انهيار أسعار الصرف يعود إلى جانب جملة من الأسباب
المباشرة كالسحب على المكشوف واستهلاك الاحتياطي النقدي، واستخدام المطبوع النقدي
دون تغظية، لتمويل المجهود الحربي للحوثيين، إضافة للتضارب بين المؤسسة المالية
والنقدية ومنع البنوك المحلية من ترحيل فائض النقد الأجنبي إلى البنوك الأم،
لتعزيز أرصدتها في الخارج، جراء رفض وزير النقل مراد الحالمي
إرسال طائرة من اليمنية مؤمنة لنقل الأموال بالطرق المتعارف عليها، وضمان عدم
احتجازها في مطار بيشه.
إلى جانب الأسباب المباشرة. فإن السبب الأم الذي
أدى، وسيؤدي، إلى مزيد من انهيار سعر الصرف أمام الدولار والسعودي، هو القرار
الكارثي الذي اتخذته "اللجنة الثورية العليا" وأقره ابو أحمد" محمد
علي الحوثي بتعويم أسعار المشتقات النفطية. حذرنا وقتها، فقيل إننا "مزايدون"
وإن هذا القرار سيؤدي إلى انخفاض سعر البترول محلياً، حتى أن الزميل علي البخيتي
كتب منشوراً احتفائياً بهذا الخصوص إن لم تخن الذاكرة.
1-
ارتفاع سعر الصرف واستنزاف النقد الأجنبي من السوق المحلية خاصة وأنه صدر دون اي
لائحة، ودون وضع شروط وتأهيل للشركات المستوردة، تتيح لتاجر خردة أن يتحول لتجارة
النفط، وكان يجب ألا تمنح أي شركة رخصة استيراد إلا بعد فتح حساب في البنك المركزي
يتم تغذيتها من أرصدة هذه الشركة في الخارج حتى لا يسحبون الدولار من السوق
المحلية.
2-
قرار التعويم هو بالأساس قرار جرعة سعرية غير معلنة وممن؟ من جماعة أسقطت الدولة
بذريعة إسقاط الجرعة باللمهزلة! إذ بموجب قرار التعويم فتح الباب للقطاع الخاص ولم
تعد شركة النفط المسئول الحصري عن النفط، فأدى ذلك إلى عجز مؤسسة الكهرباء عن تشغيل
محطات الديزل والمازوت (المخا، راس الكثيب، القاع، حزيز، ذهبان..إلخ) لأنها كانت
تشتريه من شركة النفط بالسعر المدعوم 40 ريال للتر بينما يتوجب عليها الآن أن
تشتريه بموجب التعويم من الحثيلي أو عمار توفيق أو العيسي أو البقية لا فرق،
بأسعار السوق: من 100 فما فوق!
لهذا السبب لم تعد الكهرباء تأتي أبداً، بعد أن
كانت تأتي ساعة كل يوم أو كل أسبوع أو كل شهر على مدى ستة أشهر طوال الحرب.
وبالتالي ان كل يمني يقضي دقيقة واحدة في الظلام وزره على قرار التعويم ومن اتخذه
وطبل له ودافع عنه.
3-
قرار التعويم يعني تحويل شركة النفط إلى "سمسرة وردة": كل من يدفع قادر
على شراء وتوزيع وبيع الوقود ومشتفاته بالطريقة والسعر الذي يريد، وكما ترون فقد
تخلت شركة النفط كلياً عن دورها في تزويد المحطات العامة وشرعنت السوق السوداء
وصار يباع في المحطات، وتخلت عن مسئولياتها تجاه الكهرباء واحتياجات الناس للطاقة،
وانخرطوا في المال الحرام للسوق السوداء وبكل بجاحة يتحدثون عن الصمود!
(انظروا
إلى كشف حركة السفن والكميات المهولة التي فرغت خلال الأشهر الفائتة في الميناء
التجاري بالحديدة وفي رأس عيسى والذين تحولا إلى "فرزة" وكلما حاول
البنك المركزي ترشيد الاستيراد أجبروه بطرقهم على دفع قيمة الشحنات التي تكفي
لاحتياجات اليمن لستة شهور قادمة
بالمناسبة دعكم من تمثيليات الخلاف المصطنع بين
المطهر والضيعة والتبخر وبقية السفاسف....إلخ التي هي جزء أساسي من المعادلة
المختلة
هذا تحليل نشرته قبل شهور، في 22 فبراير 2016، انصح
بقراءته كاملاً من المدونة. وقد حذرت وقتها، وأحذر الآن، من استمرار انهيار أسعار
الصرف فرد "ملاقيف" الله بأنكم تبالغوا، وأنكم ترجو للشائعات من أجل
خدمة "العدوان"
(العدوان
الذي طلع أهل وجيران بالمناسبة!!)
**
حلول
في أغسطس العام الفائت كانت كل المعطيات تؤكد أن
انهيار العملة مسألة وقت.
قلت وقتها، محذراً وناصحاً، إن كان ولا بد من كارثة
التعويم على الأقل افرضوا 5 ريال على كل لتر يتم استيراده من قبل التجار لصالح
شراء مازوت وديزل لصالح مؤسسة الكهرباء يلصوا كم ساعة للناس ويشغلوا محطات الديزل
والمازوت.
قلنا لهم اعملوا لائحة تأهيل للشركات مش تاجر
ملاخيخ يتحول لتاجر نفط، والأهم أن يشترط على التجار فتح حساب في البنكي المركزي
يتم تغذيته من أرصدتهم من سويسرا ومن الخارج. لماذا؟
حتى لا يتم سحبها من السوق المحلية
وهذا ما حصل طوال ستة أشهر.
لقد دخلت اليمن خلال ستة أشهر أكثر من 300 ألف طن
وقود ومشتقات. أي نحو 400 مليون لتر. هذه الكميات تكلفة شراءها لو احتسبنا الوتر
بنصف دولار فقط وليس دولار فإنها كلفت 200 مليون دولار.
من أين وفرها التجار؟
من المريخ!
طبعا من السوق المحلية.. خاصة وأن البنك المركزي
غير قادر على تغطية الوقود بأكثر من 64 مليون دولار. واي زيادة تعني الأضرار
بمخصصاتها لتغطية الدواء والمواد الغذائية وتآكل الاحتياطي النقدي.
استمر التجار في سحب العملة الصعبة.
استمر استيراد الوقود والمنتجات النفطية دون ضبط أو
تأهيل أو لائحة تفسيرية.
استمر تآكل الاحتياطي النقدي.. وها هي النتيجة أمامكم.
الدولار يتخطى حاجز ال300 ريال وهذا ما حذرت منه دون جدوى منذ شهور.
منذ أكثر من عام حذرنا من مغبة وكارثية قرار
التعويم وانعكاساته المدمرة على المواطن اليمني على النحو التالي:
1-
على الاقتصاد والعملة: نتيجة سحب العملة الصعبة من السوق المحلية وعجز البنك
المركزي عن تغطية أكثر من 100 مليون لشراء الوقود (نصفها غطاها لمصافي عدن بعد
عودة هادي)، ونتيجة عدم وضع لائحة تفسيرية تنظم عملية الاستيراد وقرار التعويم،
حيث فتح الباب على مصراعيه للتجار، دون تأهيل للشركات، دون مواصفات وشروط، ودون وضع
ضوابط حماية للاقتصاد اليمني في ظل الحرب، من قبيل إلزام التجار على فتح حساب بنكي
في البنك المركزي يتم تغذيته من أرصدتهم في الخارج، وما أكثرها،، وبموجبه يمنح
الترخيص، وهو الأمر الذي تسبب في الضرر الأكبر على العملة الصعبة في السوق
المحلية.
2-
على قطاع الكهرباء (كان لتر الديزل والمازوت يباع مدعوماً من شركة النفط بـ40 ريال
لصالح مؤسسة الكهرباء وبموجب التعويم صار يباع بـ150 وحسب البورصة، بمعنى ان قرار
التعويم هو بالأساس قرار جرعة بامتياز) ولأن الكهرباء عجزت عن الشراء أوقفت
المحطات البخارية والديزل (المخا- راس الكثيب- حزير 1 و2 و3- ذهبان 1 و2 والقاع)
وهذه المحطات تنتج أكثر من نصف احتياج اليمن. لهذا من بعد قرار التعويم لم تعد
الكهرباء تلصى ولا حتى ساعة مثلما كان عليه الوضع في الشهور الأولى من الحرب.
3-
على شركة النفط كمؤسسة عامة تتآكل وفي طريقها للانهيار بسبب قرار التعويم وسياسة
وطريقة إدارة قيادتها الفاشلة. وللأسف أن هذا تزامن مع خذلان وتخلي النقابة
والمجلس عن دوره، وقبول قياداته بقرارات تعيين كانت للحرق، وكانت بمثابة رشوة
ايضاً.. والنتائج أمامكم.
للمزيد حول الموضوع
الاثنين، 22 فبراير، 2016
أسباب انهيار العملة (الريال اليمني) وكيفية
معالجتها
السبت، 28 نوفمبر، 2015
مجلس نقابات النفط يحذّر من جرعة سعرية ويلوّح
بالتصعيد خلال 48 ساعة!
(طبعاً
هذا قبل أن يتم تحييد وإسكات المجلس من خلال قرارات تعيين أصدرها مدير الشركة
لقيادته)
الجمعة، 30 أكتوبر، 2015
بالوثائق: السوق السوداء للوقود بوصفه صناعة رسمية
ضحيته المواطن اليمني
الجمعة، 6 أغسطس، 2015
لهذه الأسباب يبدو قرار تعويم المشتقات النفطية
ضرباً من أحلام اليقظة وبيع الوهم
الجمعة، 7 أغسطس، 2015
ملاحظات على قرار ما يسمى اللجنة الثورية (1)
الجمعة، 8 أغسطس، 2015
ملاحظات على ما يسمى قرار تعويم المشتقات النفطية
(2)
الجمعة، 9 أغسطس، 2015
حول ارتفاع أسعار صرف العملة وإغلاق ميناء الحديدة
الاثنين، 2 نوفمبر، 2015
السوق السوداء للوقود في اليمن.. كصناعة رسمية
الجمعة، 6 نوفمبر، 2015
اليمنيون كضحايا للتنافس بين الأسواق السوداء
للوقود
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق