يجمع بين الرجلين أن كليهما كاتب جدّف بحق القرآن الكريم. الأول كاتب في صحيفة الجمهورية. وأما الثاني فقد كان أحد كُتّاب الوحي عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
فأما الأول "معاذ" فقد كتب، في صحيفة الثقافية، مقالاً رديئاً جداً تحت عنوان مستفز (صحِّحوا مصاحفكم.. أخطاء إملائية عمرها 1400 عام). وقد أثبت في ذلكم المقال أنه شخص يجهل 1% من علم القراءات القرآني. وأنه شخص أحمق بحق. وأنا ها هنا، على غير عادتي، لأدافع عن حماقة كاتب جاهل.
وأما الثاني (السرْح) فقد كان أشد جرماً، من معاذ كما تعلمون، وأكثر بهتاناً. ذلك أنه ارتد عن الإسلام صراحةً لا تأويلياً، وقطعاً لا ظناً، ثم فرّ إلى مكة. وأخذ يشيع في قريش أنه حرف القرآن الكريم أثناء اشتراكه، مع آخرين، في كتابة الوحي.
وإذن قال الأول بتحريف القرآن الكريم ضمنياً. أما الثاني، للتمييز، فقد قال بتحريف القرآن الكريم صراحةً وعلانيةً ونهارا جهاراً مع سبق الإصرار والترصد حتى أنه كتب في ذلك أشعاراً. ولشدة جُرم وأفك ابن أبي السرح نزل فيه قوله تعالى: (ومن أظلم ممن افترى على الله كذباً أو قال أوحي إليّ ولم يوحى إليه شيء ومن قال سأنزل مثلما أنزل الله). فماذا كان مصير الرجلين كل في محيطه؟
مصير الأول (الأشهبي) أنه الآن يقبع في السجن المركزي بصنعاء، منذ أشهر، بحكم قضائي جزاءً على ما اقترفت يداه. أما الثاني فهل تصدقون أنه لم يسجن ولم يعدم. بل على العكس تماما. لقد تم العفو عن ابن أبي السرح يوم فتح مكة. وأصبح هذا المرتد، في عهد سيدنا عثمان، والياً على مصر وقائداً لجيوش المسلمين حتى أنه قاد أول معركة بحرية بين المسلمين والروم!
فانظر أين انتهى الحال بالأشهبي وأين انتهى بابن السرح الذي هو أشد جرماً وافكاً من معاذ بمليون مليون مرة. غير أن ابن أبي السرح وجد شخصاً في سماحة ورحمة سيدنا عثمان بن عفان الذي يحب أن يمنح الناس فرصةً ثانيةً من بعد الإخفاق. في حين جاء معاذ على قوم "يأخذون عرض هذا الأدنى".
أعلن معاذ أمام النيابة "كأي مرتد" توبته عما صدر عنه من كلام مسيء بحق القرآن الكريم وأعلن مضطراً أمام الملأ دخوله في الإسلام من جديد بشهادة أن لا اله إلا الله وأن محمداً رسول الله غير إن القضاء اليمني لم يقبل توبته بعد.
وهنا أسأل النائب العام وعامة الناس وخاصتهم: يا إخوة إذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قَبِل، على مضضٍ، توبة عبد الله بن أبي السرح بعد إلحاح سيدنا عثمان بن عفان عليه ومدّ يده لمبايعته. فالأحرى أن تُقبل توبة من هو أدنى من ابن أبي السرح (أعني معاذ) إلا إذا كان قُضاة وفقهاء "هذه الأيام" يعرفون الشريعة الإسلامية أكثر من رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام.

2

لا أحب سلوك السخرية من الآخرين إطلاقاً. سواء كانوا مدعاة للسخرية أم لا. وأمقت أولئك الأشخاص الذين لا يتورعون عن الاستهزاء بمشاعر الناس ومعتقداتهم الدينية بمن فيهم معاذ. وأحسب أن المدة التي قضاها في السجن إما أن تعلمه ذلك. وإما أن تدفعه لكُره الدين وعلمائه جملةً وتفصيلاً.    
السخرية من معتقدات الناس، أكانت معتقدات صحيحة أو خاطئة، كمثل من يعالج الزكام بقطع الأنف. أو كمن يعالج الربو باقتلاع الرئة. في حين أن علاج الزكام أو الربو يقتضي الإحالة إلى دواء طبي قوي المفعول ومأمون العواقب. أما السخرية والاستهزاء فلا يكون لهما أي مفعول ايجابي، بل العكس.
يؤمن البوذيون، مثلاً، أن بوذا جاء من زهرة لوتس. أنا شخصياً أحترم ما يؤمنون وان كنت لا أؤمن بما يؤمنون. فان أردتُ إيصال رسالة ما أو إظهار حُجةً فان ذلك لا يكون بالاستهزاء والسخرية وإنما بالحكمة والموعظة الحسنة. هذا رائي في الطريقة التي يجب أن يحاجج بها المرء البوذيين فما بالكم بمحاججة المسلم لأخيه المسلم. وفي أي شأن؟ في القرآن الكريم: الكتاب السماوي الذي أُحكمت آياته فلا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد.
لا أخفيكم أنني فزعتُ و"فار دمي" مما كتبه معاذ بلا هدى ولا بينة ولا كتاب منير. ولا أتفق مع 1% مما جاء في مقالته لكنني أتفهم الدوافع وراء ما كتب. ولا أظن أن السجن مكاناً ملائما لمثله. هو مخطئ لا ريب عندي في ذلك لكن الرجل أراد الحق فأخطئ في الاجتهاد. ثم أنه قد أعلن توبته عما صدر منه من كلام مسيء بحق القرآن الكريم فعلامَ الإبقاء عليه إذن؟   
كان معاذ بحاجة، شأن كثير من المثقفين والمفكرين التنويريين في العالم العربي، إلى فضيلة التواضع. القليل من التواضع المعرفي، يا إخوة، يصنع المعجزات ويزيل الحُجب. فلو أن الاخ معاذ عاد بتواضع الباحث الجاد إلى كتاب (القراء السبعة لابن مجاهد) أو كتاب (الاحتساب لابن جني) أو كتاب (التلخيص في القراءات الثمان لأبي معشر الطبري) لو عاد لأحد هذه الكتب المتخصصة في علم القراءات القرآنية لوجد إجابات شافية على كل ما يدور في ذهنه مما يحتاج إلى قراءة متأنية ومتخصصة.
ولعرف أن من تيسر القرآن الكريم أن يقرئ كلُّ قومٍ بلغتهم. ومن جملة ذلك ما ذكره ابن قتيبة وكيف أن "الهذلي يقرأ، على سبيل المثال، (عتى حين) يريد (حتى حين) لأنه هكذا يلفظ بها ويستعملها. والأسدي يقرأ (تِعلمّون) بكسر التاء و(تِعلم) و(تِسود وجوه) ويقرأ (إلم إعهد إليكم). وأن التميمي يهمز فيما القُرَشِي لا يهمز. والآخر يقرأ (وإذا قيل لهم) و(غيض الماء) باثمام الضمّ مع الكسر. و(هذه بضاعتنا رُدت إلينا) بإتمام الكسر مع الضم وهذا ما لا يطوع به كل لسان".
لذلك أسباب كثيرة ذكرها العلماء مما لا حاجة لنا لذكره في هذا المقام. عدا أنه تجدر الإشارة إلى أن أحد أسباب اختلاف القراءات القرآنية هو التخفيف على الأمة. وفي ذلك آثار وأحاديث كثيرة. فقد روى الإمام احمد بن حنبل عن حذيفة (أن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم لقي جبريل عند أحجار المرا فقلتُ: يا جبريل إني أرسلت إلى أُمةٍ أميةٍ الرجل والمرأة والغلام والجارية والشيخ الفاني الذي لم يقرأ كتاباً قط. فقال إن القران أنزل على سبعة أحرف). فضلاً عن حادثة عمر بن الخطاب مع هشام بن حكيم التي أخرجها الإمام البخاري في صحيحه حين احتكما إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاستمع إلى قراءة كلا الرجلين ثم أقرّ كلا القرآئتين.  وغير ذلك الكثير.

3

من المسائل المشهورة لدى الشيعة ولدى الزيدية، على وجه الخصوص، مسائل الرجل الشاك في القرآن الكريم. وقد رواها غير واحد بسند متصل، عن الإمام القاسم بن محمد، والعلامة الطبرسي في كتاب الاحتجاج. كما خصص لها المرجع الزيدي العلامة مجد الدين المؤيدي كتاباً مستقلا بإمكانكم الرجوع إليه للإفادة.
وإذا كان الأخ معاذ قد عبر، بشكل ضمني، عن تشكيكه في وقوع أخطاء نحوية وإملائية في القرآن المحفوظ من لدن رب العالمين (كما نعتقد ولا نشك بذلك مثقال ذرة)؛ فإن هذا الرجل "الشاك" أعلن صراحةً، أمام الجمهور، عن شكّه القرآن الكريم. وفي حضرة من؟ في حضرة أمير المؤمنين عليَّ بنَ أبي طالبٍ كرم الله وجهَهُ فماذا كان موقف أبا الحسنين؟
هل تصدقون أن الإمام عليّ أتاح له التعبير عن رأيه بحرية تامة دون تشويش أو هلع أو تقطيب وجه. فلما فرغ الرجل لم يأمر أمير المؤمنين عليَّ بحبسه مع انه أكثر جرأةً وكفراً وشكاً من معاذ. لم يأمر أمير المؤمنين بجلده أو ضرب عنقه. بل استمع، بحسُن ظن، قرابة 70 آية من آيات القرآن الكريم مما يندرج ضمن قوله تعالى (وأُخُر متشابهات) ثم أجاب على مسائل الشاك، مسألة مسألةً، بلطف وحبّ ورقيِّ منْ ربّاه النبي في حِجْره فأزال، كعادته، حُجب الشك وأبان الخيط الأسود من الخيط الأبيض.
يا إخوة: إذا كان هناك أحد على وجه الأرض عنده علم الكتاب (القرآن للكريم) بعد رسول الله الذي أنزل عليه فذلك الشخص، لا ريب عندي، هو الإمام عليَّ بنَ أبي طالب كرم الله وجهَهُ. ليس لأنه أخ النبي وابن عمه ووزيره فحسب. بل لأنه كان مستودع علمه بحق. وفي ذلك قال النبي صلى الله عليه واله وسلم: (أنا مدينة العلم وعليٌّ بابها). وقال روحي له الفداء: (أنا منك وأنت مني أنا منك بمنزلة هارون من موسى). وغير ذلك مما لا أظن أن النبي قالها مجازاً -حاشاه- أو مجاملةً لقرابته منه. فلو كانت القرابة تنفع لما كان الله اصطفى ابن عم فرعون (مؤمن سورة غافر) على ابن عم موسى (قارون). ولما نجتْ آسيا بنت مزاحم، امرأة فرعون، بإيمانها فيما هلكت امرأتا نوح ولوط ولم ينفعهما ما كان من قربهما من نبيين مرسلين. وفي ذلك عبرة لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.
هنا، عزيزي القارئ، مقتطف من رواية الإمام عبد الله بن أحمد بن إبراهيم الشرفي لمسائل الشاك في كتاب المصابيح الساطعة الأنوار تفسير أهل البيت (ع) [ط1/ج1/ص95/ تحقيق محمد بن قاسم الهاشمي وعبد السلام الوجيه/ طبعة مكتبة التراث الإسلامي- صعدة] فاستمعوا إلى النزر اليسير من مسائل الشاك وإجابة الإمام على مسألة واحدة منها (لضيق المساحة) في حوار راق بين رجل أكثر شكاً من معاذ وبين أمير المؤمنين الإمام عليَّ باب مدينة العلم على رسول الله وعليه أفضل الصلاة والسلام.

4

قال مؤلف "تفسير أهل البيت": أتى رجلٌ علياً عليه السلام، فقال: (يا أمير المؤمنين إني شككتُ في كتابِ الله الْمُنْزَلِ). فقال له عليّ: (ثكلتك أُمُّكَ! وكيفَ شككتَ في كتاب الله الْمُنْزَلِ؟!). فقال الرجل: إنِّي وجدتُ الكتابَ يُكَذِّبُ بعضه بعضاً، ويَنْقُضُ بعضه بعضاً، ولا يُصَدِّقُ بعضُهُ بعضاً، وكيف لا أشكُّ فيما تسمعُ يا أمير المؤمنين؟!. فقال له علي عليه السلام:(إنَّ كتابَ الله يُصَدِّقُ بعضُهُ بعضاً، ولا يَنْقُضُ بعضُهُ بعضاً، ولا يُكَذِّبُ بعضُهُ بعضاً، ولكنَّكَ لَمْ تَسْتَعْمِلْ عَقْلاً تَنْتَفِعُ بِهِ، فهاتِ الذي شككتَ فيه).
قال: أجد الله يقول في كتابه: ((وَجَاء رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا)) [الفجر:22]، وقال: ((وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ)) [الأنعام:94]، وقال: ((هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِيهُمُ الْمَلآئِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ)) [الأنعم:103]، فمرةً يقول: ((جَاء رَبُّكَ)) ومرة يقول: ((جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ)) ومرة يقول ((يَأْتِيَ رَبُّكَ)) ومرة ((يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ)) فأيّ ذلك يا أمير المؤمنين؟! وكيف لا أشكُّ فيما تسمع؟.
فقال له عليّ عليه السلام: (سبوحاً قدوساً ربنا تبارك وتعالى وتقدس، هات ويحك ما شككتَ فيه). فقال: إنِّي أَجِدُ الله يقولُ: ((فَالْيَوْمَ نَنسَاهُمْ كَمَا نَسُواْ لِقَاء يَوْمِهِمْ هَـذَا)) [الأعراف:51]، ويقول((نَسُواْ اللّهَ فَنَسِيَهُمْ))[التوبة:67]، ويقول((وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا))[ سورة مريم:64]، فمرةً يَنْسَى، ومَرةً لا يَنْسَى، فأيُّ ذلك يا أميرَ المؤمنين؟، وكيف لا أشكُّ فيما تَسْمَعُ؟.
فقال له علي عليه السلام:(ويحكَ! هاتِ ما شككتَ فيه).
فقال: وأجد الله يقول: ((يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا لا يَتَكَلَّمُونَ إِلا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا))[النبأ:38]، ويقول عن مقالتهم: ((وَاللّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ)) [الأنعام:23]، أفصوابٌ ذلك؟ ويقول: ((يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُم بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُم بَعْضًا)) [العنكبوت:25]، ويقول: ((إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ)) [ص:64]، ويقول: ((لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ))، ويقول: ((الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ)) [يس:65]، فمرة يتكلمون ومرة لا يتكلمون، ومرة تنطق الجلود والأيدي والأرجل، ومرة لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا؟ ومرة يختصمون، ومرة لا يختصمون، فأي ذلك يا أمير المؤمنين؟ وكيف لا أشك فيما تسمع؟.
فقال علي رحمة الله عليه (هات ويحك ما شككتَ فيه).
قال: وأجد الله يقول: ((وَنَضَعُ الْمَوَازِين الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ)) [الأنبياء:47]، ويقول: ((فَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ)) [القارعة:8]، وقال: ((وأَمَّا مَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ)) [القارعة:6]، وقال: ((فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا)) [الكهف:105]، وقال: ((فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ)) [غافر:40]، فمرة تقام الموازين، ومرة لا يقيم لهم يوم القيامة وزنا، ومرة يحاسبون، ومرة لا يحاسبون، فأي ذلك يا أمير المؤمنين؟ وكيف لا أشك فيما تسمع؟ فقد هلكتُ إن لَم يرحمني ربي، ويشرحْ لي صدري بما عسى أن يُجْريَهُ على يديك. فقال له عليٌّ عليه السلام: (سبوحاً قدوساً ربنا تبارك وتقدس، ونشهد أنَّه الحقُّ الدائمُ الذي لا شريك له ولاشيء مثله، وأن الكتاب والرسل حق عليهم السلام والثواب والعقاب حق، ولكنا سنعلمك ما شككت فيه، ولا قوة إلا بالله وصلى الله على محمد وعلى النبيئين وعليهم السلام ورحمة الله.
جواب المسألة الأولى:
أما قوله تعالى: ((وَجَاء رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا)) [الفجر:22]، وقوله: ((وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ)) [الأنعام:94] وقوله: ((هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ اللّهُ)) [البقره:210]، وقوله: ((إِلاَّ أَن تَأْتِيهُمُ الْمَلآئِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ)) [الأنعام:158]، فذلك حق كما قال الله سبحانه، وليس جيئته كجيئة الخلق، وأعلم أنه رُبَّ شيء من كتاب الله تأويلُه غير تنزيله، ولا يشبه تأويله (أي تفسيره) كلام البشر، ولا فعل البشر، وسأنبئك بطرفٍ منه تكتفي به إن شاء الله تعالى، من قول إبراهيم عليه السلام حين قال: ((إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ)) [الصافات:99]، فذهاب إبراهيم إلى ربه توجهه وعبادته واجتهاده وقراره إلى ربه، إلا أن تأويله غير تنزيله، وقال: ((أَنزَلَ لَكُم مِّنْ الأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ)) [الزمر:6]،
وقد قال الله:((وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ)) [الحديد:25] فسمّاه إنزالا، وإنزاله الأنعام ((أَنزَل من الأنعام ثمانية أزواج)) [الزمر] أي خلقه إياها ألا ترى أن تأويله غير تنزيله.
وقال موسى ـ على محمد وموسى السلام ـ حين سقى لابنتي شعيب عليه السلام قال الله: ((فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ)) [القصص:24]، لما رزقتني من خير فقير سماه إنزالا. وأما قوله: ((هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِيهُمُ الْمَلآئِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ)) [الأنعام:158]، فإنما تخير محمدا صلى الله عليه وآله وسلم عن المنافقين والمشركين الذين لم يستجيبوا لي ولرسولي ((أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ)) معنى إتيانه: العذاب في دار الدنيا كما عذب القرون الأولى فهذا خبر يخبر نبيه عليه السلام، ثم قال: ((أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ)) أن تجيء هذه الآيات، وذلك قبل طلوع الشمس من المغرب، وإنما يكتفي ذووا الألباب والحجج، أو أولوا النهي أن يعلموا من قول الله  ((وَجَاء رَبُّكَ)) ((وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ)) [الأنعام:94] أنه يكشف الغطاء، فترى ما وعدوا وأوعدوا وقال في آية أخرى: ((فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا)) [الحشر:2]، يعني بذلك أنه أرسل عليهم عذابا فذلك إياهم، وقال: ((فَأَتَى اللّهُ بُنْيَانَهُم مِّنَ الْقَوَاعِدِ)) [النحل:26]، فإتيانه البنيان من القواعد إرساله العذاب عليهم، وقد قال فيما أنزل: ((أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا)) [الرعد:41]، يعني بذلك ما يهلك من القرون، وكذلك ما وصف من أمر الآخرة، تبارك وتعالى وتقدس، وتجري أموره في ذلك اليوم الذي كان مقداره خمسين ألف سنة، كما تجري أموره في الدنيا، لا يتعب ولا ينصب ولا يأفل مع الآفلين، فاكتف بما وصفت لك من ذلك مما تخيل في صدرك مما أنزل الله في كتابه وتسمى به من أفاعيله.
واعلم أن تأويل أفاعيله غير ما وجه لفعل البشر، لأنه لا ينزل به ما ينزل بالبشر أفهمت جميع ما ذكرت لك من جميع مافي كتاب الله مما تنزيله على نحو من كلام البشر هو أعظم وأجل، وأعز وأكبر جل ثناؤه من أن يكون كذلك وتعالى وتقدس.
وقال: ((قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ)) [التوبه:130ـ المنافقون:14]، يقول: لعنهم الله فسمّى اللعنة قتالا، وقال: ((قُتِلَ الإِنسَان ُمَا أَكْفَرَهُ)) [عبس:17]، يقول: لعن الإنسان ما أقل شكره، وقال لنبيئه صلى الله عليه وآله وسلم: ((فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـكِنَّ اللّهَ رَمَى)) [الأنفال:17]، فسمّى فعل النبي، وفعل المؤمنين فعلا منه. فألا ترى أن تأويله غير تنزيله. وبإمكان من أراد نص الحوار بين الإمام علي والشاك فعليه العودة إلى المصادر المشار إليها.
وقد قال الإمام علي للرجل بعد أن أجاب على كل أسئلته: (ليس كل العلم يستطيع صاحب العلم أن يفشيه إلى كل الناس: فمنه ما يطاق حمله، ومنه مالا يطاق حمله إلا من رزقه الله تعالى إطاقته من خاصة أوليائه. أفهمتَ ما ذكرتُ لك؟
فقال الشاك: نعم فرجتَ عني كلَّ غمٍّ، فَرَّجَ اللَّهُ عنك كلَّ غَمٍّ، وَكَشَفَ عنكَ كلَّ هَمٍّ، كما كشفت عني ما كان بي من الغم، وذلك من الله وحده لا شريك له، له الحمد والمرد والكبرياء، والطول لا اله إلا هو، وأشهد أنه الحق الدائم الذي ليس كمثله شيء، ولا يَنْزِلُ به ما يَنْزِلُ بخلقه، وأنَّه خالق الأشياء كلِّها، والقادرُ على الأشياء لامقدور عليه ولا رب غيره، ولا راد لحكمه، وهو سريع الحساب، وأشهد أنَّ محمد عبدُهُ ورسولُهُ، وأُقِرُّ بِمَا جاء به من عند الله، وأنَّ الكتابَ حَقٌّ، يُصَدِّقُ بعضُهُ بعضَاً، نسأل الله ألا يزيغ قلوبنا بعد أن هدانا، وأن يهب لنا من لدنه رحمة ورضوانا إنَّه الوهاب، عَظَّمَ اللَّهُ أجرك يا أمير المؤمنين، وأمتع بك عامةَ المسلمين.
6

والآن: ألا توافقوني الرأي بأن السجن هو المكان الخطأ لمثل معاذ الأشهبي. إذ من غير المعقول، ولا المقبول، أن يكون فقهاء وعلماء هذه الأيام يعرفون الشريعة الإسلامية أكثر من النبي صلى الله عليه وآله وسلم الذي قبل توبة عبد الله بن أبي السرح وصافحه. كما ليس وارداً بعد ما سلف أن يكون هؤلاء على درايةٍ بالقرآن ومعانيه أكثر من أخ رسول الله وباب مدينة علمه وصفيّه ووزيره الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه.
فكّروا في الأمر جيداً.

__________________________________
من بحث كبير نشر بعضه في صحيفة حديث المدينة الاسبوعية بعد رفض أربع صحف مختلفة التوجه نشره، قبل أسابيع قليلة من الإفراج عن معاذ الأشهبي. 

هناك 21 تعليقًا:

غير معرف يقول...

جميل ماكتبت فائده عظيمه العلم
ايضا شاهد مايكتبه المهدي المنتظر ناصر محمد اليماني في منتديات البشرى الاسلاميه
فهو على درايه بالقران الكريم ومعانيه وتفسيره وآتاه الله بسطه في العلم ولا يجادله احد من علماء المسلمين الا غلبه بمحكم القران الكريم

Unknown يقول...

السبئية هم أتباع عبد الله بن سبأ اليهودي. قيل: إنه من الحيرة (1) بالعراق، وقيل: –وهو الراجح- إنه من أهل اليمن من صنعاء (2)، وقيل أصله رومي (3). أظهر الإسلام في زمن عثمان خديعة ومكراً، وكان من أشد المحرضين على الخليفة عثمان رضي الله عنه حتى وقعت الفتنة.
وهو أول من أسس التشيع على الغلو في أهل البيت، ونشط في التنقل من بلد إلى بلد؛ الحجاز والبصرة والكوفة، ثم إلى الشام، ثم إلى مصر وبها استقر، ووجد آذاناً صاغية لبثّ سمومه ضد الخليفة عثمان والغلو في علي، وهذا النشاط منه في نشر أفكاره مما يدعو إلى الجزم بأن اليهود يموِّلونه، إذ كلما طرد من بلد انتقل إلى آخر بكل نشاط، ولاشك أنه يحتاج في تنقله هو وأتباعه إلى من يموِّلهم وينشر آراءهم، ومن يتولى ذلك غير اليهود الذين آزروه في إتمام خطته ليجنوا ثمارها بعد ذلك الفرقة وتجهيل المسلمين والتلاعب بأفكارهم.
وقد بدأ ينشر آراءه متظاهراً بالغيرة على الإسلام، ومطالباً بإسقاط الخليفة إثر إسلامه المزعوم. ثم دعا إلى التشيع لأهل البيت وإلى إثبات الوصاية لعلي إذ إنه –كما زعم- ما من نبي إلا وله وصي، ثم زعم بعد ذلك أن علياً هو خير الأوصياء بحكم أنه وصي خير الأنبياء. ثم دعا إلى القول بالرجعة (4) ثم إلى القول بألوهية علي، وأنه لم يقتل بل صعد إلى السماء، وأن المقتول إنما هو شيطان تصور في صورة علي، وأن الرعد صوت عليّ، والبرق سوطه أو تبسمه، إلى غير ذلك من أباطيله الكثيرة. وفيما أرى أنه قد بيّت النية لمثل هذه الدعاوى، ولهذا لم يفاجئه موت علي بل قال وبكل اطمئنان وثبات لمن نعاه إليه: (والله لو جئتمونا بدماغه في صرة لم نصدق بموته، ولا يموت حتى ينزل من السماء ويملك الأرض بحذافيرها) (5).
وهذه الرجعة التي زعمها لعلي كان قد زعمها لمحمد صلى الله عليه وسلم، وكان يقول: (إنه ليعجب ممن يزعم أن عيسى يرجع، ويكذب بأن محمداً يرجع). واستدل بقوله تعالى: إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ [القصص:85].
وقد كذب عدو الله وأخطأ فهم الآية أو تعمد ذلك في أن المعاد هنا هو رجوع النبي صلى الله عليه وسلم إلى الدنيا قبل يوم القيامة، فلم يقل بهذا أحد من المفسرين، وإنما فسروا المعاد بأنه: الموت.
أو الجنة.
أو أنه رجوع النبي صلى الله عليه وسلم إلى ربه يوم القيامة. أو رجوعه إلى مكة (6).
وهي أقوال لكل واحد منها حظ من النظر بخلاف قول ابن سبأ، فإنه قول يهودي حاقد كاذب على الله دون مبالاة. وقد تبرأ جميع أهل البيت من هذا اليهودي، ويذكر أن بعض الشيعة قد تبرأ منه أيضاً (7)

Unknown يقول...

إن أطماع اليهود في البيئة التي حملت لواء الإسلام والقيام بالدعوة إليه قديمة جداً، فبعد أن نزح اليهود إلى الجزيرة العربية نقلوا معهم من الأساطير التي شاعت بينهم إبان الأسر البابلي العقائد الكثيرة والأطماع العديدة، وكان من بين هذه الأساطير اليهودية عقيدة التناسخ التي أصبحت مصدراً رئيسياً عند الإمامية عندما قالوا بعقيدة "الرجعة" التي اعتنقوها كتعبير عن مشاعر الانتقام والحقد الذي انطوت عليه نفوس بعض الذين زعموا ظلم آل البيت من أعدائهم، وقد ساعد العمل السري والتحريف العقائدي الذي دعا إليه عبد الله بن سبأ في إشاعة جو من الاضطراب السياسي والعقدي في الأمصار الإسلامية كنوع من الحرب النفسية وتعميق مشاعر الإحباط والهزيمة في كيان الأمة الإسلامية.
والجدير ذكره أن اليهود وجدوا منذ عصر الفتنة التي أعقبت مقتل عثمان مسرحاً لنقل الفكر الباطني إلى الساحة الإسلامية، وكان ذلك بسبب سماحة الفكر الإسلامي الذي تقبل كل العناصر التي تظاهرت بالإسلام، حتى شاعت في وقت مبكر الأفكار اليهودية التي تدور حول جملة من العقائد تناقض عقيدة الإسلام والتي كان من أهمها عقائد: "الإمامة" و"الوصية" و"الرجعة" و"الغيبة" و"العصمة"، إلى غير ذلك من العقائد الوضعية، والقول بالظاهر والباطن في تناول النصوص.
وقد أوضح الشهرستاني هذه العلاقة وذكر أن الإمامية عرفوا التناسخ والرجعة عند اليهود، وقد بنيت فكرة تأليه الأئمة في القول بالعصمة على المعتقد الذي استهدف تقديس علي رضي الله عنه بتأثير من عقيدتي الرجعة والغيبة التي تصورهما أسطورة القول بالتناسخ اليهودية والتي تفرعت في اتجاهات ثلاثة: الأول: القول بالإمام المعصوم.
والثاني: القول بعقيدة خاتم الأوصياء.
والثالث: القول بعقيدة القداسة الإلهية لعلي رضي الله عنه.
وهذه العقائد الثلاث اعتبرت علماً خاصاً يطلق عليه "العلم السري" الذي يعبر عن عقيدة الرجعة عند الإمامية، كنوع من الاعتقاد الخاص الذي لم يشرعه الإسلام، ولم يقل به أحد من المسلمين حتى من تفلسف منهم وتأثرت مقالاته بالأفكار والمبادئ ذات النزعة التجسيمية أو التعطيلية.
ولما كان التراث الفارسي في مجال العقيدة الدينية القديمة قبل ظهور الإسلام يقوم هو الآخر على فكر التناسخ، فإن العمل الباطني وجد المجال مهيئاً أمام العناصر التي اندست في المحيط الإسلامي، وكان أن تشكلت مقومات المذهب الإمامي بحيث يبدأ التناقض مع الإسلام بصدام يعتمد على المقولات العقدية ضد الخطاب العربي عند الأمة العربية باعتبارها منذ ظهور الإسلام العقل الصحيح والترجمان الصريح والأداة الراشدة للتعبير عن دين الإسلام؛ فمثلاً في ظل عقيدة الرجعة تعتقد الإمامية: أن أول عمل للغائب أن يبدأ بقتل العرب. فقد جاء في كتاب (الإرشاد) للشيخ المفيد (1)، و (أعلام الورى) للطبرسي (2)، وكتاب (الغيبة) للنعماني (3) فيما نسبت وادعت روايات الإمامية إلى أبي جعفر أنه قال: (لو يعلم الناس ما يصنع القائم إذا خرج لأحب أكثرهم ألا يروه مما يقتل من الناس، أما أنه لا يبدأ إلا بقريش فلا يبدؤها إلا بالسيف ولا يعطيها إلا السيف حتى يقول كثير من الناس: هذا ليس من آل محمد، لو كان من آل محمد لرحم).

Unknown يقول...

حقيقة الحركة الإصلاحية أو ما يسمى ( الوهابية ) وبواعثها ما ينفي المزاعم
المبحث الأول : حقيقة الحركة الإصلاحية والدولة السعودية الأولى :

هي الإسلام على منهج السلف الصالح :

من الحقائق الثابتة الجليلة أن الدعوة الإصلاحية التي قام بها المجدد محمد بن عبد الوهاب التميمي - رحمه الله - ( 1115 - 1206هـ ) ( 1703 - 1792م ) ونصرها الإمام المجاهد محمد بن سعود - رحمه الله - ت ( 1179هـ ) ( 1765م ) إنما هي امتداد للمنهج الذي كان عليه السلف الصالح أهل السنة والجماعة على امتداد التاريخ الإسلامي ، وهو منهج الإسلام الحق الذي كان عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - وصحابته الكرام والتابعون وأئمة الدين من الأئمة الأربعة ونحوهم من أهل الحديث والفقه وغيرهم .
إذن فهذه الحركة المباركة لم تكن في حقيقتها ومضامينها ومنهجها العقدي والعلمي والعملي ، إلا معبرة عن الإسلام نفسه ، مستهدفة إحياء ما اعترى تطبيقه من قبل كثير من المسلمين من غشاوة وجهل وإعراض ، بتصحيح العقيدة ، وإخلاص العبادة ، وإحياء السنة ، ومحاربة الشركيات والبدع والمحدثات في الدين .
يقول الأستاذ / عبد الرحمن الرويشد في كتابه « الوهابية حركة الفكر والدولة » مؤكدا أصالة الفكرة الوهابية وأنها ليست مذهبا جديدا ، إنما هي إحياء للدين الحق : « ليست الفكرة الوهابية السلفية ديانة جديدة أو مذهبا محدثا كما أشاع ذلك خصومها ، وإنما هي ثمار جهود مخلصة تنادي بالعودة إلى نموذج بساطة الإسلام والاستمداد في التشريع من نبعه الصافي ، كما تدعو إلى حركة تطهير شاملة لكل ما أدخل على المعتقد الديني من شرك وبدع وزيغ وضلال أدت كلها إلى تشويه حقائق الإيمان وأفسدت رواء الدين ، وأبعدت أبناءه عن قوة التزامه معتقدا وسلوكا .

حذف

Unknown يقول...

SIIDreda REDASID يقول...
إطلاق ( الوهابية ) على هذه الدعوة الإصلاحية انطلق أولا من الخصوم ، وكانوا يطلقونه على سبيل التنفير واللمز والتعيير ، ويزعمون أنه مذهب مبتدع في الإسلام أو مذهب خامس .
- ص 34 - ولم يكن استعمال ( الوهابية ) مرضيا ولا شائعا عند أصحاب هذه الحركة وأتباعهم ، ولا عند سائر السلفيين أهل السنة والجماعة ، وكان كثير من المنصفين من غيرهم والمحايدين يتفادى إطلاق هذه التسمية عليهم ؛ لأنهم يعلمون أن وصفهم بالوهابية كان في ابتدائه وصفا عدوانيا إنما يقصد به التشويه والتنفير وحجب الحقيقة عن الآخرين ، والحيلولة بين هذه الدعوة المباركة وبين بقية المسلمين من العوام والجهلة وأتباع الفرق والطرق ، بل وتضليل العلماء والمفكرين الذين لم يعرفوا حقيقة هذه الدعوة وواقعها .
ولقد صار لقب ( الوهابية ) وتسمية الحركة الإصلاحية السلفية الحديثة به هو السائد لدى الآخرين من الخصوم وبعض الأتباع والمؤيدين المحايدين ( تنزلا ) .
وهو الوصف الرائج عند الكثيرين من الكتاب والمفكرين والمؤرخين والساسة ، والمؤسسات العلمية ، ووسائل الإعلام إلى يومنا هذا ، بل تعدى الأمر إلى التوسع في إطلاق الوهابية على أشخاص وحركات منحرفة عن المنهج السليم ، وتخالف ما عليه السلف الصالح وما قامت عليه هذه الدعوة المباركة ، وهذا بسبب تراكمات الأكاذيب والأساطير التي نسجت حول الدعوة وأهلها بالباطل والبهتان .
أما أتباع هذه الحركة فهم لا يرون صواب هذه التسمية ( الوهابية ) ولا ما انطوت عليه من مغالطات وأوهام ، لاعتبارات مقنعة كثيرة ؛ شرعية وعلمية ومنهجية وموضوعية وواقعية ، تتلخص فيما أشرت إليه في التعريف من أنها تمثل تماما الإسلام الحق الذي جاء به النبي - صلى الله عليه وسلم - ومنهج السلف الصالح من الصحابة والتابعين ومن سلك سبيل الهدى ، وإذن فحصره تحت مسمى غير الإسلام والسنة خطأ فادح وبدعة محدثة ومردودة .
فالدارس لهذه الدعوة المباركة بإنصاف وموضوعية سيتوصل - حتما - إلى أنها إنما تنادي بالرجوع إلى الإسلام الصافي ، وأنها امتداد للدين الحق ( عقيدة وشريعة ومنهاج حياة ) والمتمثل - بعد حدوث الافتراق في الأمة الإسلامية - بالتزام نهج النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - وصحابته الكرام والتابعين ومن سلك سبيلهم وهم السلف الصالح أهل السنة والجماعة .
وإذا كان الأمر كذلك ؛ أعني أن الدعوة هي الإسلام والسنة التي جاء بها النبي - ص 35 - - صلى الله عليه وسلم - وما عليه سلف الأمة . . . فلا معنى لإفرادها باسم أو وصف ( كالوهابية ) أو غيره ، لكن قد ترد على ألسنة علماء الدعوة ومؤيديها أو غيرهم بعض الأوصاف الشرعية الصحيحة لها أو لأتباعها والتي لا تتنافى مع رسالتها مثل : دعوة الشيخ : الدعوة ، الدعوة الإصلاحية ، دعوة التوحيد ، السلفية ، وقد يوصف أهلها بالسلفيين والموحدين ، وأهل التوحيد ، وأهل السنة ، والحنابلة ، والنجديين . ونحو ذلك من الأوصاف الشرعية الحسنة ، أو المقبولة .

حذف

Unknown يقول...

ومن فضل الله على أتباع هذه الدعوة المباركة أن لقب ( الوهابية ) من الخصوم في كثير من الأحيان يحمل معان إيجابية ويعتز بها أتباعها وعموم أهل السنة ، وإن قصد به خصومهم اللمز والسب .
وذاك - على سبيل المثال : حين يطلقونها على من يقيم شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وهو أصل من أصول الإسلام وشعائره العظيمة ، ومن أكبر خصائص الأمة المسلمة ، ومن خصال الخيرية لهذه الأمة كما قال تعالى : كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر [ سورة آل عمران ، من الآية : 110 ] .
وحين يطلقون ( الوهابية ) كذلك على الأخذ بالكتاب والسنة والتمسك بالدين وتوحيد الله تعالى ، ونبذ الشركيات والبدع ، وهذه صفة مدح وتزكية يفرح بها المؤمنون .
وحين يطلقون ( الوهابية ) على اقتفاء منهج السلف الصالح الذي هو سبيل المؤمنين ، وسنة سيد المرسلين - صلى الله عليه وسلم - وهذه تزكية لا تقدر بثمن .
والناظر في مفاهيم الناس حول ما يسمونه ( الوهابية ) يجد الكثير من الغبش والخلط والتناقض والاضطراب .
فالوصف السائد للوهابية عند أغلب الخصوم ومن سار في ركابهم يقصد به : كل من لا يعمل بالبدع ولا يرضاها ، وينكرها ولا يقرها .
وقد يقصد بـ ( الوهابية ) كل مذهب غريب وشاذ .
وآخرون يطلقون ( الوهابية ) على كل من كان على مذهب أهل السنة والجماعة ، مقابل الشيعة أو مقابل الفرق الأخرى . وقد يخصصه بعضهم بالاتجاهات السلفية ، وأهل الحديث ، وأنصار السنة ونحوهم .
وقد توسعت بعض وسائل الإعلام والاتجاهات الغربية ومن دار في فلكها بإطلاق - ص 36 - ( الوهابية ) على كل مسلم ينزع إلى التمسك بشعائر الدين وأحكامه وربما ترادف عندهم عبارة ( أصولي ) أو متزمت أو متشدد ، والمتمسك بالدين عندهم : متشدد .
وبعض المؤسسات والدوائر الغربية ومن تأثر بها صارت عندهم ( الوهابية ) ترادف : التطرف ، والإرهاب والعنف ، والعدوانية . ونحو ذلك ، وهذا تصور خاطئ وحكم جائر .

حذف

Unknown يقول...

وفي الآونة الأخيرة وبعد أحداث ( 11 سبتمبر ) في أمريكا وتداعيتها كثرت الأساطير والأوهام حول الوهابية ، إلى حد أن بعض خصوم الدعوة والحاقدين على المملكة العربية السعودية وأهلها ، من المسلمين وغير المسلمين رموها بأنها هي التي وراء هذه الأحداث ، وقد تلقف هذه الأسطورة بعض الإعلاميين ، والكتاب والساسة .
وهذه التناقضات في التعاريف كافية في الدلالة على أن الناس لا يزالون في أمر مريج يتخبطون في مواقفهم وأحكامهم على هذه الدعوة الإصلاحية وأتباعها ودولتها ، وأن غالبهم لا يعرف حقيقتها ، أو أن الأهواء والتعسف والظلم والتقليد والعشوائية والجهل هي التي تسيطر على مواقف الناس وأحكامهم على هذه الدعوة وأهلها ودولتها .
إن الدعوة الإصلاحية بأي اسم سماها الناس ، أو وصف وصفوها به ، فهي على كل الأحوال : كيان حي يمثل الإسلام ، والسنة النقية الصافية ، كما جاء بها النبي - صلى الله عليه وسلم - وكما فهمها الصحابة والسلف الصالح ، وهي بريئة مما اتهمت به كل البراءة كما سيأتي بيانه .

وادي ىالذئاب في الجزائر ع==الذئاب =علي بلحاج عباس مدني= تلاميذة السيد قطب الذي يكفر المجتمع العربي والاءسلامي ويستحل دمائه بالذنوب=)) الخوارج كلاب النار يقتلون اءهل الاءسلام ويتركون اءهل الصلبان =)) الفيس الاءرهاب في الجزائر جزء ممول من طرف السيد قطب= واليهود التلمود الذي سيطر على العالم وسفكت دما ء الجزائريين بسبب الخوارج الاءرهابيين القرظاوي عميل اليهود= بتكفير الجزائريين واءستحلال دمائهم=) واليهود مولت الخوارج الفيس جبهة التكفير وسفك الدماء= بالسلاح
=)))قال الرسول عليه الصلاة=لعنة الله على اليهود والنصارى اءتخذوا قبور اءنبيائهم مساجدا من دون الله=)))) محمد بن عبد الوهاب التميمي= من قبيلة بن تميم) قبيلة العلماء=)) الشيخ الوهاب=)) الوهاب = اءسم وصفة صفات الله عز وجل= ومن اءنكر هذا الاءسم فهو جاحد للاءسماء الله=))الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله=)تلميذ الشيخ الاءسلام اءبن تيمية رحمه الله=وتتلمذوا =على الصحابة رظي الله عنهم=))عبد الله بن العباس رضي الله عنهم= والرسول عليه الصلاة والسلام=)) وهدموا القبور التي تعبد من دون الله=))) ولم يتتلمذوا على يد الفلاسفة اليهود والرومان=)))) كما فعل=== السيد قطب والقرظاوي= والغزالي= والجهم بن صفوان==تلاميذة الفلاسفة الرومان اليهود= اءرساطيطس= سقراط= الطغاة= الذين يحرفون الاءسماء والصفاة=)) ومن طعن في دعوة =) الشيخ محمد بن عبد الوهاب=) فقد طعن=)) وكفر بدعوة االرسول عليه الصلاة والسلام=)والاءصل =فهو= مكذب للقراءن والسنة والنبوية==وكافر بالله عز وجل=))

حذف

Unknown يقول...

ص 37 - حقيقة الدعوة كما شهد بها المنصفون وإنه لمن المفيد أن أسوق كلام بعض الشهود من غير النجديين الذين عايشوا هذه الدعوة ودولتها المعاصرة وعلماءها وأهلها عن كثب ومنهم : الأستاذ ( حافظ وهبة ) إذ يقول تحت عنوان : ( ما هي الدعوة الوهابية ؟ ) : « لم يكن الشيخ محمد بن عبد الوهاب نبيا كما ادعى نيبهر الدانمركي ، ولكنه مصلح مجدد داع إلى الرجوع إلى الدين الحق ، فليس للشيخ محمد تعاليم خاصة ، ولا آراء خاصة وكل ما يطبق في نجد من الفروع هو طبق مذهب الإمام أحمد بن حنبل وأما في العقائد فهم يتبعون السلف الصالح . ويخالفون من عداهم ، وتكاد تكون عقائدهم وعباداتهم مطابقة تمام المطابقة لما كتبه ابن تيمية وتلاميذه في كتبهم ، وإن كانوا يخالفونهم في مسائل معدودة من فروع الدين . وهم يرون فوق ذلك أن ما عليه أكثر المسلمين من العقائد والعبادات لا ينطبق على أساس الدين الإسلامي الصحيح .
وشاهد آخر وهو الدكتور منير العجلاني إذ يقول مجيبا على التساؤل :
( ما هي صفة الحركة الوهابية ؟ )

« لقد تساءل غير واحد من المؤلفين هذا السؤال ، وكانت الأجوبة مختلفة . . . فبعضهم يرى أنها حركة دينية خالصة ، تريد الرجوع بالإسلام إلى صفائه الأول ، وأنها لذلك كافحت الشرك في كل ألوانه وأنكرت البدع التي أحدثت بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - .
وبعضهم يرى أنها حركة سياسية ، غايتها فصل نجد والبلاد العربية عن الخلافة العثمانية ، وإقامة حكومة عربية مستقلة ، وأن الدين لم يكن إلا وسيلة لتحقيق هذا الغرض .
وآخرون يرونها مزيجا من الدين والقومية ؛ لأنها كافحت في الميادين لتحقيق غايات دينية وقومية ، وألفت حكومة ، وأوجدت نظاما مبنيا على الإسلام ، ضمن الإطار السلفي .
ويقول المستشرق الفرنسي « هنري لاوست » : إن روح الحركة الوهابية ومعناها لم يتحددا في وضوح كامل .
- ص 38 - يقال حينا إن الوهابية حركة دينية غايتها إعادة الإسلام إلى صفائه الأول . وتعرف حينا آخر بأنها حركة تطهير ، يغلب عليها التشدد ، وترفض - كالبروتستانتية - عقيدة تقديس الأولياء ، وتكافحها كفاحا لا هوادة فيه .
وكل هذا إنما هو محاولة لتعريف الوهابية ببعض صفاتها الثانوية المتفرعة عنها ، كما رآها أعداؤها ، أو كما أظهرها الغلاة من أتباعها . . .
ولا سبيل إلى فهم الحركة الوهابية وتعريفها تعريفا صحيحا ، إلا بالرجوع إلى كتاب « السياسة الشرعية » ، لابن تيمية ، ومتى فعلنا ذلك استطعنا أن نعرف الوهابية بأنها : حركة إصلاح وتجديد ، سياسية ودينية ، ترمي إلى إنشاء دولة إسلامية على الأسس التي أوردها ابن تيمية ، في كتاب « السياسة الشرعية » .
وحسبنا أن نقرأ المجموعات التي نشرتها الحكومة العربية السعودية باسم : « مجموعة الرسائل والمسائل النجدية » حتى ندرك تماما أن الأفكار الوهابية مستمدة من « السياسة الشرعية » و « الحسبة » لابن تيمية ، و « السياسة الحكمية » ، لابن القيم الجوزية .

حذف

Unknown يقول...

رأينـــا وعندنا أن دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب : عودة إلى الإسلام في أول أمره ومطلع فجره ، ومتى قلنا ذلك كفينا أنفسنا عناء الجدل العقيم .
ذلك أن من دعا إلى الإسلام الأول ، فإنما يدعو إلى الإسلام كما كان يرى في المدينة ، في عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - ، ثم في عهود الخلفاء الراشدين » .
إلى أن قال : « وحركة محمد بن عبد الوهاب هي حركة تجديد وتطهير : تجديد وإحياء لما أهمله المسلمون من أمور الإسلام وأوامره ، وتطهير للإسلام مما أدخلوه عليه من الشركيات والبدع !
ولم تكن دعوة محمد بن عبد الوهاب دعوة « فيلسوف » معتزل في غرفته ، ولكنها كانت دعوة زعيم مصلح ، يكافح دون عقيدته ، ويعمل لها بلسانه ويده ، وبكل قلبه ، وبكل عقله ، وبكل جهده .
- ص 39 - إن دعوة محمد بن عبد الوهاب ليست « نظرية » أو كتابا ألفه ليقرأه الناس ، ولكنها منهاج رسمه ، وقام وراءه يدعو إلى العمل به ، بالموعظة أولا ، ثم بالقوة . . . قوة دولة الإسلام التي قامت على أساس الشرع وحده .
فمنهاج الشيخ ليس إصلاحا دينيا خالصا ، بالمعنى الذي يفهمه الأوروبيون اليوم ؛ لأنهم يفرقون بين الدين والدنيا ، ويجعلون الدين صلة خاصة بين العبد وخالقه ، لا يحمل الناس على اتباعه بالقوة ، ثم هم يفرقون بين الدين ( أو الشرع ) وبين القانون ، ويقولون إن الدولة تلزم الأفراد بالقانون الذي تضعه هي لهم ، ولكنها لا تلزمهم بالشرع ، بل قد يخالف قانونها الشرع ! .
إن الإسلام وحدة ، دين ودنيا ، ودعوة الشيخ لذلك ، دعوة جامعة للأمور الدينية والسياسية » .
ويقول الدكتور عبد الرحيم عبد الرحمن عبد الرحيم :

« يطلق بعض الكتاب على « الدعوة السلفية » اسم « المذهب » ، كما يطلق عليها البعض الآخر اسم « الوهابية » ، والحقيقة أن استعمال هذين الوصفين للدعوة غير دقيق ، فهي ليست بمذهب جديد في الإسلام ، حتى يصح إطلاق لفظ المذهب عليها ، بل إن صاحب الدعوة نفسه كان حريصا على أن يؤكد للناس أنه لا يدعوهم إلى مذهب جديد في الإسلام ، وذكر في رسائله قائلا : « فإني لم آت بجهالة ، بل أقولها ، ولله الحمد والمنة وبه القوة إنني هداني ربي إلى الصراط المستقيم ، دينا قيما ملة إبراهيم حنيفا ، وما كان من المشركين ، ولست ولله الحمد أدعو إلى مذهب صوفي أو غيره . . . بل أدعو إلى الله وحده لا شريك لـه ، وأدعو إلى سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التي أوصى بها أول أمته وآخرهم » .
« أما وصف الدعوة بالوهابية ، فقد أطلقه عليها خصوم الشيخ محمد بن عبد الوهاب ، حتى يبرهنوا للناس أن مبادئه التي يدعو إليها بدعة جديدة خارجة على مبادئ الإسلام ، بل إن أعداء الدعوة من الترك ، ومن جاراهم غالوا في ذلك ووصفوا أتباع الدعوة بالروافض والخوارج ، - ص 40 - حتى إن الوثائق الرسمية المتبادلة بين محمد علي والباب العالي تنعت الأمير السعودي الذي يعمل على نشر مبادئ الدعوة السلفية باسم « الخارجي » .
ويقول محمد جلال كشك : « ودعوة التوحيد التي نادى بها الشيخ تقبلها العلماء في شتى بلدان العالم الإسلامي ، أو قل: لم يستطع أحد منهم أن يرفضها ، بل على العكس ركز خصومها على اتهامها بأنه « لا جديد فيها » واهتموا بمناقشة الشكليات ، وافتراء الاتهامات ، بينما أعلن أكثر من عالم وفقيه أو حتى مستشرق انطباقها على مبادئ الإسلام الصحيحة .

Unknown يقول...

ذلك ذهب ابن بشر إلى أن الشريف غالب وافق على أفكار الشيخ لولا أن الحاشية حذرته بأن الوهابيين إنما يريدون ملكه وليس ضميره ، « فارتعش قلبه وطار » .
ومحمد بن عبد الوهاب ، اهتم اهتماما كبيرا ، هو وورثته من بعده ، بتأكيد أنه لا جديد في دعوته ، وأنه لم يأت بمذهب خامس ، وهذا صحيح بالطبع ، وإن كان الحرص على نفي تهمة المذهب الخامس « أمر مبالغ فيه ؛ لأن المذاهب في حد ذاتها ، ليست أديانا منزلة ، وإنما هي اجتهادات وهم رجال ونحن رجال » .
لقد ظل هذا الحرص على نفي شبه المذهبية الجديدة يلازم رجال الحركة في المسجد والدولة ، إلى حد اتقاء كلمة « الوهابية » والإصرار على أن « محمد بن عبد الوهاب » ليس أكثر من تلميذ أو فقيه من فقهاء المذهب الحنبلي « المعترف » به ، فلماذا انفرد هو بذلك الأثر الذي أحدثه ، وبتلك القدرة على تفجير طاقات غيرت تاريخ المنطقة ؟ » .
« فهو لا يدعو « إلى مذهب صوفي ، أو فقيه ، أو متكلم ، أو إمام من الأئمة الذين أعظمهم » ، « أدعو إلى سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، التي أوصى بها أول أمته وآخرهم ، وأرجو أني لا أرد الحق إذا أتاني بل أشهد الله وملائكته وجميع خلقه . إن أتانا منكم كلمة من الحق ، لأقبلنها على الرأس والعين ولأضربن الجدار بكل ما خالفها » .
- ص 41 - « وهكذا فتح الشيخ باب الاجتهاد على مصراعيه ، وكتب إلى الشريف غالب يقول : « فإن كانت المسألة إجماعا فلا كلام ، وإن كانت مسألة اجتهاد ، فمعلومكم أنه لا إنكار في مسائل الاجتهاد » .
لا شك أنه كان أكثر تقدمية وانفتاحا من المتكلم عن شيوخ مكة ، بل وأكثر قربا لروح الإسلام في الحوار المشهور بين علماء الوهابية وعلماء مكة . فقد قال الشيخ الحنفي المذهب : أنا لا أقبل إلا ما قاله إمامي أبو حنيفة لأنني مقلد لـه فيما قاله ، ولا أقبل أن تقول لي: قال رسول الله أو قال ذو الجلالة ؛ لأن أبا حنيفة أعلم مني ومنك بقولهما » .
وهكذا نرى أننا نظلم الشيخ ونظلم دعوته ، بل نظلم السلفية والسلفيين عندما نتحدث عنهم بالمفهوم السوقي الشائع » .
« فالدولة السعودية ، أو الثورة الوهابية كانت ضد التخلف العثماني ، كانت محاولة للإفلات من السفينة العثمانية الغارقة ، والتي لم يبق بها إلا طابور انكشاري يعترض طريق كل من يحاول سد خروق السفينة » .
« لم يحس أحد في القاهرة ولا مكة ولا حتى الأستانة بسقوط بخارى وسمرقند والقوقاز ، مع أنها أعرق في تاريخ الإسلام وحضارتها من بلجراد وسالونيك والأستانة ذاتها ، وشعوبها مسلمة مائة بالمائة منذ القرن الأول الهجري . . . ولكن هذه العواصم تنبهت مذعورة على مدفعية الأساطيل الأوروبية عند الشواطئ العربية . . . وبدأ الحديث عن « انقلاب المطبوع » والبحث عن تفسير لظاهرة انتصار الكفار على المؤمنين أو اختلال الناموس كما قالوا ! .
« وطرح السؤال بعنف : ما العمل ؟ كيف نواجه هذا التحدي ؟ وكانت أول إجابة طرحت في العالم العربي ، وما زالت آثارها حية إلى اليوم ، هي المنهج السعودي ، الذي طرحه « محمد بن عبد الوهاب » وتبناه « محمد بن سعود » وهو « لا ينتصر آخر هذا الدين إلا بما انتصر به أوله »
فاجأ ابن عبد الوهاب الجميع بإعلان أنه لا خطأ في الناموس . . . لا خطأ في قوانين الكون ، فالكفار لم يهزموا المؤمنين ، بل هزموا كفارا عادوا للشرك فخسروا الدين والدنيا ! » .
« فإن مظاهر الوثنية كانت قد تفشت في أنحاء العالم الإسلامي ، ليس فقط في الاعتقاد بالمشايخ والأولياء ، وأصحاب الطرق ، بل حتى في الاعتقاد ببركة أحجار وأشجار ، - ص 42 - وكان في مصر شجرة اسمها « أم الشعور » يتبرك بها العامة ويعتقدون بوجود روح داخلها ، وكان العامة يعلقون قطعة من ثيابهم ، أو ثياب غرمائهم في مسامير بوابة المتولي ، طلبا للمعاونة أو التنكيل بالخصوم . كما كان العامة في مصر يوجهون شكاويهم كتابة للإمام الشافعي المتوفى قبل أكثر من عشرة قرون ! ويعتقدون أنه يقرأها ، ويقضي فيها . . . فهو « قاضي الشريعة » كما يلقبه العامة في مصر » .

حذف

Unknown يقول...

قامت الدعوة الإصلاحية في نجد على يد الإمام محمد بن عبد الوهاب ، ومناصرة الإمام محمد بن سعود في الوقت الذي كانت أحوج ما تكون إليه في جميع النواحي الدينية والدنيوية ، وكانت مبررات الدعوة وبواعثها الشرعية منها والواقعية متوافرة ، ومن أهم هذه البواعث والدواعي :
1 - تحقيق التوحيد :

إن أول هذه الدواعي وأعظمها لقيام الدعوة الإصلاحية : مسألة التوحيد ومجانبة الشرك ، وهي القضية الكبرى بين الأنبياء وخصومهم ، وكذلك بين الدعاة والمصلحين وخصومهم ، ألا وهي تحقيق ما أمر الله تعالى به لجميع المكلفين أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فقد قامت هذه الدعوة استجابة لأمر الله بإقامة الدين ، بتحرير العبودية لله وحده ، وتعظيم الله تعالى بأسمائه وصفاته ، وإخلاص العبادة لـه سبحانه دون سواه ، والنهي عن الشرك وذرائعه ، وكانت هذه هي الغاية الأولى في هذه الدعوة المباركة .

2 - تنقية مصادر التلقي :

تعددت مصادر التلقي عند أهل الأهواء والبدع ، ولم يخلصوا تلقي الدين عن الكتاب والسنة ، فكان من أهداف هذه الدعوة الإصلاحية ، إعادة الناس إلى مصادر الدين الحق ( القرآن والسنة ) وبفهم السلف الصالح وآثارهم الصافية .


4 - القيام بواجبات الدين وفرائضه العامة :

من الدعوة إلى الخير ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والجهاد في سبيل الله ، تحقيقا للخيرية التي وصف الله بها هذه الأمة كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ولو آمن أهل الكتاب لكان خيرا لهم [سورة آل عمران ، من الآية : 110] - ص 44 - والنصيحة لله تعالى ولكتابه ولرسوله - صلى الله عليه وسلم - ولأئمة المسلمين وعامتهم وإقامة الحدود ، والعدل بين الناس .

13 ديسمبر، 2014 1:24 م
SIIDreda REDASID يقول...
5 - تحكيم شرع الله تعالى كما أمر الله :

فقد أعرض كثير من المسلمين ، لا سيما أهل البدع وكثير من العامة ، وأهل البادية ، عن العمل بشرع الله في أكثر أحوالهم الدينية والدنيوية حيث سادت البدع والمحدثات والتقاليد والأعراف والأحكام الجاهلية ، وتحاكم كثير من الناس إلى غير شرع الله ، وكثر لجوء الناس إلى الكهان والمشعوذين والسحرة والدجالين ، فأصابهم ما توعد الله به من أعرض عن ذكره ، من ضنك المعيشة كما قال سبحانه : ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا [سورة طه ، من الآية : 124] .
6 - نشر العلم ومحاربة الجهل والتخلف :

تميز العصر الذي ظهرت فيه الدعوة بشيوع الجهل والتقليد الأعمى بين المسلمين ، فكثر الإعراض عن تعليم العلوم الشرعية ، وعن التفقه في الدين ، وسادت الأمية والتخلف في أكثر مظاهر الحياة الفردية والجماعية ، مما جعل قيام الدعوة ضرورة لنشر العلوم الشرعية ووسائلها والفقه في دين الله ، وأخذ العلم من منابعه الأصلية : القرآن والسنة وآثار السلف الصالح ، مع الأخذ بالعلوم الدنيوية النافعة .

حذف

Unknown يقول...

- ص 46 - - ص 47 - المبحث الثالث : حال نجد وما حولها يقتضي ضرورة قيام الدعوة :

وليس أصدق في وصف حال نجد وما حولها من أهلها لا سيما العلماء والباحثين الذين عنوا بهذا الأمر ، وعلى رأسهم إمام الدعوة الذي أعلن دعوته الإصلاحية من هذا المنطلق - أعني تشخيص الأمراض التي يعيشها المجتمع النجدي وسائر الأمة - فقد وصف الإمام نفسه الواقع الذي يعيشه كثير من المسلمين في نجد وغيرها ، وما شاع بينهم من بدع وخرافات ومظالم وجهالات ، وكان هذا الواقع هو السبب والباعث لقيام الإمام بدعوته الإصلاحية ، وكثيرا ما كان يخاطب الناس من هذا المنطلق ، فقال محاورا لمخالفيه ومبينا لهم وجود عظائم المخالفات قال : « منها - وهو أعظمها - عبادة الأصنام عندكم ، من بشر وحجر ؛ هذا يذبح لـه ؛ وهذا ينذر لـه ؛ وهذا يطلب إجابة الدعوات وإغاثة اللهفات ؛ وهذا يدعوه المضطر في البر والبحر ؛ وهذا يزعمون أن من التجأ إليه ينفعه في الدنيا والآخرة ولو عصى الله !
فإن كنتم تزعمون : أن هذا ليس هو عبادة الأصنام والأوثان المذكورة في القرآن ، فهذا من العجب ؛ فإني لا أعلم أحدا من أهل العلم يختلف في ذلك ، اللهم إلا أن يكون أحد وقع فيما وقع فيه اليهود ، من إيمانهم بالجبت والطاغوت ؛ وإن ادعيتم أنكم لا تقدرون على ذلك ، فإن لم تقدروا على الكل ، قدرتم على البعض ؛ كيف وبعض الذين أنكروا علي هذا الأمر ، وادعوا أنهم من أهل العلم ، ملتبسون بالشرك الأكبر ، ويدعون إليه ، ولو يسمعون إنسانا يجرد التوحيد ، لرموه بالكفر والفسوق ؛ ولكن نعوذ بالله من رضى الناس بسخط الله .
ومنها : ما يفعله كثير من أتباع إبليس ، وأتباع المنجمين والسحرة والكهان ، ممن ينتسب إلى الفقر ، وكثير ممن ينتسب إلى العلم من هذه الخوارق التي يوهمون بها الناس ، ويشبهون بمعجزات الأنبياء ، وكرامات الأولياء ، ومرادهم أكل أموال الناس بالباطل ؛ والصد عن سبيل الله ، حتى إن بعض أنواعها يعتقد فيه من يدعي العلم : أنه من العلم الموروث عن الأنبياء ، من علم الأسماء ، وهو من الجبت والطاغوت ، ولكن هذا مصداق قولـه - صلى الله عليه وسلم - : لتتبعن سنن من كان قبلكم .
- ص 48 - ومنها : هذه الحيلة الربوية التي مثل حيلة أصحاب السبت أو أشد ، وأنا أدعو من خالفني إلى أحد أربع ؛ إما إلى كتاب الله ، وإما إلى سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وإما إلى إجماع أهل العلم ؛ فإن عاند دعوته إلى مباهلة ، كما دعا إليها ابن عباس في بعض مسائل الفرائض ، وكما دعا إليها سفيان ، والأوزاعي ، في مسألة رفع اليدين ، وغيرهما من أهل العلم ؛ والحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على محمد وآله وسلم » .
وقد شخص أحد علماء الدعوة الواقع ووصف حال الأمة أثناء ظهور الدعوة وقبلها في بلدان نجد وكذلك في أكثر البلاد الإسلامية المجاورة ، وهو الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن إذ يقول : « كان أهل عصره ومصره - يعني الإمام محمد - في تلك الأزمان ، قد اشتدت غربة الإسلام بينهم ، وعفت آثار الدين لديهم ، وانهدمت قواعد الملة الحنيفية ، وغلب على الأكثرين ما كان عليه أهل الجاهلية ، وانطمست أعلام الشريعة في ذلك الزمان ، وغلب الجهل والتقليد ، والإعراض عن السنة والقرآن ، وشب الصغير وهو لا يعرف من الدين إلا ما كان عليه أهل تلك البلدان ، وهرم الكبير على ما تلقاه عن الآباء والأجداد ، وأحاديث الكهان ، والطواغيت مقبولة ، قد خلعوا ربقة الدين ، وجدوا واجتهدوا في الاستغاثة بغير الله ، والتعلق على غير الله ، من الأولياء ، والصالحين ، والأوثان ، والأصنام ، والشياطين

Unknown يقول...

وعلماؤهم ، ورؤساؤهم على ذلك ، وبه راضون ، قد أعشتهم العوائد والمألوفات ، وحبستهم الشهوات عن الارتفاع إلى طلب الهدى ، من النصوص والآيات ، يحتجون بما رأوه من الآثار الموضوعات ، والحكايات المختلقة ، والمنامات ، كما يفعله أهل الجاهلية ، وكثير منهم يعتقد النفع والضر ، في الأحجار ، والجمادات ، ويتبركون بالآثار ، والقبور نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون [سورة الحشر ، من الآية : 19] ، قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون [سورة الأعراف ، الآية : 33] .
- ص 49 - فأما بلاد نجد : فقد بالغ الشيطان في كيدهم ، وكانوا ينتابون قبر زيد بن الخطاب ، ويدعونه رغبا ورهبا ، ويزعمون أنه يقضي لهم الحوائج ، وكذلك عند قبر يزعمون أنه قبر ضرار بن الأزور ، وذلك كذب ظاهر وبهتان .
وكذلك عندهم : نخل - فحال - ينتابه النساء والرجال ، ويفعلون عنده أقبح الفعال ؛ والمرأة : إذا تأخر عنها الزواج ، تذهب إليه ، فتضمه بيدها ، وتدعوه برجاء ، وتقول : يا فحل الفحول ، أريد زوجا قبل الحول ؛ وشجرة عندهم تسمى : الطرفية ، أغراهم الشيطان بها ، وأوحى إليهم التعلق عليها ، وأنها ترجى منها البركة ، ويعلقون عليها الخرق ، لعل الولد يسلم من السوء .
وفي أسفل : بلدة الدرعية : مغارة في الجبل ، يزعمون أنها انفلقت من الجبل لامرأة تسمى : بنت الأمير ، أراد بعض الناس أن يظلمها ويضير ، فانفلق لها الغار ، كانوا يرسلون إلى هذا المكان من اللحم والخبز ما يقتات به جند الشيطان .
وفي بلدتهم : رجل يدعي الولاية ، يسمى : تاج ؛ يتبركون به ، ويرجون منه العون ، ويرغبون فيما عنده من المدد - بزعمهم - ولديه ، فتخافه الحكام والظلمة ، ويزعمون أن لـه تصرفا ، مع أنهم يحكون عنه الحكايات القبيحة الشنيعة التي تدل على انحلاله عن أحكام الملة ، وهكذا سائر بلاد نجد ، على ما وصفنا ، من الإعراض عن دين الله ، والجحد لأحكام الشريعة .
ومن العجب : أن هذه الاعتقادات الباطلة والعوائد والطرق قد فشت وعمت ، حتى بلاد الحرمين الشريفين ! فمن ذلك : ما يفعل عند قبر محجوب ، وقبة أبي طالب ، فيأتون قبره للاستغاثة عند نزول المصائب ، وكانوا لـه في غاية التعظيم ، فلو دخل سارق ، أو غاصب ، أو ظالم قبر أحدهما ، لم يتعرض لـه أحد ، لما يرون لـه من وجوب التعظيم .
ومن ذلك : ما يفعل عند قبر ميمونة ، أم المؤمنين - رضي الله عنها - في سرف ؛ وكذلك عند قبر خديجة - رضي الله عنها - يفعل عند قبرها ما لا يسوغ السكوت عليه ، من مسلم يرجو الله ، والدار الآخرة ، وفيه : من اختلاط النساء بالرجال وفعل الفواحش والمنكرات وسوء الأفعال ما لا يقره أهل الإيمان ، وكذلك سائر القبور المعظمة ، في بلد الله الحرام : مكة المشرفة .
- ص 50 - وفي الطائف ، قبر ابن عباس - رضي الله عنهما - يفعل عنده من الأمور الشركية التي تنكرها قلوب عباد الله المخلصين ، وتردها الآيات القرآنية ، وما ثبت من النصوص عن سيد المرسلين ، منها : وقوف السائل عند القبر ، متضرعا مستغيثا ، مستكينا ، مستعينا ، وصرف خالص المحبة ، التي هي محبة العبودية ، والنذر ، والذبح لمن تحت ذاك المشهد ، والبنية .
وأكثر سوقتهم وعامتهم يلهجون بالأسواق : اليوم على الله وعليك يا ابن عباس ، فيستمدون منه الرزق ، والغوث ، وكشف الضر ، وذكر محمد بن الحسين النعيمي الزبيدي - رحمه الله - : أن رجلا رأى ما يفعل أهل الطائف ، من الشعب الشركية ، والوظايف ، فقال : أهل الطائف لا يعرفون الله ، إنما يعرفون ابن عباس ، فقال لـه بعض من يترشح للعلم : معرفتهم لابن عباس كافية ؛ لأنه يعرف الله .

حذف

Unknown يقول...

فانظر إلى هذا الشرك الوخيم ، والغلو ، ووازن بينه وبين قولـه وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان [سورة البقرة ، من الآية : 186] وقولـه جل ذكره : وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا [سورة الجن ، آية : 18] وقد لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اليهود والنصارى ، باتخاذهم قبور أنبيائهم مساجد يعبد الله فيها ، فكيف بمن عبد الصالحين ، ودعاهم مع الله ، والنصوص في ذلك لا تخفى على أهل العلم .
كذلك ما يفعل بالمدينة المشرفة ، على ساكنها أفضل الصلاة والسلام ، هو من هذا القبيل ، وفي بندر جدة ما قد بلغ من الضلال حده ، وهو : القبر الذي يزعمون أنه قبر حواء ؛ وضعه لهم بعض الشياطين .
وكذلك مشهد العلوي ، بالغوا في تعظيمه ، وخوفه ، ورجائه ؛ وقد جرى لبعض التجار أنه انكسر بمال عظيم لأهل الهند ، وغيرهم ، وذلك في سنة عشر ومائتين وألف ؛ فهرب إلى مشهد العلوي مستجيرا ، ولائذا به ، مستغيثا ؛ فتركه أرباب الأموال ، ولم يجاسر أحد من الرؤساء والحكام على هتك ذاك المشهد ، واجتمع طائفة من المعروفين ، واتفقوا على تنجيمه في مدة سنين ، فنعوذ بالله من تلاعب الفجرة والشياطين .
وأما بلاد : مصر ، وصعيدها ، وفيومها ، وأعمالها ، فقد جمعت من الأمور الشركية ، - ص 51 - والعبادات الوثنية ، والدعاوى الفرعونية ما لا يتسع لـه كتاب ، لا سيما عند مشهد : أحمد البدوي ، وأمثاله من المعبودين ، فقد جاوزوا بهم ما ادعته الجاهلية لآلهتهم ، ما لم ينقل مثله عن أحد من الفراعنة ، والنماردة .
وبعضهم يقول : يتصرف في الكون سبعة ؛ وبعضهم يقول : أربعة ؛ وبعضهم يقول : قطب يرجعون إليه ، وكثير منهم يرى الأمر شورى بين عدد ينتسبون إليه ؛ فتعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا [سورة الكهف ، من الآية : 5]
وقد استباحوا عند تلك المشاهد من المنكرات ، والفواحش ، والمفاسد ما لا يمكن حصره ، واعتمدوا في ذلك من الحكايات ، والخرافــات ما لا يصدر عمن لـه أدنى مسكة أو حظ من المعقولات ، فضلا عن النصوص .
كذلك ما يفعل في بلدان : اليمن ، جار على تلك الطريق والسنن ؛ ففي : صنعاء ، وبرع ، والمخا ، وغيرها من تلك البلاد ما يتنزه العاقل عن ذكره .
وفي حضرموت ، والشجر ، وعدن ، ويافع ، ما تستك عن ذكره المسامع ، يقول قائلهم : شيء لله يا عيدروس ! شيء لله يا محيي النفوس ! .
وفي أرض نجران من تلاعب الشيطان ، وخلع ربقة الإيمان ما لا يخفى على أهل العلم ، كذلك رئيسهم المسمى بالسيد ، لقد أتوا من طاعته ، وتعظيمه ، والغلو فيه بما أفضى بهم إلى مفارقة الملة والإسلام ، إلى عبادة الأوثان والأصنام اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون [سورة التوبة ، الآية : 31]
وكذلك ، حلب ، ودمشق ، وسائر بلاد الشام ، فيها من تلك المشاهد ، والنصب ، وهي تقارب ما ذكرنا من الكفريات ، والتلطخ بتلك الوثنية الشركية .
وكذلك : الموصل ، وبلاد الأكراد ، ظهر فيها من أصناف الشرك ، والفجور ، والفساد ؛ وفي العراق : من ذلك بحرة المحيط ، وعندهم المشهد الحسيني قد اتخذه الرافضة وثنا ، بل ربا مدبرا ، وأعادوا به المجوسية ، وأحيوا به معاهد اللات والعزى ، وما كان عليه أهل الجاهلية .

حذف

Unknown يقول...

- ص 52 - وكذلك : مشهد العباس ، ومشهد علي ، ومشهد أبي حنيفة ، ومعروف الكرخي ، والشيخ عبد القادر ؛ فإنهم قد افتتنوا بهذه المشاهد ، رافضتهم ، وسنيتهم ؛ لم يعرفوا ما وجب عليهم ، من حق الله الفرد ، الصمد ، الواحد » .
ثم قال : « وهذه الحوادث والكفريات والبدع ، قد أنكرها أهل العلم والإيمان ، واشتد نكيرهم ، حتى حكموا على فاعلها بخلع ربقة الإسلام والإيمان ؛ ولكن لما كانت الغلبة للجهال ، انتقضت عرى الدين ، وساعدهم على ذلك من قل حظه ونصيبه من الرؤساء ، والحكام ، والمنتسبين من الجهال ، فاتبعتهم العامة والجمهور ولم يشعروا بما هم عليه من المخالفة ، والمباينة لدين الله ، الذي اصطفاه لخاصته وأوليائه » .
إلى أن قال عن الإمام محمد بن عبد الوهاب : « وتصدى - رحمه الله - : للرد على من نكب عن هذا السبيل ، واتبع سبيل التحريف والتعطيل على اختلاف نحلهم وبدعهم وتشعب مقالتهم وطرقهم ، متبعا - رحمه الله - ما مضى عليه السلف الصالح ، من أهل العلم والإيمان ، وما درج عليه القرون المفضلة بنص الحديث ، ولم يلتفت - رحمه الله - إلى ما عدا ذلك ، من قياس فلسفي ، أو تعطيل جهمي ، أو إلحاد حلولي ، أو اتحادي ، أو تأويل معتزلي ، أو أشعري ، فوضح معتقد السلف الصالح ، بعدما سفت عليه السوافي ، وذرت عليه الذواري ، وندر من يعرفه من أهل القرى والبوادي ، إلا ما كان مع العامة من أصل الفطرة ، فإنه قد يبقى ولو في زمن الغربة والفترة ، وتصدى أيضا : للدعوة إلى ما يقتضيه هذا التوحيد ويستلزمه ، وهو : وجوب عبادة الله وحده لا شريك لـه ، وخلع ما سواه من الأنداد والآلهة والبراءة من عبادة كل ما عبد من دون الله » .
وكذلك : قام بالنكير على أجلاف البوادي وأمراء القرى والنواحي ، فيما يتجاسرون عليه ، ويعفونه من قطع السبيل ، وسفك الدماء ، ونهب الأموال المعصومة ، حتى ظهر العدل واستقر ، وفشا الدين واستمر ، والتزمه كل من كانت عليه الولاية ، من البلاد النجدية ، وغيرها ، والحمد لله على ذلك ؛ والتذكير بهذا يدخل فيما امتن الله به على - ص 53 - المؤمنين ، وذكرهم به من بعث الأنبياء والرسل » .
ويقول الشيخ إسماعيل الدهلوي في كتابه رسالة التوحيد في وصف حال المسلمين عموما وفي الهند بخاصة تحت عنوان : « استفحال فتنة الشرك والجهالة في الناس » يقول : « اعلم أن الشرك قد شاع في الناس في هذا الزمان وانتشر ، وأصبح التوحيد الخالص غريبا ، ولكن معظم الناس لا يعرفون معنى الشرك ، ويدعون الإيمان مع أنهم قد تورطوا في الشرك وتلوثوا به ، فمن المهم قبل كل شيء أن يفقه الناس معنى الشرك والتوحيد ، ويعرفوا حكمهما في القرآن والحديث » .
ثم قال تحت عنوان « مظاهر الشرك وأشكاله المتنوعة » : « ومن المشاهد اليوم أن كثيرا من الناس يستعينون بالمشايخ والأنبياء ، والأئمة والشهداء ، والملائكة ، والجنيات عند الشدائد ، فينادونها ، ويصرخون بأسمائها ، ويسألون عنها قضاء الحاجات ، وتحقيق المطالب ، وينذرون لها ، ويقربون لها قرابين لتسعفهم بحاجاتهم ، وتقضي مآربهم ، وقد ينسبون إليها أبناءهم طمعا في رد البلاء ، فيسمي بعضهم ابنه بعبد النبي » .
وبالجملة : فإن هذا الواقع المتردي وهذه الأسباب وغيرها كانت من الدوافع الطبيعية التي هي من سنن الله ، والدوافع الشرعية استجابة لأمر الله ، وقد استدعت ( بالضرورة ) قيام دعوة إصلاحية شاملة تقوم على تجديد الدين بإحياء ما اندرس منه ، وبإصلاح أحوال الأمة في سائر نواحي الحياة في العقيدة والعبادة والعلم والسلطة والاقتصاد والاجتماع ، وجماع ذلك كله ( إخلاص العبادة لله وحده ) والعمل بمقتضى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله .

Unknown يقول...

يس أصدق في وصف حال نجد وما حولها من أهلها لا سيما العلماء والباحثين الذين عنوا بهذا الأمر ، وعلى رأسهم إمام الدعوة الذي أعلن دعوته الإصلاحية من هذا المنطلق - أعني تشخيص الأمراض التي يعيشها المجتمع النجدي وسائر الأمة - فقد وصف الإمام نفسه الواقع الذي يعيشه كثير من المسلمين في نجد وغيرها ، وما شاع بينهم من بدع وخرافات ومظالم وجهالات ، وكان هذا الواقع هو السبب والباعث لقيام الإمام بدعوته الإصلاحية ، وكثيرا ما كان يخاطب الناس من هذا المنطلق ، فقال محاورا لمخالفيه ومبينا لهم وجود عظائم المخالفات قال : « منها - وهو أعظمها - عبادة الأصنام عندكم ، من بشر وحجر ؛ هذا يذبح لـه ؛ وهذا ينذر لـه ؛ وهذا يطلب إجابة الدعوات وإغاثة اللهفات ؛ وهذا يدعوه المضطر في البر والبحر ؛ وهذا يزعمون أن من التجأ إليه ينفعه في الدنيا والآخرة ولو عصى الله !
فإن كنتم تزعمون : أن هذا ليس هو عبادة الأصنام والأوثان المذكورة في القرآن ، فهذا من العجب ؛ فإني لا أعلم أحدا من أهل العلم يختلف في ذلك ، اللهم إلا أن يكون أحد وقع فيما وقع فيه اليهود ، من إيمانهم بالجبت والطاغوت ؛ وإن ادعيتم أنكم لا تقدرون على ذلك ، فإن لم تقدروا على الكل ، قدرتم على البعض ؛ كيف وبعض الذين أنكروا علي هذا الأمر ، وادعوا أنهم من أهل العلم ، ملتبسون بالشرك الأكبر ، ويدعون إليه ، ولو يسمعون إنسانا يجرد التوحيد ، لرموه بالكفر والفسوق ؛ ولكن نعوذ بالله من رضى الناس بسخط الله .
ومنها : ما يفعله كثير من أتباع إبليس ، وأتباع المنجمين والسحرة والكهان ، ممن ينتسب إلى الفقر ، وكثير ممن ينتسب إلى العلم من هذه الخوارق التي يوهمون بها الناس ، ويشبهون بمعجزات الأنبياء ، وكرامات الأولياء ، ومرادهم أكل أموال الناس بالباطل ؛ والصد عن سبيل الله ، حتى إن بعض أنواعها يعتقد فيه من يدعي العلم : أنه من العلم الموروث عن الأنبياء ، من علم الأسماء ، وهو من الجبت والطاغوت ، ولكن هذا مصداق قولـه - صلى الله عليه وسلم - : لتتبعن سنن من كان قبلكم .
- ص 48 - ومنها : هذه الحيلة الربوية التي مثل حيلة أصحاب السبت أو أشد ، وأنا أدعو من خالفني إلى أحد أربع ؛ إما إلى كتاب الله ، وإما إلى سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وإما إلى إجماع أهل العلم ؛ فإن عاند دعوته إلى مباهلة ، كما دعا إليها ابن عباس في بعض مسائل الفرائض ، وكما دعا إليها سفيان ، والأوزاعي ، في مسألة رفع اليدين ، وغيرهما من أهل العلم ؛ والحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على محمد وآله وسلم » .
وقد شخص أحد علماء الدعوة الواقع ووصف حال الأمة أثناء ظهور الدعوة وقبلها في بلدان نجد وكذلك في أكثر البلاد الإسلامية المجاورة ، وهو الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن إذ يقول : « كان أهل عصره ومصره - يعني الإمام محمد - في تلك الأزمان ، قد اشتدت غربة الإسلام بينهم ، وعفت آثار الدين لديهم ، وانهدمت قواعد الملة الحنيفية ، وغلب على الأكثرين ما كان عليه أهل الجاهلية ، وانطمست أعلام الشريعة في ذلك الزمان ، وغلب الجهل والتقليد ، والإعراض عن السنة والقرآن ، وشب الصغير وهو لا يعرف من الدين إلا ما كان عليه أهل تلك البلدان ، وهرم الكبير على ما تلقاه عن الآباء والأجداد ، وأحاديث الكهان ، والطواغيت مقبولة ، قد خلعوا ربقة الدين ، وجدوا واجتهدوا في الاستغاثة بغير الله ، والتعلق على غير الله ، من الأولياء ، والصالحين ، والأوثان ، والأصنام ، والشياطين .

حذف

Unknown يقول...

وعلماؤهم ، ورؤساؤهم على ذلك ، وبه راضون ، قد أعشتهم العوائد والمألوفات ، وحبستهم الشهوات عن الارتفاع إلى طلب الهدى ، من النصوص والآيات ، يحتجون بما رأوه من الآثار الموضوعات ، والحكايات المختلقة ، والمنامات ، كما يفعله أهل الجاهلية ، وكثير منهم يعتقد النفع والضر ، في الأحجار ، والجمادات ، ويتبركون بالآثار ، والقبور نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون [سورة الحشر ، من الآية : 19] ، قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون [سورة الأعراف ، الآية : 33] .
- ص 49 - فأما بلاد نجد : فقد بالغ الشيطان في كيدهم ، وكانوا ينتابون قبر زيد بن الخطاب ، ويدعونه رغبا ورهبا ، ويزعمون أنه يقضي لهم الحوائج ، وكذلك عند قبر يزعمون أنه قبر ضرار بن الأزور ، وذلك كذب ظاهر وبهتان .
وكذلك عندهم : نخل - فحال - ينتابه النساء والرجال ، ويفعلون عنده أقبح الفعال ؛ والمرأة : إذا تأخر عنها الزواج ، تذهب إليه ، فتضمه بيدها ، وتدعوه برجاء ، وتقول : يا فحل الفحول ، أريد زوجا قبل الحول ؛ وشجرة عندهم تسمى : الطرفية ، أغراهم الشيطان بها ، وأوحى إليهم التعلق عليها ، وأنها ترجى منها البركة ، ويعلقون عليها الخرق ، لعل الولد يسلم من السوء .
وفي أسفل : بلدة الدرعية : مغارة في الجبل ، يزعمون أنها انفلقت من الجبل لامرأة تسمى : بنت الأمير ، أراد بعض الناس أن يظلمها ويضير ، فانفلق لها الغار ، كانوا يرسلون إلى هذا المكان من اللحم والخبز ما يقتات به جند الشيطان .
وفي بلدتهم : رجل يدعي الولاية ، يسمى : تاج ؛ يتبركون به ، ويرجون منه العون ، ويرغبون فيما عنده من المدد - بزعمهم - ولديه ، فتخافه الحكام والظلمة ، ويزعمون أن لـه تصرفا ، مع أنهم يحكون عنه الحكايات القبيحة الشنيعة التي تدل على انحلاله عن أحكام الملة ، وهكذا سائر بلاد نجد ، على ما وصفنا ، من الإعراض عن دين الله ، والجحد لأحكام الشريعة .
ومن العجب : أن هذه الاعتقادات الباطلة والعوائد والطرق قد فشت وعمت ، حتى بلاد الحرمين الشريفين ! فمن ذلك : ما يفعل عند قبر محجوب ، وقبة أبي طالب ، فيأتون قبره للاستغاثة عند نزول المصائب ، وكانوا لـه في غاية التعظيم ، فلو دخل سارق ، أو غاصب ، أو ظالم قبر أحدهما ، لم يتعرض لـه أحد ، لما يرون لـه من وجوب التعظيم .
ومن ذلك : ما يفعل عند قبر ميمونة ، أم المؤمنين - رضي الله عنها - في سرف ؛ وكذلك عند قبر خديجة - رضي الله عنها - يفعل عند قبرها ما لا يسوغ السكوت عليه ، من مسلم يرجو الله ، والدار الآخرة ، وفيه : من اختلاط النساء بالرجال وفعل الفواحش والمنكرات وسوء الأفعال ما لا يقره أهل الإيمان ، وكذلك سائر القبور المعظمة ، في بلد الله الحرام : مكة المشرفة .
- ص 50 - وفي الطائف ، قبر ابن عباس - رضي الله عنهما - يفعل عنده من الأمور الشركية التي تنكرها قلوب عباد الله المخلصين ، وتردها الآيات القرآنية ، وما ثبت من النصوص عن سيد المرسلين ، منها : وقوف السائل عند القبر ، متضرعا مستغيثا ، مستكينا ، مستعينا ، وصرف خالص المحبة ، التي هي محبة العبودية ، والنذر ، والذبح لمن تحت ذاك المشهد ، والبنية .

Unknown يقول...

إن الشيعة حاولوا خداع الناس بأنهم موالون لأهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، وأنهم أقرب الناس إلى الصحة والصواب من بين طوائف المسلمين، وأفضلهم وأهداهم لتمسكهم بأقارب النبي صلى الله عليه وسلم وذويه، وإن المتمسكين بأقوالهم، والعاملين بهديهم، والسالكين مسلكهم، والمتتبعين آثارهم وتعاليمهم هم وحدهم لا غيرهم.
ولقد فصلنا القول فيما قبل أن القوم لا يقصدون من أهل البيت أهل بيت النبوة، وأنهم لا يوالونهم ولا يحبونهم، بل يريدون ويقصدون من وراء ذلك علياً رضي الله عنه وأولاده المخصوصين المعدودين.
ونريد أن نثبت في هذا الباب أن الشيعة لا يقصدون في قولهم إطاعة أهل البيت واتباعهم لا أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم ولا أهل بيت علي رضي الله عنه فإنهم لا يهتدون بهديهم. ولا يقتدون برأيهم، ولا ينهجون منهجهم، ولا يسلكون مسلكهم، ولا يتبعون أقوالهم وآراءهم، ولا يطيعونهم في أوامرهم وتعليماتهم بل عكس ذلك, يعارضونهم ويخالفونهم مجاهرين معلنين قولاً وعملاً، ويخالفون آراءهم وصنيعهم مخالفة صريحة. وخاصة في خلفاء النبي الراشدين، وأزواجه الطاهرات المطهرات، وأصحابه البررة، حملة هذا الدين ومبلغين رسالته إلى الآفاق والنفس، وناشرين دين الله، ورافعين راية الله، ومعلنين كلمته، ومجاهدين في سبيله حق جهاده، ومقدمين مضحين كل غال وثمين في رضاه، راجين رحمته، خائفين عذابه، قوامين بالليل، صوامين بالنهار الذين ذكرهم الله عز وجل في كتابه المحكم: لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ [فصلت:42].
ذكرهم فيه جل وعلا: تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ [السجدة:16]. وقال تبارك وتعالى: الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [آل عمران:191].
وقال وهو أصدق القائلين حيث يصف أصحاب رسوله المصطفى صلى الله عليه وسلم: مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا [الفتح:29].
وقال سبحانه، ما أعظم شأنه، في شركاء غزوة تبوك: لَقَد تَّابَ الله عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِن بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِّنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ [التوبة:117].
كما قال في الذين شاركوه في غزوة الحديبية: لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا [الفتح: 18 - 19].

Unknown يقول...

المطلب الثامن: تشابه الشيعة واليهود في قدحهم في الأنبياء والصحابة:
ونبدأ باليهود , أسياد الشيعة , حيث إن الطعن على أنبياء الله وانتقاصهم سمة بارزة من سمات اليهود , ومن قرأ كتب اليهود وجدها تعج بكثير من المطاعن على أنبياء الله , والقدح فيهم ورميهم بأبشع الجرائم مما هم منه براء.
ومن التهم الباطلة التي يلصقها اليهود بنبي الله لوط عليه السلام تلك التهمة الجائرة التي زعموا فيها أن لوطاً عليه السلام زنى بابنتيه - عياذاً بالله تعالى- كما جاء ذلك مفصلاً في الإصحاح التاسع عشر من سفر التكوين عندهم , أما رسول الله هارون عليه السلام فقد افتروا عليه أعظم فرية حيث زعموا أنه صنع لبني إسرائيل عجل من الذهب ليعبدوه عندما تأخر عليهم موسى عليه السلام في الجبل , وأما داوود عليه السلام فيرمونه بالزنا بامرأة أحد ضباط جيشه ثم تدبيره بعد ذلك مقتل زوج هذه المرأة بعد علمه أن هذه المرأة قد حملت منه -عياذاً بالله تعالى-.
وأما عيسى وأمه عليهما السلام فلم يترك اليهود جريمة إلا ألصقوها بهما, ومن هذه الجرائم والافتراءات رمي اليهود لمريم بالزنا حيث أنهم يعتقدون أنه قد جاءت به عن طريق الخطيئة أي الزنا -عياذاً بالله تعالى- , بل قد تجرأ اليهود على جميع الأنبياء فرموهم بالنجاسة كما جاء في سفر أرميا الإصحاح الثالث والعشرين ما نصه: " لأن الأنبياء والكهنة تنجسوا جميعاً بل في بيتي وجدت شرهم يقول الرب ".
أما قدح الشيعة في الصحابة رضوان الله عليهم , فإن الشيعة يعادون ويبغضون الصحابة وأمهات المؤمنين رضوان الله عليهم أشد البغض , ويعتقدون أنهم كفار مرتدون, بل يتقربون إلى الله بسبهم ولعنهم ويعدون ذلك من أعظم القربات, ويوضح هذا المعتقد شيخهم ومحدثهم محمد باقر المجلسي الذي يقول في كتاب (حق اليقين) صفحة (519) ما نصه: " وعقيدتنا في التبرء أننا نتبرأ من الأصنام الأربعة: أبي بكر, وعمر, وعثمان, ومعاوية, والنساء الأربع: عائشة, وحفصة, وهند, وأم الحكم, ومن جميع أشياعهم وأتباعهم, وأنهم شر خلق الله على وجه الأرض, وأنه لا يتم الإيمان بالله ورسوله والأئمة إلا بعد التبرء من أعدائهم ". كما أن شيخهم القمي روى في تفسيره عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال: " ما بعث الله نبياً إلا وفي أمته شيطانان يؤذيانه ويضلان الناس بعده, فأما صاحبا نوح: فخنطيفوس وخَرام, وأما صاحبا إبراهيم: فمكفل ورزام, وأما صاحبا موسى: فالسامري ومرعقيبا, وأما صاحبا عيسى: فبولس وموريتون, وأما صاحبا محمد: فحبتر وزريق " , ويعنون بحبتر: عمر رضي الله عنه , وزريق: أبا بكر الصديق رضي الله عنه , وهذه من الرموز التي يستعملونها في كتبهم للطعن في الشيخين.
أما إمامهم العياشي فيعبر عن حقده الأسود الدفين على هؤلاء الخلفاء برواية أخرى مصطنعة يرويها عن جعفر بن محمد أنه قال: " يؤتى بجهنم لها سبعة أبواب, بابها الأول للظالم, وهو زريق - يعني أبا بكر - وبابها الثاني لحبتر - يعني عمر -, والباب الثالث للثالث -يعني عثمان-, والرابع لمعاوية, والخامس لعبدالملك, والباب السادس لعسكر بن هوسر, والباب السابع لأبي سلامة, فهم أبواب لمن تبعهم " انتهى من تفسير العياشي المجلد الثاني صفحة (432).
ويروي الصدوق " عن أبي الجارود قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام أخبرني بأول من يدخل النار, قال: إبليس ورجل عن يمينه ورجل عن يساره " انتهى من كتاب (ثواب الأعمال) صفحة (255).

Unknown يقول...

قف علي بن أبي طالب رضي الله عنه من الصديق
كتب في: نوفمبر 12, 2013 فى: الرد على الشبهات, العقيدة الصحيحة | تعليقات : 0
موقف علي بن أبي طالب رضي الله عنه من الصديق
444444444
عدد الزوار: 3433
موقف علي بن أبي طالب رضي الله عنه من الصديق


نريد أن نبّين موقف أهل البيت من ثاني اثنين إذ هما في الغار، من الصديق الأكبر رضي الله عنه، فيقول فيه ابن عم النبي وصهره، زوج ابنته، ووالد سبطيه علي بن أبي طالب رضي الله عنه وهو يذكر بيعة أبي بكر الصديق بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم عند انثيال -انثيال الناس أي انصبابهم من كل وجه كما ينثال التراب كما قاله ابن أبي الحديد شارح نهج البلاغة- الناس على أبي بكر، وإجفالهم -الإجفال الإسراع إليه ليبايعوه- فمشيت عند ذلك إلى أبي بكر، فبايعته ونهضت في تلك الأحداث حتى زاغ الباطل وزهق وكانت “كلمة الله هي العليا” ولو كره الكافرون، فتولى أبو بكر تلك الأمور فيسر، وسدد، وقارب، واقتصد، فصحبته مناصحاً، وأطعته فيما أطاع الله (فيه) جاهداً” (الغارات) (1 /307) تحت عنوان “رسالة علي عليه السلام إلى أصحابه بعد مقتل محمد بن أبي بكر”).


ويذكر في رسالة أخرى أرسلها إلى أهل مصر مع عامله الذي استعمله عليها قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري “بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى من بلغه كتابي هذا من المسلمين، سلام عليكم فإني أحمد الله إليكم الذي لا إله إلا هو. أما بعد! فإن الله بحسن صنعه وتقديره وتدبيره اختار الإسلام ديناً لنفسه وملائكته ورسله، وبعث به الرسل إلى عباده ( و ) خص من انتخب من خلقه، فكان مما أكرم الله عز وجل به هذه الأمة وخصهم ( به ) من الفضيلة أن بعث محمداً – صلى الله عليه وسلم – ( إليهم ) فعلمهم الكتاب والحكمة والسنة والفرائض، وأدّبهم لكيما يهتدوا، وجمعهم لكيما ( لا ) يتفرقوا، وزكاهم لكيما يتطهروا، فلما قضى من ذلك ما عليه قبضه الله ( إليه فعليه ) صلوات الله وسلامه ورحمته ورضوانه إنه حميد مجيد. ثم إن المسلمين من بعده استخلفوا امرأين منهم صالحين عملاً بالكتاب وأحسنا السيرة ولم يتعديا السنة ثم توفاهما الله فرحمهما الله” (الغارات) (1 /210) ومثله باختلاف يسير في (شرح نهج البلاغة) لابن أبي الحديد، و(ناسخ التواريخ) (ج3 كتاب2 ص241 ) ط إيران، و(مجمع البحار) للمجلسي.
ويقول أيضاً وهو يذكر خلافة الصديق وسيرته: فاختار المسلمون بعده (أي النبي صلى الله عليه وسلم) رجلاً منهم، فقارب وسدد بحسب استطاعة على خوف وجد” (شرح نهج البلاغة) للميثم البحراني (ص400).
ولم اختار المسلمون أبا بكر خليفة للنبي وإماماً لهم ؟ يجيب عليه المرتضى رضي الله عنه وابن عمة الرسول زبير بن العوام رضي الله عنه بقولهما: وإنا نرى أبا بكر أحق الناس بها، إنه لصاحب الغار وثاني اثنين، وإنا لنعرف له سنة، ولقد أمره رسول الله بالصلاة وهو حي” (شرح نهج البلاغة) لابن أبي الحديد الشيعي (1 /332).
ومعنى ذلك أن خلافته كانت بإيعاز الرسول عليه السلام.
وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه قال هذا القول رداً على أبي سفيان حين حرضه على طلب الخلافة كما ذكر ابن أبي الحديد جاء أبو سفيان إلى علي عليه السلام، فقال: وليتم على هذا الأمر أذل بيت في قريش، أما والله لئن شئت لأملأنها على أبي فصيل خيلاً ورجلاً، فقال علي عليه السلام: طالما غششت الإسلام وأهله، فما ضررتهم شيئاً، لا حاجة لنا إلى خيلك ورجلك، لولا أنا رأينا أبا بكر لها أهلاً لما تركناه” (شرح ابن أبي الحديد) (1 /130).


ولقد كررّ هذا القول ومثله مرات كرات، وأثبتته كتب القوم في صدورها وهو أن علياً كان يعدّ الصديق أهلاً للخلافة، وأحق الناس بها، لفضائله الجمة ومناقبه الكثيرة حتى حينما سئل قرب وفاته بعد ما طعنه ابن الملجم من سيكون الإمام والخليفة بعدك؟ فقال كما روي عن أبي وائل والحكيم عن علي بن أبي طالب عليه السلام أنه قيل له: ألا توصي؟ قال: ما أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأوصي، ولكن قال: (أي رسول) إن أراد الله خيراً فيجمعهم على خيرهم بعد نبيهم” (تلخيص الشافي) للطوسي (2 /372) ط النجف).


وأورد مثل هذه الرواية “علم الهدى” علي بن الحسين بن موسى المشهور بالسيد المرتضى
للشيعة في كتابه (الشافي): عن أمير المؤمنين عليه السلام لما قيل له: ألا توصي؟ فقال: ما أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأوصي، ولكن إذا أراد الله بالناس خيراً استجمعهم على خيرهم كما جمعهم بعد نبيهم على خيرهم” (الشافي) (ص171) ط النجف)

Unknown يقول...

وأورد مثل هذه الرواية “علم الهدى” علي بن الحسين بن موسى المشهور بالسيد المرتضى
للشيعة في كتابه (الشافي): عن أمير المؤمنين عليه السلام لما قيل له: ألا توصي؟ فقال: ما أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأوصي، ولكن إذا أراد الله بالناس خيراً استجمعهم على خيرهم كما جمعهم بعد نبيهم على خيرهم” (الشافي) (ص171) ط النجف).


فهذا هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه يتمنى لشيعته وأنصاره أن يوفق الله لهم رجلاً خيراً صالحاً كما وفق للأمة الإسلامية المجيدة بعد أن اصطدموا بوفاة النبي صلى الله عليه وسلم برجل خير صالح، أفضل الخلائق بعد نبيه صلى الله عليه وسلم بأبي بكر الصديق رضي الله عنه إمام الهدى، وشيخ الإسلام، ورجل قريش، والمقتدى به بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم حسب ما سماه سيد أهل البيت زوج الزهراء رضي الله عنهما كما رواه السيد مرتضى علم الهدى في كتابه عن جعفر بن محمد عن أبيه أن رجلاً من قريش جاء إلى أمير المؤمنين عليه السلام، فقال: سمعتك تقول في الخطبة آنفا: اللهم أصلحنا بما أصلحت به الخلفاء الراشدين، فمن هما؟ قال: حبيباي، وعماك أبو بكر وعمر، وإماما الهدى، وشيخا الإسلام. ورجلا قريش، والمتقدى بهما بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، من اقتدى بهما عصم، ومن اتبع آثارهما هدي إلى صراط المستقيم” (تلخيص الشافي) (2 /428).
هذا وقد كرر في نفس الكتاب هذا “إن علياً عليه السلام قال في خطبته: خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر”، ولم لا يقول هذا وهو الذي روى “أننا كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم على جبل حراء إذ تحرك الجبل، فقال له: قر، فإنه ليس عليك إلا نبي وصديق وشهيد” (الاحتجاج) للطبرسي.
فهذا هو رأي علي رضي الله عنه في أبي بكر، نعم! رأي علي الخليفة الراشد الرابع عندنا، والإمام المعصوم الأول عند القوم، الذي يدعون فيه أن من أنكر ولايته فقد كفر، كما قالوا: الموالي له ناج، والمعادي له كافر هالك، والمتخذ دونه وليجة ضال مشرك” (فرق الشيعة) للنوبختي” (ص41) ط النجف 1951م، و(تفسير القمي) (ج1 156 ) نجف ط تحت آية: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ [ النساء:137])
وقد نقلوا من أئمتهم “أبى الله عز وجل أن يتولى قوم قوماً يخالفونهم في أعمالهم معهم يوم القيامة، كلا ورب الكعبة” كتاب (الروضة من الكافي) للكليني (8 /254).
فالمفروض من القوم الذين يدعون موالاة علي وبنيه أن يتبعوه وأولاده في آرائهم ومعتقداتهم في أصحاب النبي ورفقائه، وخاصة في صاحبه في الغار، الذي نقلنا فيه كلام سيد أهل البيت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ورأيه وعقيدته التي نقلوها في كتبهم هم، وبعباراتهم أنفسهم، التي ذكرناها آنفا، وكما نحن ذاكرين آراء بقية أهل البيت فيه إن شاء الله.

Disqus for TH3 PROFessional