مصوّر قناة آزال الزميل معْد الزكري يروي تفاصيل اعتقاله للشارع:
* سألوه عن علاقته بالصحفيين نايف حسان، محمد العبسي، الجمل، الأحمدي، أماكن سكنهم ومن يتواصل مع عبدالباري عطوان؟
* نام ثلاثة ليال دون بطانية على البلاط ومن أدوات التعذيب: دخول الحمام مرة واحدة في اليوم، معصوب العينين مع مسلح يرافقه ولا يسمح له بقضاء حاجته منفرداً!
* لم يسمحوا لي بارتداء ملابسي وأصرّوا على أخذ أخي الصغير 19 عاماً لأنه نزل لاستفسارهم عما يريدوه!
* لم يسمحوا لي بارتداء ملابسي وأصرّوا على أخذ أخي الصغير 19 عاماً لأنه نزل لاستفسارهم عما يريدوه!
من بين عديد جرائم وانتهاكات تعرّض لها صحفيون وناشطون يمنيون من قبل مليشيات الحوثي، منذ اجتياح صنعاء في 21 سبتمبر، تبدو قصة اختطاف وتعذيب المصوّر الصحافي معد الزكري أكثر إفصاحاً عن طريقة تفكير جماعة الحوثي (أنصار الله) ونظرتها إلى الإعلام، وطريقة تعاملها وجرائمها بحق المخالفين لها في الرأي، أو المشتبه بهم من قبل مليشياتها وجهازها الاستخباراتي.
عشية احتفالات العالم برأس
السنة الميلادية الجديدة كانت مدينة إب تُشيع جثث ضحايا التفجير الإرهابي وتتشح
السواد، وكانت صنعاء تتزين قسراً باللون الأخضر استعداداً للاحتفال بالمولد
النبوي، بينما كان المصوّر معد الزكري مُحتجزاً في زنزانة انفرادية، في مكان مجهول
من العاصمة صنعاء، ويتناوب على "استجوابه" وتعذيبه "مُحقّقون"
حوثيون، شديدو الغلظة، يحملون بطائق تعريف كُتب عليها بشكل بارز: محمد. وتحت اسم
النبي الكريم تعريف إضافي: (التدخل السريع)!
"للحظاتٍ اعتقدتُ أن
في الأمر سوء تفاهم أو خطأ غير مقصود"
قال معْد لصحيفة الشارع،
مترقباً بحُسن نية "لحظة دخول أحد القادة الحوثيين لتقديم اعتذاره الشديد عن
الخطأ غير المقصود بحقي"، غير إن أول شخص دخل بدا غاضباً وقال لمعْد آمراً:
"اعترفْ". أبتسم معْد، ذي الطبع البشوش والمحبّ للنكتة، ابتسامة
المتيقّن أن هناك لبساً وسوء تفاهم سرعان ما يزول، وقال لمحدثه بلطف: "بأيش
اعترف"؟ فوراً ركله المحقق الحوثي ركلة عنيفة في صدره أيقن معها أنه كان
ساذجاً بحسن توقعاته، وأنه قد لا يخرج من هنا عما قريب.
قبل ساعة من الركلة –يروي
معْد- "كنتُ جالساً في بيتي أنتظر وجبة عشاء تعدّها زوجتي عبارة عن بطاط حُمّر
(أكلة عدنية). أمامي فول سوداني وعلبة عصير بريز جزر، وكنتُ أتفرج بانهماك فليماً
هندياً بطولة كارينا كابور بقناة أم بي سي بوليود، والآن أنا في سجن انفرادي
وأتعرض للضرب. لم أستوعب ما يحصل". كانت التهمة الموجّهة لمعْد أنه (داعشي)،
وأنه ينتمي لتنظيم القاعدة بل وقيادي فيه، وهي تهمة لا يتولاها أو يحقّق فيها،
وكأنه امتياز، سوى أولئك الأشداء الذين يرتدون بطائق محمد "التدخل
السريع"، كأعلى الهرم الأمني داخل الجماعة، كما سيتبين له لاحقاً.
ومعد الزكري هو شاب في
مقتبل الثلاثينات من عمره، يعمل منذ سنوات مصوّراً صحافياً لدى قناة آزال الفضائية
المملوكة للشيخ محمد الشايف وحزب المؤتمر الشعبي العام. إلى جانبه، كان أحد أشقاءه
يعمل مُترجماً لدى القناة ذات التوجه المناهض للإخوان والإسلام السياسي. ومن
المفارقات أيضاً أن معْد الذي اشتبه الحوثيون بانتمائه إلى تنظيم القاعدة، أو
صِلته به، كان أحد طاقم تصوير الفيلم الوثائقي الذي أعددتُه وقدمته حول اختطاف
الأجانب في اليمن (لدي رهينة)، وبثّته قناة آزال قبل عام، ويدين محتواه بشدة تنظيم
القاعدة والاختطافات كسلوك إجرامي وإرهابي انخرط به، وتوسع فيه، الجيل الثاني من
التنظيم.
575 مكالمة لم يُرد عليها أغلبها من زوجتي
"حتى الآن لم أستوعب
ما حصل" قال معْد لصحيفة الشارع.
ويروي للصحيفة الأحداث
بشكلٍ تسلسلي: "في تمام الساعة الواحدة والنصف بعد منتصف ليلة الخميس وصلت إلى
تحت منزلي 5 سيارات (هيلوكس وصالون) كانت أصوات محركاتها عالية لدرجة أن معظم من
في الحارة سمعوا وصولها وتوقفها. كان على متن السيارات عدد كبير من المسلحين الذين
يحملون أسلحة اتوماتيكية متوسطه وخفيفة كما لو أنهم في مهمة إلقاء القبض على أسامة
بن لادن. قاموا بتطويق المنطقة وأرسلوا أحدهم
لمناداتي فنزل أخي الصغير معتز (19 سنة) وما إن نزل حتى قاموا بجرّه واقتياده إلى السيارة.
بعد لحظات نزلتُ فسألوني بكل أدبٍ: هل أنت معد؟ قلتُ ايوا قالوا مرحباً والتفوا
حولي وطلبوا مني الصعود إلى السيارة بطريقة توحي إما أن تصعد بأدبك وإما غصباً عنك
ففضلت الأولى".
اثناء التفجير الارهابي لمنزل السفير الايراني |
أوقفتُ استرسال معْد عند
هذه النقطة وسألته ما الذي كنت تلبسه وقتها؟ فسرّ وكأن السؤال جاء على الوجع.
قال إنه كان يرتدي فانيلة
نصف كمّ لنادي ريال المدريد، وبرمودا سروال إلى الركبة. هذا ما يلبسه في الليل عادة
دون أن يتوقع قدوم زوار آخر الليل، وما سيتعرض له من عقاب وتنكيل عبر أداة تعذيب
ابتكرها الحوثيون هي: البرد.
ويضيف: "طلبتُ منهم ونحن
أمام البيت أن يسمحوا لي فقط أن أصعد إلى البيت لأرتدي ملابسي وأخبر زوجتي فقالوا
إن الأمر لا يستدع، وأنهم يريدون مني التعرف على شخص معتقل في قسم الشرطة قالوا إنه
زعم أنه يعرفني. لم استسغ إصرارهم على أخذ أخي ذي 19 عاماً معي. وتبين لي لاحقاً
أنه لم يريدوه في شيء. فقط لأنه نزل (قسمه وصل) وحتى يكون أداة ضغط وليّ ذراع
لاعتقادهم أني سأكون أكثر تعاوناً بوجوده هنا وخشيتي عليه.
بعد أن صعد الأخوان إلى السيارة
اختفى اللطف المتصنع فجأة، وما كان قسم شرطة معروف صار مكاناً مجهولاً ولا يُراد
لهمت معرفته، فقاموا بعصب عينيهما وهما في طريقهما إلى مكان الاعتقال الذي خمّن
أنه في الروضة من أصوات هدير المروحيات والطائرات (وقد يكون في الفرقة).
لم يقاوما. قبل عصب
عينيهما قال معْد "لاحظت أن المسلحين داخل السيارة مستنفرين ويمسكون بالبنادق
بشكل متعمد يضمر التهديد على طريقة الأفلام المصرية (أي حركة عضرب بالمليان)،
فاستسلمت ولم أقاوم أو أطرح أي سؤال".
سألته ما الذي قاله لزوجته
لحظة نزوله وهل كان يحمل هاتفه؟
"نزلتُ وهي تقول فين رايح؟ قلت لها خلينا أشوف أيش في. كان معي جوال
واحد، والثاني كان يشتحن في البيت في وضع صامت. لما رجعت البيت بعد الاختطاف حصلت
عشرات الرسائل، و575 مكالمة لم يرد عليها أغلبها من زوجتي، كانت تتصل بي تحسب الجوال
معي ولم تنتبه انه في البيت".
ليس لدى معد أولاد. ابنه
الأول مات. ويقسم لي بالله إن زوجته قالت له قبل نصف ساعة من قدوم (بوليس الحوثي)
إنها راحت مع عمتي وعملت فحص حمل وتبين والحمد لله اليوم أنها حامل. كنت مسروراً
بهذا الخبر" لكن لم يتح له الوقت الكافي للانتشاء به.
صيحات أشخاص يتعرضون للتعذيب
في الوقت الذي كانت
الألعاب النارية تضيء سماء صنعاء، وكانت الحفلات الإنشادية تقام في صنعاء القديمة
احتفالاً بذكرى مولد رسول الرحمة، كان معد يتعرض لأبشع وأقذر أنواع التعذيب. ليس
التعذيب المادي والجسدي ممثلاً بالضرب والاعتداء، وإنما بأسلحة أخرى أشد فتكاً،
وأكثر قدرة على إحداث ضرر نفسي. مثله العشرات ممن لم تصلنا أخبارهم ولم يتشجع
ضحاياها من البوح بها إلى وسائل الإعلام بسبب مخاوفهم وتهديدهم من قبل الجماعة.
ما إن وصل الأخوان إلى
"أوشفيتز" الحوثي، أو معتقله، حتى تم التفريق بينهما: "تم إدخالي في
غرفه انفرادية وأخي في غرفة وحدها". وكان ذلك في الساعة الثانية من فجر يوم
الجمعة الموافق 2 يناير ثاني أيام السنة الجديدة. ويضيف: "كنت هناك أصوات
صراخ تتنامى إلى مسامعي لأناس لا شك أنهم كانوا يتعرضون للتعذيب".
وعن أسئلة محققي الحوثي
يروي معْد: "بعد ساعة من بقائي في الغرفة دخل الشخص الذي سدّد لي ركلة بصدري
وطلب مني الاعتراف. أعادها أكثر من مرة ويقول اعترف، وأرد عليه بماذا اعترف؟ قال: أين
القيادي الذي عملت معه لقاء وجاءت لنا معلومات انه متواجد في منزلك؟ فقلتُ له هذا القيادي
التقيت به كإعلامي في محافظة إب وقمت بإعداد وتصوير تقرير تلفزيوني قصير عن القاعدة
أثناء سيطرتها على المنطقة وتناقلته وسائل إعلام خارجية عديدة (هو يقصد تقرير
تلفزيوني -نشرتُه شخصياً في مدونتي وقتها- أعده وصورّه معد الزكري ونشر في قناة
آزال ولم يكن سرياً إثر سقوط العدين في قبضة تنظيم القاعدة، وكان إلى حد كبير
منضبط مهنياً حيث أخذ تعليقات من مواطني وسكان العدين وخشيتهم من تمدد الصراع
وتضررهم، إضافة إلى تعليقات سريعة من ملثمين تابعين للقاعدة، مختتماً التقرير بالتساؤل
عن وجود الدولة وخطورة إدارة ظهرها لهذه النزاعات http://www.youtube.com/watch?v=cZNun0h1_Fc)
ويواصل الزميل معد
الاستطراد حول أسئلة المحقق الحوثي: "قال لي كيف وصلت لهم أكيد أنت منهم، أخبرته
أني لم أكن وحدي وجاء بعدي بأيام صحفيين وقاموا بالتغطية مثلي. قال لكن تغطيتك غيرهم.
قلت له صدفة وتوفيق استثمرتها لتحقيق ما يسمى "سبق صحفي" فهمّ بركلي ثم
تراجع.
ويكمل: "سألني عن مقالاتي
وما أنشره على حائطي في فيسبوك، فقلتُ له إنها تعبر عن رأيي الشخصي المستنكر لبعض ما
يحصل من المليشيات الحوثية. ثم سألني عن مؤتمر وزير الدفاع في العرضي، قلت له أنا مصوّر
وإعلامي في قناة معروفة توجهاً ومن تتبع، ولديها عدة مصورين يتم تكليف كل واحد منا
بعمل من قبل المدير وقد تم تكليفي من قبل إدارة قناة آزال يومها بتغطية مؤتمر وزير
الدفاع وليس بمقدوري أن أكلف نفسي بنفسي، والمؤتمر حضره مراسلون وصحفيون من كل
القنوات والصحف، ومعظم المادة التي سجلتها كانت لقاءات وأخذ تصريحات صحفية من أسر
شهداء مجزرة العرضي (طلبتْ مني إدارة القناة أن أعد في ذكرى العرضي فيلماً
قصيراً وأجري لقاءات مع أسر الضحايا، إلى جانب ما سجّله معْد في اليوم السابق
لمؤتمر وزير الدفاع، غير إني اعتذرت في اللحظات الأخيرة لظروف طارئة، ومعظم لقاءات
وأحاديث اسر الضحايا نشرت في القناة وهي على قناتها في يوتيوب).
سألوه عن عدة صحفيين ونشاطهم وأين يسكنون؟
"غادر المحقّق الأول
وجاء آخر بعد ساعات" قال معْد للشارع. "سألني نفس الأسئلة ورديت عليها
بنفس الإجابات، عندها قالوا لي صراحة هكذا باتتعب وبانتعبك".
ومن بين أسئلة المحققين
الحوثيين المقلقة للغاية، أسئلة تتعلق بالعديد من الصحفيين وأماكن سكنهم وأنشطتهم،
يروي الزميل معد الزكري لصحيفة الشارع: "سألوني عن بعض الصحفيين وكان ردي لهم
أن وضعهم مثل وضعي، والصحفي يتعامل مع معلومات ولا يحمل بازوكة ولا حزام
ناسف".
ويضيف: "سألونا عن نايف
حسان، عنك (محمد العبسي)، عن عبد الرزاق الجمل، عن الأحمدي، هل لي علاقة مع عبد
الباري عطوان ومن من الصحفيين اليمنيين يتواصل معه مباشرة؟ هل عبد الإله حيدر يمارس
نشاطه وعلاقته مع ناس في تنظيم الدولة الإسلامية داعش؟ قلت له كل الصحفيين هؤلاء
زملاء وكتاب معروفين وعلاقتي بهم علاقة صحفية وأتوقع إن كل مصادرهم صحفية. سألونا
أين بيوتهم قلت له ما اعرف ولا بيت احد.
سألونا هل لديّ صور
وتسجيلات لمعسكرات القاعدة يجب أن أشاركها معهم بحكم إني عملت بعض اللقاءات مع
قيادات صف ثاني وربما ثالث في التنظيم (يقصد المسلحان الملثمان في العدين).
سألته ما إن كانوا قد أتوا
على ذكر اسم نبيل سبيع فقال نعم. "نبيل وحمدي البكاري قالوا إحنا حذرناهم وبدئوا
التعاون" وهذا أسلوب أمني رخيص لإيهام من يخضع للاستجواب أن هناك متعاونين،
وبأهمية اسمين كالزميل حمدي مراسل الجزيرة، والصديق نبيل الذي يعد أعلى الأصوات
الصحفية في اليمن نقداً للحوثي كجماعة وزعيمها.
وأخيراً أتوا على ذكر
"اسم صحفي اسمه سامي،، للأسف لا أتذكر، قالوا هذا "نشتيه"، قلت له
سامي غالب أم سامي نعمان؟ فقال ما ادري والله، كنت أخضع لضغط ومرهق ومتعب نفسياً
ومشوش وفاتتني مع كل ما سبق أمور كثيرة".
أكل أظافر قدميه ويديه خشية التعذيب بالملقط!
سألت معد الزكري عن أكثر شي
كان يفكر به أو يخشاه، وبدا جوابه نابعاً من صميم قلبه وكأنه قد فكّر به كثيراً. قال:
" أكثر شي كنت أفكر به متى بيدخلوا عندي بعد الرجال الذي اسمع صراخه وبكاءه
وهو يصيح يا اماااااااه".
وزاد: "فكرت كثيراً
في زوجتي وقلقها. أحياناً كنت أحس أنني سأخرج وكلها مسالة وقت. وأحياناً العكس،
خاصة أن أحد المسلحين الحوثيين قال لي بالحرف إن "السيّد شدد على محاسبة كل من
له يد في صد المسيرة القرآنية" وكم تبدو كلمة صدّ مائعة وحمالة أوجه.
أكثر شيء قام بع معد في
زنزانته أنه عدّ بلاطات الغرفة مئات وربما آلاف المرات. عدد البلاطات في غرفتي
(قال غرفتي!) هو 332 بلاطة. قلتُ له إن الرقم كبير جداً. فقال إنه متأكد تماماً.
فهو كان محتجزاً في غرفة يبدو واضحاً أنها كانت ديوان (مقيل) كبير جداً، وفيها 6 شبابيك
كبيرة مغلقة ببلوك".
أما أسوأ ما مر به حسب
اعتقاده هو قيامه بأكل جميع أظافر يديه وحتى رجليه أعزكم الله (قالها وههو يضحك) بسبب
الرعب الذي بثه في نفس صوت الشخص الذي يبكي، وحتى "ما يلاقوا طرف يمسكوه بالملقط
ينتفوه" حسب قوله.
القائمة المفضلة لعقوبات السجانين الحوثيين!
بعد تردد أكثر من محقق، ويأسهم
من انتزاع أقوال أخرى غير التي أدلى بها، قرروا معاقبة مصوّر قناة آزال بأدوات
تعذيب "طبيعية" لم يخطر ببال معد، ولا أي من نزلاء "أوشفيتز"
الحوثي، قرروا إخضاعه للعقوبات التالي:
1- عقوبة البرد:
كان معْد يرتدي فانيلة
رياضية نصف كمّ، وبرمودا سروال إلى الركبة، وكإجراء عقابي تم حرمانه من البطانية،
أو أي ملابس، لأنه "لم يعترف ولم يبد متعاوناً".
قال معْد بشيء من خفة دمه
إنه كان ينظر إلى فانيلة ريال المدريد التي يرتديها ويتذكر أن الريال بطل، وأنه هو
الآخر بطل مثل الريال فيواسي نفسه قليلاً.
يقول عن ذلك: "ثلاث
ليال من شتاء صنعاء القارص، كنتُ أمتد على أرض باردة، في غرفة واسعة جداً ليس فيها
أي وسائل تدفئة. وأضاف بشيء من الكوميديا والتلذذ في الاستذكار: " كنت لابس جَرَم
رياضي من النوع الذي يشتدّ، فلما أحس بالبرد عند رجلي وساقي أتكوم وأشده بحيث أغطي
أكبر مساحة من رجلي. شويه وأشعر بالبرد في رقبتي وأذني وحول رأسي فأشده إلى
الأعلى. في الأخير تقرفصت مثل الضفدع قدر المستطاع وبقيت أطول مدة هكذا. ما دفيت
نفسياً وجسدياً إلا لما عرفت بعد يومين أن أخي لديه بطانية وأنه لا يتعرض للعقوبات
التي تعرضت لها".
2- عقوبة وجبة واحدة في اليوم والحمّام لمرة واحدة:
وقال معد للشارع إنه تمت
"معاقبتي بعدم دخول الحمام إلا مرة واحدة في اليوم، إضافة إلى وجبة طعام لمرة
واحدة في اليوم". ويعلق قائلا: "كانت
هذه العقوبة أشد تنكيلا". أما بالنسبة لأخيه فقد حصل على وجبتي طعام في
اليوم".
وبشيء من الخجل السلبي يعترف:
"هل تصدق أني أمسكت ولم أقض حاجتي طوال أكثر من 60 ساعة قضيتها في المعتقل"!
