اليوم استعدتُ واحدة من أكثر عادات طفولتي ومراهقتي
-وشيخوختي إن شاء الله- حميمة وقداسة. الاستسلام الكلي للمطر. صيف 2012م كانت آخر مرة مشيت لساعات تحت الأمطار
الغزيزة، على هذا النحو من الاسترخاء والانفتان والتوحد لدرجة ان من يراني يحسبني
من أولئك الذين يمشون وهم نائمون.
وددت لو ملأت جيوبي بالبرد
وددت لو كنت في مزرعة فأتحنّى بالطين
وددت لو كنت قطعة زنك لأصغي جيداً لوقع قطراته
وددت لو تخرج المدينة لاستقبال المطر بالصحون
والطيسان
وددت لو تمددت في وسط الشارع محدقاً في أضواء
السيارات الساطعة
وددت لو أن الحياة تتوقف لدقائق، كما في الأفلام
بضغطة زر، لأختلي بالمطر
هطل المطر بغزارة فجأة وأنا في تقاطع جولة عشرين
هائل فلم استطع مقاومة إغراء الفكرة.
أغلقت أزرار المعطف، وصرفت نظر عن مشوار كنت ذاهباً إليه. استدرت مغيراً وجهة سيري الى نهاية شارع هائل ثم الزبيري، وصولا الى التحرير فالاذاعة ثم العدل وكنت لأطول المسافة لو لم تتوقف الأمطار عن الهطول.
أغلقت أزرار المعطف، وصرفت نظر عن مشوار كنت ذاهباً إليه. استدرت مغيراً وجهة سيري الى نهاية شارع هائل ثم الزبيري، وصولا الى التحرير فالاذاعة ثم العدل وكنت لأطول المسافة لو لم تتوقف الأمطار عن الهطول.
لم أترك ميزاب مياه على طول شارع الزبيري إلا ومررت
برأسي من تحته.
الناس تتجنب تلك المياه الطينية القذرة وأنا أتلذذ
بها وأتطهر.
البشر من ماء مهين أما المطر السماوي فطهوراً
غدقاً.
يا إلهي ما من شيء يمنحني الأمل، وينعش، ويجدد
رغبتي في الحياة مثل المطر. أنا عبد المطر. أنا عبد رب المطر.
أمطر
ليس من أجلنا
وإنما من أجل النمل
من أجل مواشي الفلاحين
لأفاعي القرى إذ يدفعها العطش
الى الخروج من مخائبها بحثا عن الريّ
من الدم.
إنها تمطر. هذه لحظة إتصال جنسي تعبدي بين السماء
والأرض.
سلام على الزرقاء
تصبحون على مطر
تبعثون على مطر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق