السبت، 15 مارس 2014

أمين معلوف في صخرة طانيوس ماذا يعني بالنسبة لمئات السنين العفة أو الزنى؟ إنما هي من حيل الولادة.

من شرفة منزل أمين معلوف والقرية التي تدور فيها أحداث الرواية
قرأتُ رواية صخرة طانيوس لأمين معلوف ثلاث مرات. وفي كل مرة لم أتمكن من حبس دموعي تعاطفاً مع بطلها وافتتاناً به: طانيوس الكشك.

عاش منبوذاً ومحتقراً وهو طفل. وفاراً وهارباً من العدالة وهو شاب. وعندما عاد أخيراً إلى جبل لبنان عودة الأبطال لم تدم هدنة القدر معه سوى ثلاثة أيام ثم اختفى بعدها إلى الأبد لا بشخصية البطل التي عاد بها من منفاه وإنما بصورة الحكم الذي تسبب، بشكل أو بآخر ، بتفجر القتال بين الدروز والموارنة في جبل لبنان لسنوات طويلة.


كنت مهموماً على الدوام بسؤال مركزي تطرحه الرواية بقدر ما تستبعده وتؤكده بقدر ما تنفيه وقد عمد أمين معلوف إلى تركه معلقاً وحائراً وملتبساً إلا من بعض تلميحات وإيحاءات مرمزة تشكّل مجتمعة ما يعتقده الروائي. هل كان طانيوس ابن زنا؟ هل كان وليد علاقة غير شرعية بين شيخ الضيعة وبين أمه لميا ذات الجمال الأسطوري؟ في الحالتين كان طانيوس الذي اختفى عام 1840 مظلوماً وضحية.

وأنا واقف في باحة المنزل العائلي للروائي أمين معلوف في ضيعته بعين القبو، المكان الذي جرت فيه أحداث الرواية، أدركت الفرق بين الكتابة المعلبة، الآلية، المثلجة، وبين الكتابة الحية التي لها لحم ودم ونبض وروح. الكتابة الفوتغرافية، بل الكتابة التي تنقل لك المشهد، كأنك تراه صوت وصورة. الكتابة الطالعة من أقاصي النفس البشرية ومجاهيلها.   


لم يفارقني حتى الآن منظر الجبال والوديان من على الشرفة.

تذكرت على الفور ما نقله أمين معلوف على لسان أحد شيوخ قريته. "جبريل" قال في لحظة صفاء وصدق، أثناء دفاعه عن "شرف" لميا والدة طانيوس، بعدئذ جر أمين معلوف من يده ومشيا سوياً إلى الشرفة؛

قال العجوز:
كحّل عينيك بجبالنا.
منحدراتها الناعمة، وديانها الخفية.
جميلة هي مثل لمياء. فاتنة مثلها. مشتهاة. معنفة.
مهانة. غالباً مستلبة. وفي بعض الأحيان معشوفة وعاشقة".

ثم أضاف:

ماذا يعني بالنسبة لمئات السنين العفة أو الزنى أو السفاح؟ إنما هي من حيل الولادة.

ليست هناك تعليقات:

Disqus for TH3 PROFessional