المزعج أنه يتم عصب عيني
جميع المختفطين (حتى لا أقول المعتقلين) أثناء خروجهم من غرفهم إلى الحمام الذي لم
يتسن لأي منهم معرفة شكله باستثناء أنه نتن. لكن الأكثر إزعاجاً وما لا يطاق، أنه يوجد
دائماً معي مرافق حتى في ذهابي إلى الحمّام من حراستهم بجواري يأبى المغادرة، هو
يشاهد بينما أنا معصوب العينين.
و"بعدين"
"ولا شيء"
أصررت أن يكمل المحادثة
التي دارت في أول ذهاب له إلى دورة المياه، فقال: دخلت الحمام وظللت واقفاً
وامتنعت، فقال لي الحارس "يلاه اقطب واقضي حاجتك فقلتُ له طيب أشتي أحلّ السروال
قال عادي! قلت له كيف عادي؟ ما سويت شي. مسكت نفسي وقلت له جاء لي إمساك وخرجت،
وفكرت فيما ربما يتم تصوير البعض لابتزازهم وتهديدهم في حال فكروا الحديث إلى
الصحافة".
3- رش النائم بالماء البارد من اجل صلاة الفجر:
عانى معْد مثل كثير من
نزلاء من قلة ساعات النوم. لكن أوسخ والعن عقوبة تعرض هي دلقه بالماء البارد
والمتسخ مرتين أثناء نومه في عز الفجر.
يروي معد: "أنا من النوع
- استغفر الله قالها مرتين- الذي أفوّت الصلاة وأقطعها فترات. وفي اليوم الأول
والثاني على التوالي كان يدخل الفجر أحد الحوثيين ويطفشنا بماء بارد أقوم أصلي
لكني شعرت بارتياح شديد أثناء وبعد الصلاة، لدرجة أني قلت لهم إني شعرت بارتياح
وقرب من الله وغالبتهم من حق صعدة بالمناسبة فقالوا الله يهديك.
أنتَ ضيف النبي، وممتن كثيراً على السجائر
أمران فقط تذكرهما معد
بشيء من الارتياح والامتنان حين سألته عن ذكرى أو موقف طريف. وهو أن الحوثيين
سمحوا له بالتدخين من اليوم الثاني. قال معْد: "الحلو إنهم من حق صعده بدو
وفيهم عفوية. أول يوم مر علي دون تدخين، ثم ثاني يوم كانوا يعطونني على حبتين
حبتين سيجارة. المشكلة إني شربت كل أنواع السجائر و"نخعت" صدري. شربت كل
أنواع السجائر: حبتين غمدان، حبتين روثمان، حبتين لاكي، وسجائر انقرضت من 13 سنة هههههههه"
الموقف الآخر حصل مع أخي
وحكاه لي فيما بعد. فقد سألوا أخي هل أنت فرحان اليوم؟ قال لهم ليش؟ قالوا له أنت ضيف
النبي. قال لهم ليش النبي وصل عندنا؟ في أي غرفه هو. لكنهم لم يعاقبوا أو يغتاظوا
من تعليقي بخلاف لو صدر التعليق هذا مني".
في اليوم الثالث اخبروني في
تمام الساعة العاشرة مساء أني سأغادر اليوم. جاءت لجنة من الحوثيين كان واضحاً
أنهم من القادة وأخبروني انه حصل اشتباه وسوء تفاهم وأنهم يعتذرون. وقالوا نتمنى أن
نتقارب وتخف علينا وتترك البحث في أمور التكفيريين، فنحن أبناء وطن، ويجب أن تتعايش
مع الشعب والشعب يتعامل مع الجهة المسيطرة (أي هم). وبعدها مباشرة أفرجوا عني وتم إيصالي
إلى حي قريب من منزلي. تعرضت لرضوض وبعض الركلات وبرد قارص وحالة نفسية لا أحسد عليها
بسبب وضعي في زنزانة انفرادي. أبلغت الجهات الحكومية فقالوا لا نستطيع أن نعمل أي بلاغ
ضد الحوثيين يجب أن يكون بلاغك عبرهم!
أشكر كل زملائي وإدارة
قناة آزال وموقع براق شنت وجميع الزملاء في الوسط الصحفي على تضامنهم معي ووقفتهم
معي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق